18 ديسمبر، 2024 5:53 م

الديمقراطية في العراق بين دكتاتورية السلطة ودكتاتورية المال

الديمقراطية في العراق بين دكتاتورية السلطة ودكتاتورية المال

عندما لا تمتلك الكتل السياسية اي برنامج انتخابي صحيح لانها لاتستطيع تطبيقه على ارض الواقع.. فان كلمة ومفهوم السياسة والقيادة تصبح بعيدة جدا لان الامر يتحول الى عملية مصالح خاصة ودكاكين للبيع… وتتجرد العملية السياسية من مفهوم القيادة وخدمة المجتمع وتكون في حينها القوة عند السطوة المادية واي سطوة قوية اخرى سواء كانت سطوة الخوف او المجاملات الفارغة والعمل بدون قناعة . وهذا المفهوم هو الواقع الذي نعيشه اليوم تحت قيادات صورت لأنفسها ولقاعدتها الجماهيرية انها تحافظ على النهج الديمقراطي بهذه الطريقة والصحيح هو العكس لأننا نعيش اليوم تحت مسمى دكتاتورية المال.. بعيد جدا عن مفهوم الثقافة السياسية ومفهوم تشارك السلطة وفق مبدأ ديمقراطي صحيح…
ان الديمقراطية في العراق دخلت بصورة مفاجئة الى هذا البلد بعد ان تعود اهله على نظام تغيير الحكم وفق قاعدة الانقلاب العسكري والذي عادة ما يقوم به قادة الجيش ويعلنوا بيان رقم واحد بعزل كل اركان النظام الحاكم قبلهم ويقوموا بتشريع قوانين جديدة عكس ما كان يعمل به اسلافهم.. وكان نظام الحزب الواحد هو السائد في المجتمع وخاصة بعد تغيير نظام الحكم من ملكي الى جمهوري….
وكانت القرارات والسلطة كلها بيد الشخص الاعلى بهذا الانقلاب او ما يسمى بقائد الثورة…
ولكن التغيير للنظام السياسي الذي حصل بعد عام ٢٠٠٣ كان مختلف كليا عما سبقه من تغييرات سياسية.. فهذا التحول جاء اولا بإرادة دولية ونفذته قوات امريكية استطاعت من تغيير النظام واحتلال البلاد في نفس الوقت…
ورافق بعد ذلك مقاومة العراقيين للمحتل وعدم قبولهم بوجود قواته العسكرية داخل الاراضي العراقية وهذا ما حصل فعلا ولكن القرار السياسي مازال مرهون بيد البيت الابيض وهذا ما سمح بفتح ابواب فساد كثيرة وكبيرة تحت مسميات مختلفة قسم منها جماعات واحزاب والقسم الاخر افراد وشركات تجارية استطاعت الوصول الى جمع ثروات طائلة واستغلال الظرف الصعب الذي يمر به البلد من اجل بناء امبراطورياتهم المالية…
وبما ان الغاية من تغيير النظام السياسي في نظر الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والذي اعلن عنه في وسائل الاعلام هو تحويل النظام السياسي في العراق من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي يشارك به كل ابناء الشعب العراقي…
ولكن الملفت للنظر اليوم وبعد مرور ما يقارب على عقدين من الزمن على هذا التغيير. ظهرت في العلن تغييرات في الخارطة السياسية للحكم اولها سلطة المال الذي وصلت مراحله الى شراء الذمم والاصوات الانتخابية للناخبين في كل انتخابات تشريعية في البلاد وقد اصبحت العملية هذه وكأنها احدى مفردات النظام الديمقراطي والذي يخضع لعمليات مساومة وتراضي بين الاطراف المشاركة في السلطة دون اي رقيب ورادع قانوني فتجد المليارات بيد حيتان الفساد يقابلها الفقر المنتشر بين اغلب طبقات ابناء الشعب العراقي وربما وصل الامر الى معادلات مختلفة من ناحية الارصدة والارقام المالية بين كتلة واخرى واصبحت الكتل تتبع مسميات اشخاص معينين وكأنها شركات للقطاع الخاص… فمتى يستطيع المواطن العراقي الحصول على حقوقه والعيش بحرية تامة بعيدا عن مسميات دكتاتورية السلطة ودكتاتورية المال؟؟؟؟؟