العلاقة بين الدين والسياسة متناقضة تماما , فلا يمكن لدين أن يكون سياسيا على الإطلاق , وإلا فهو ليس بدين , لأنه يتعلق بمهارات إدارة العقائد وتنفيذ الشرائع وفقا للتفسيرات والتأويلات التي تتصل بها , والسياسة تتصل بمهارات تحقيق المصالح.
العقائد جامدة عمياء , والمصالح متلونة مراوغة ممعنة بالخداع والتضليل والأكاذيب , للوصول إلى غاياتها والإيقاع بخصمها.
ولهذا فأن الأحزاب والفئات التي تسمي نفسها دينية تتسبب بتداعيات مريرة في المجتمعات التي تمتهن فيها السلطة أو الحكم , لأنها لا تعرف شيئا في السياسة , ولا تفهم في المصلحة , بل وتنفي وجود كل شيئ سوى ما تعتقده وتراه , فترمي بالأحوال إلى ميادين التصارعات الدامية , والخراب الشامل.
والقول يأن هذه الدولة مسلمة وستتعامل مع الدولة المسلمة المجاورة لها برحمة وأخوة ورأفة وجيرة سامية , نوع من الهذيان , فلا توجد دولة تدين بذات الدين قد تفاعلت بموجب ذلك مع الدولة الأخرى , والأمثلة في دول أوربا وما خاضته من حروب طاحنة معروفة.
وفي المنطقة تجد الدول المسلمة تتكالب على جيرانها المسلمة وتفتك بها فتكا شرسا وقاسيا , وفقا لأجندات مصالحها البحتة المجردة من أي دين , فما يجري تفاعلات غابية قاسية متوحشة تريد فرض القوة والهيمنة والتحكم بالمصير والإستحواذ على الثروات , وإبعاد سوح الحروب عن الأرض الوطنية , وبموجب ذلك تتحول الأرض العربية خصوصا في العراق وسوريا إلى مصدات واقية لمنع الحروب على أراضيها , فليتدمر العراق وسوريا , ولتنجوَ الدولتان الجارتان المسلمتان من ويلات الحروب.
وسياسة الدولتين وفقا لإرادة المصالح هي عين العقل , فالحريص على بلده يبعد عنها الحروب والويلات , والذين لا يعترفون بموجود وطن وفقا لعقائدهم السقيمة يهللون لهذا السلوك , فوطنهم عقيدتهم , وقد تسيدوا وتسلطوا وقدسوا الفساد والرذيلة , فماذا يريدون أكثر من هذا , وهم الغانمون والناس مغيبون!!
والبلاد والعباد إلى حيث قد وصلت!!