23 ديسمبر، 2024 7:41 ص

الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية 1/3

الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية 1/3

نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).
ليأذن لي القراء الأعزاء بهذه المقدمة، التي وضعتها لمن لم يقرأ جميع مقالاتي المنشورة حتى الآن.

كإلهي لاديني، ألتقي كما سبق وبينت، مع اللاإلهيين – أي الملحدين -، ومع عقلاء الدينيين، على قاعدة ثنائية العقلانية والإنسانية. هنا كلامي عن الفريقين اللذين يمثل كل منهما من جهة ما الضد مما أتبناه، فالديني هو الضد من اللادينية التي أعتمدها من جهة، واللاإلهي (الملحد) هو الضد من الإلهية التي أعتمدها من جهة أخرى.

وقبل أن أسترسل، أحب ان أبين أني سأستخدم [هذه المرة] غالبا مصطلح (اللاإلهي) للـ (Atheist) و(اللاإلهية) للـ (Atheism)، بدلا من مصطلحي (الملحد) و(الإلحاد).

وأضيف شيئا هنا، أوحت إليّ به بعض الردود. شخصيا أجد قاعدة (اللادينية العقلانية) هي القاعدة التي ألتقي عليها مع فريق من الإلهيين، ومع فريق من اللاإلهيين (الملحدين). وقلت العقلانية ولم أقل العقلية [أو العقليات]، لأن العقلية قضية معرفية نظرية، تمثل منظومة قوانين وقواعد، كما للرياضيات قوانينها، وكما للنحو، وكما للفيزياء، وغيرها من العلوم أو (المعارف)، بما هو أشمل من العلوم. بينما العقلانية هي أقل صرامة في قانونيتها، فهي قواعد يعتمدها عادة العقلانيون، تكون أقل ثباتا من القواعد العقلية. وهنا يجري الكلام عن العقل العملي، مقابل العقل النظري، أو ما يسميه البعض بالحكمة، ولو إن الحكمة استخدمت أيضا أحيانا بمعنى الحكمة النظرية المساوقة للعقلية التي أعنيها. أما العُقلائية فهي الدرجة الأضعف في الثبات، لأن ما يقبله أو يرفضه العقلاء، وما يحبذونه أو يستهجنونه، في زمان ما، هو غير ما يتخذ منه نفس الموقف عقلاء زمان أو مكان مغايرَين. العَقلانية إذن هي الدرجة الوسطى فيما هو الثابت والمتغير، ما بين العقلية والعُقلائية.

أحد الكتاب المحترمين راح يُسفّه ويُسخّف ما كتبته عن العقلية، مستخدما نفس أساليب الدينيين في النهج التكفيري الذي يستخدمونه، فهنا نستطيع أيضا أن نتكلم عن نهج تخطيئي بالمطلق، يقترب من النهج التكفيري.

وهذا الذي جعلني أكتب عن (الدينية) عند الدينيين الإلهيين، والدينيين اللاإلهيين. فكلاهما يستخدم نفس الخطأ في دعوى احتكار الحقيقة المطلقة والنهائية، بينما اللادينيون العقلانيون، سواء كانوا إلهيين، أو لاإلهيين، يلتقون رغم التناقض فيما يتعلق الأمر بوجود الله أو عدم وجوده، بأنهم لادينيون، أي لامطلقيون، بل نسبيون. الدينية عندي التي أقصدها هي مساوقة للمطلقية، واللادينية العقلانية مساوقة للنسبية.