18 ديسمبر، 2024 4:47 م

الديمقراطية الامريكية بين العراق واليابان

الديمقراطية الامريكية بين العراق واليابان

العراق واليابان دول تعرضت للاحتلال من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية فعند نهاية الحرب العالمية الثانية تم احتلال اليابان من قبل قوات الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك مع المملكة المتحدة و أستراليا. كانت تلك هي المرة الأولى في التاريخ الذي احتلت فيه اليابان من قبل دولة أجنبية. انتهى الاحتلال بتوقيع معاهدة السلام في سان فرانسيسكو في 8ايلول 1951، وبتطبيق الاتفاقية في 28 نيسان 1952 رجعت اليابان دولة مستقلة من جديد. وفي 9 نيسان 2003 احتلت الولايات المتحدة العراق وبمشاركة بريطانية. ودمرت البنية التحتية بالكامل وكأي محتل يبحث عن بديل لتحسين صورته ففي اليابان اراد المحتل ان يجعل التحول الديمقراطي يزحف الى اقوى دولة اسيوية يحكمها اكبر امبراطور ففي عام 1946 انشى البرلمان بأمر من الجنرال ماك آرثر الذي عين حاكما عسكريا لليابان ظل هو الحاكم الفعلي رغم وجود حكومة يابانية !؟وهذا البرلمان صادق على دستور اليابان الذي كان مشابها للنسخة التي حضرها الجنرال الامريكي ماك آرثر، وشرع بتحديث للدستور عمل الدستور الجديد على تحويل السلطة من الإمبراطور إلى الشعب وعمل على نزع السلطة من العرش الإمبراطوري وتحويله إلى رمز من رموز الدولة. في 10 نيسان 1946، عقدت انتخابات شارك فيها 72% من الرجال ونسبة 67% من النساء منتجة أول رئيس وزراء لليابان الحديثة، شيغه-رو يوشيدا،

أما في العراق تم تشريع اول القوانين الاكثر تعسف للعراقيين هو حل الجيش الذي تجاوز عمره اكثر من سبعة قرون وهذا القرار بأمر الحاكم المدني الامريكي بول بريمر الذي تسلم زمام الامور من حاكم عسكري امريكي هو الجنرال المتقاعد جي جارنر والذي قال عنه فيما بعد ان قرار حل الجيش جاء بناء على طلب قسم من المعارضة العراقية.

وبعدها اصدر بريمر قرار بتشكيل مجلس الحكم والذي يتناول فيه الرئاسة اعضاء هذا المجلس لمدة شهر بالتناوب ثم وضعت لجان لكتابة الدستور والذي كتب في ظل وجود المحتل ايضا وتم التصويت عليه باقل من النصف الى انه تم تمريره بطريقة صعبة شارك فيها المحتل الامريكي وتم تحويل العراق من نظام مركزي الى نظام فدرالي .وبعدها جرت اول انتخابات برلمانية في عام 2005 لم يشارك بها شريحة كبيرة من العراقيين وهم العرب السنه .لكن المحتل مازال يراهن على العملية الديمقراطية في البلدين رغم ظهور الفساد الاخلاقي في صفوف جيش الاحتلال ففي اليابان في أول 10 أيام من الاحتلال جرت أكثر من ألف حالة اغتصاب في محافظة كانا غاوا وحدها. وفي 4 نيسان 1946 اقتحم 50 جندي مستشفى في محافظة أوموري واغتصبوا 77 امرأة منهم نساء كانت قد وضعت حديثاً، في العراق جرت فضائح تعذيب كثيرة ربما لم يصل اليها الاعلام ولكن الاكثر شهرة هي فضيحة ابوغريب عندما تم اغتصاب ناس عزل من قبل جنود امريكان داخل السجن..

كل هذا لم يحرك ساكن حتى لدى الشارع الامريكي الذي يدعي الثقافة وحقوق الانسان.فمازالت امريكا بمجلس نوابها واعضاء مجلس شيوخها ورجال مخابراتها يفتخرون بأن لهم الفضل على الشعب العراقي والياباني بانهم جلبوا لهم الديمقراطية.

لكن المتغير أن الشعب الياباني اخذ العبرة من الاحتلال الامريكي فبدأ بعملية بناء صحيحة كان بدايتها بناء الإنسان الصحيح والمنتج .بحيث أصبح المسؤول مجرد خادم للشعب .وأصبح الاعتماد على صناعتهم وزراعتهم الوطنية فقط .وبدأوا التطوير تدريجيا الى أن وصلوا الى القمة التي جعلت عدو الامس صديق اليوم .وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي من يحتاج دولة الحاسوب التي ابهرت العالم بتقدمها العلمي .

أما في العراق فقد حقق المحتل مآربه الخاصة وخاصةً عندما وجد نفوس ضعيفة غير وطنية لبلادها ولايوجد لديها غيرة وإحساس لهذا البلد .اليوم تصنف اليابان بالأرقام الاولى في التطور العالمي في حين يصنف العراق من الدول المتخلفة عالميا ..اضافةً الى أنه أكبر دولة فساد حسب تصنيف المنظمات الدولية.

أن الفرق بين الاحتلال الامريكي لليابان والاحتلال الامريكي للعراق كبير جدا فاليابانيون اعتبروه وصمة عار في تاريخهم ورفضوا التعامل مع المحتل بأي شكل من الأشكال بينما العراقيون اعتبروه يوم وطني ويتفاخرون بالتعامل مع من احتلهم واوصلهم الى الهاوية ..

لقد اختار اليابانيون النفس المتواضعة وعدم الانجراف الى التباهي والعجرفة .مسحو الماضي وينو المستقبل لأجيالهم القادمة. أما العراقيون فلم يمسحوا من الماضي شيء ولم يفكروا بالحاضر وأصبح مستقبلهم ظلام دامس ..هنيئا للشعب الياباني وهو يصنع مستقبل زاهر بدون قطرة دم واحدة .وتعازينا للشعب العراقي الذي يقتل نفسه بيده ولم يقدم للإنسانية شيء سوى الدمار والخراب .شعب لا يستطيع أن يروي عطشه من الماء وقد أعطاه الله ثروات يحسد عليها من القاصي والداني ..إضافة إلى نهران هما دجلة والفرات.

واصبح قول الشاعر صائب فينا.

إن كنت لا تدري فتلك مصيبةً. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم..