18 ديسمبر، 2024 10:09 م

الدين والأخلاق والمجتمع

الدين والأخلاق والمجتمع

صار يقينا لدى الكثيرين بأن الدول التي تكثر بها الجوامع والحسينيات ودور العبادة وتقام بها خطب الجمعة ويكثر فيها رجال الدين ، وفيها وتقودها أحزاب أسلامية ، وترفع من الدين شعارا لها ، ليس بالضرورة أن تكون مجتمعاتهامثالية ، سليمة خالية من المشاكل والأزمات والتناحراتوالصراعات السياسية ، وحكوماتها نزيهة وغير فاسدة وتحكم بالحق والعدل والمساواة بين الناس ، والأدلة والشواهد كثيرة على ذلك.، فعلى سبيل المثال ، هل المجتمع السعودي مجتمعا مثاليا خاليا من كل ما ذكرناه آنفا ،بأعتبار أن الكعبة بيت الله توجد هناك؟، وأن نظامها السياسي هو نظام أسلامي يعتمد القرأن والسنة وتطبيق الشريعة الأسلامية في الكثير من أحكامه ، الجواب كلا!! .مثال آخر ،  هل المجتمع المصري مجتمعا مثاليا خاليا من أية فساد ، لأن مصر يطلق عليها بلد الألف مأذنة لكثرة جوامعها ودور العبادة فيها !! ، وفيها مؤسسة الأزهر الدينية التي تخرج سنويا المئات من رجالات الدين ، الجواب كلا ومع الأسف !؟ ، ونفس الشيء يقال عن العراق ، فهل مدينة النجف هي المدينة الفاضلة والذي يفترض أن تكون كذلك! ، لأنها تحتظن مرقد (الأمام علي أبن أبي طالب، عليه أفضل السلام رجل الحق والعدل والمساواةوالأنسانية والفقه والعلم والمعرفة) ، وهل المجتمع النجفيمجتمعا مثاليا خالي من أية فساد ويعيش أهله بسلام ومحبة ووئام وبلا فرقة ، الجواب كلا ومع الأسف!!؟ ، ونفس الشيء نقول عن مدينة كربلاء التي تحتظن قبر سيد شهداءأهل الجنة الأمام الحسين عليه أفضل السلام ، فهل أن مجتمعها مجتمعا مثاليا خاليا من المشاكل والأزمات و و و و ؟ الجواب كلا ومع الأسف!!؟. أذاً نخلص مما ذكرناه بأنهليس بالضرورة أن تكون المجتمعات سليمة ومعافاة بكثرة الجوامع ودور العبادة ورجالات الدين والأحزاب الأسلامية ، بل تكون على العكس تماما في كثيرمن الأحيان! . أن المجتمعات الأوربية الناهضة السليمة والمعافاة من أية أمراض أجتماعية والخالية من الأزمات والمشاكل السياسية والفساد ويسودها العدل والحق والمساواة ،والتي طالما تكون محط أعجابنا وأنبهارنا بها! ، أن هذه المجتمعات لا تتخذ من الدين أيا كان ذلك الدين ، شعارا وعنوانا لها في حياتها ، بل اتخذت من الأخلاق والتربية وغرس القيم والمثل الأنسانية العليا ، أساسا لبناء الأنسان والمجتمع ، بعيدة كل البعد عن موضوع الدين وشعاراته . ولنأخذ اليابان التي تعد نموذجا أبهر العالم في موضوع تربية الفرد الياباني على أسس الأخلاق والقيم الأنسانية ،قبل أن تبهر العالم في تطورها في كل مجالات العلوم والمعرفة حتى بات يطلق عليها ( الكوكب الاخر) ، هذه اليابان تبدأ بتربية الفرد الياباني منذ نشأته ثم الى دخوله المدرسة على موضوع الأخلاق دون الأهتمام بموضوع الرسوب والنجاح في بقية الدروس ! في حالة غريبة عن كل المجتمعات العالمية الأخرى ، حيث يظل الفرد الياباني ومنذ الصف الأول الأبتدائي ، وحتى صف الثالث المتوسط! يتعلم ويدرس الكتب التي تتحدث وتعّلم الأخلاق وبكل تفرعاتها وتفاصيلها فقط !! ولا غير ذلك ، وهذا لا يعني أنهم لا يدرسون العلوم الأخرى ، بالعكس فهم يدرسون كل شيء ،ولكن التركيز يكون على موضوع الأخلاق فقط! ، حيث تعتبرهي الأساس والمعيار في النجاح!! . وهنا يبرز سؤال المقارنة القائم والمعتاد دائما : أين الخلل في ذلك بالمقارنة بين مجتمعاتنا العربية والأسلامية وبين المجتمعات الأوربيةغير الأسلامية ؟ هل الخلل فينا نحن كشعب وأفراد ؟ ام الخلل بالحكومات التي تحكمنا وتقودنا ؟ أم الخلل بالحكومة والشعب معا ؟ بأعتبار أن الناس على دين ملوكهم؟! . أخيرا نقول: ان الرعية بالراعي أن صلح الراعي صلحت الرعية ولا دخل للدين في ذلك.