23 ديسمبر، 2024 8:50 ص

الدين مؤسس أم هادم للأخلاق 2/2

الدين مؤسس أم هادم للأخلاق 2/2

نعم الأديان تدعو للصدق والعدل والعفو والتسامح والعطاء والتواضع وحفظ الأمانة، وتنهى عن الكذب والظلم والعدوان والبخل والتكبر، وغيرها. لكننا لو تأملنا بدقة في النصوص (المقدسة) لتلك الأديان والمنسوبة إلى الله، سواء كان منها ما هو نص (إلهي)، أو ما كان تفسيرا أو تأويلا، بقطع النظر عما يمثل إجماعا أو يكون مختلفا فيه بقدر أو بآخر، نرى أن كل دين من هذه الأديان على الأرجح وعلى الأعم الأغلب، يحرم التكبر على المؤمن، أي المؤمن بذلك الدين، ويحرم غيبة المؤمن، ويحرم السخرية من المؤمن، ويحرم الكذب على المؤمن، بل ويحرم قتل المؤمن. وهنا أذكر ما كتبه يهودي ألماني علماني في مقالة له في دير شپيگل الألمانية، ذكر فيها إن من يعتقد أن الدين اليهودي يحرم القتل عموما، حيث كانت إحدى الوصايا العشر «لا تقتل»، فهو واهم، لأن حرمة القتل تعني حرمة قتل اليهودي خاصة، وهكذا في الإسلام «من قتل مؤمنا [أي مسلما] عمدا»، وهذا ما فصلته في بحث خاص، لأني أعلم أنه سيرد عليّ بإيراد الآيتين «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا» و«لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق»، حيث الاستثناءان من حرمة القتل بعبارتي «أو فساد في الأرض»، و«إلا بالحق».

لكن مشكلة معظم المتدينين الذين يعتقدون أو يدعون أنهم وحدهم متحلون بالأخلاق، أما الغرب، فعديم الأخلاق، بل المسلم غير المتدين، بل حتى المتدين العلماني على قلتهم، فهؤلاء كلهم عديمو الأخلاق. السبب أنهم اختزلوا الأخلاق فيما بين الفخذين، المنعوت قرآنيا بالفرج وجمعه الفروج، للرجال وللنساء. ولكون غير المسلم المتدين لا يحرم على نفسه الزنا، والذي يصفون به كل علاقة جنسية من غير عقد زواج شرعي، فمثل هؤلاء إذن عديمو الأخلاق. لكن لو كذب المؤمن (المتدين) أو غشّ، أو زوّر، أو احتال، أو ظلم، أو اعتدى، فلا يقال عنه أنه عديم أو سيئ الأخلاق.