كثر الحديث عن الديمقراطية منذ سقوط النظام السابق وكيفية تحقيقها على انقاض دولة قد تلاشت وقيم قد تراجعت وتناقضات قد ظهرت ، وزادها ( برايمر ) ليدق اسفين الفرقة بين مكونات الشعب من خلال ابتكار المحاصصة واعتبار الطائفية منهجاً في ادارة الدولة وسلوكاً مستداماً في نفوس من تبوأ مراكز السلطة والقرار في مفاصل الدولة . واضحى التشبث بالفروق الصغيرة الموجودة بين المكونات الاجتماعية والدينية هي المدخل لاغتيال الهوية العراقية ، فضلاً عن بلورة مفهوم جديد هي ( الهويات الفرعية ) والتي طغت على الهوية العراقية الموحدة . وباتت الطائفية السياسية كابوساً مرعباً وسلوكاً غير مستاغ من قبل الشعب حتى بعد مرور عقد من الزمان ، بالرغم من وجود الفسيفساء الاجتماعي المتنوع والذي يريد ان ينتقل من دائرة الانتماء الصغرى ( الطائفة – المذهب – القومية ) الى الدائرة الكبرى ( الدولة ) والوطن الا انه يصطدم بمواقف سياسية متلونة تريد لمصالحها التنامي والظهور والهيمنة ، فتراها تتشبث بديمقراطية ( مسلفنة ) جاءت على ظهور دبابات الاحتلال الامريكي لتُعلن عن دخول العراق عصر الديمقراطية ، واستبيحت الديمقراطية الحقيقة التي كنا نحلم بها سواءاً كانت مبادىء او اداة واضحى الشعب ينظر اليها الا في خطابات الساسة واتفاقاتهم ، وباتت المعايير المزدوجة واضحة في تصرفات وسلوك الساسة في كيفية تحقيقها مما شوه صورتها الناصعة . وبقي تباين الساسة في رؤيتهم للديمقراطية ، فالليبراليون والعلمانيون ينظرون اليها كمبادىء تعمق القيم الانسانية ، اما بعض الاسلاميين فيؤكدون على انها اداة لتحقيق الاهداف وليس مبادىء وحجتهم في ذلك يفوز بالانتخابات من هو لا يحمل قيم وبالتالي يكون بعضهم من الفاسدين والمفسدين فلو كانت مبادىء وقيم لما فاز هؤلاء و تبوأوا مراكز السلطة والقرار وادارة وتمثيل ناخبيهم . نعتقد ان التجربة العراقية تعاني من الهشاشة وضعف ركائزها السياسية وعدم ترسيخ مفاهيم المسؤولية الاجتماعية في نفوس وضمائرالافراد للتعامل مع الحياة بمنطلق المسؤولية . امام هذه المعوقات وتعامل الساسة ونظرتهم للديمقراطية من باب المصلحة والنفعية الضيقة يسير الشعب عكس التيار و بالتالي تتعارض اهداف كل طرف مع الطرف الاخر وتسود الفوضى في كل قطاعات الشعب ولا يحصد ثمارها الا الساسة ، مما يتطلب مناصرة الدعوات المنادية الى ترسيخ مفاهيم الديمقراطية لبناء دولة مدنية قائمة على المواطنة وليس على المكون مما يتناقض مع جوهر نظام المحاصصة السياسية والطائفية ، وطالما ان السياسين يؤمنون بالمحاصصة فلن يكون بأمكان الشعب رؤية ديمقراطية حقيقة ، وستكون حلماً ان لم تكن وهماً .