ومعنى المثل أنك تسمع صياح الديك وهو لايزال في البيضة , وللمثل معنى رمزي عميق , ولدي قصة معه منذ الطفولة , وأول مرة أسمعه من والدي , الذي أعطاني درسا في هذا المعنى.
وفي اللهجة المحلية نقول: ” الديج بالبيضة يعاعي”.
يعاعي: يصيح
ترسخ المثل في ذاكرتي , وما عرفت معناه الجوهري , وخلاصة ما تعلمته منه أن ما فيك يدل عليك.
ومرت الأيام وتطور الفهم والإدراك فوجدت للمثل جذورا وتسويغات , فهذا المثل لم يأتِ من الفراغ , بل ترشح من تجارب إنسانية طويلة , خلاصتها أن البشر تبدأ علامات أو إشارات ما سيكون عليه منذ الصغر , وهناك أمثلة وحوادث كثيرة في التأريخ تتنبأ وترى ما سيكون عليه الطفل أو الطفلة.
وبعد إتجاه إهتمامي بأعلام الأمة والإنسانية , وجدت أن أكثرهم تبدأ عليه علامات النبوغ منذ الطفولة , وتتحقق علاقة خفية ما بين الأب أو الأم والطفل تتحرك بإتجاه ما يكنزه من طاقات واعدة.
ووجدت ذلك واضحا في دراستي لإبن سينا , فوالده توسم فيه الذكاء والنبوغ وأعده مبكرا ليشق طريقه , رغم الثراء الذي كان يتنعم به , وعدم حاجته لدفع إبنه للجد واالإجتهاد فكل ما يريده متوفر وباذخ حوله.
وهذه رؤية علمية تؤكدها الملاحظة وتعززها الأدلة المتكررة في مسيرة البشرية منذ الأزل.
ففي كل جيل هناك نوابغ وعقول فيها طاقات إبتكارية وإبداعية تساهم في نقل الحياة إلى مراتب علوية.
فالتطور ينطلق من الكوامن الذاتية المنبثقة من أعماق الأشخاصالذين توطنتهم.
من أين جاءت؟
كيف حلت بهم؟
لا يمكن الجزم بذلك , لكنها تنتقل إليهم , وكأنها إرادة جينية , فتؤهلهم للقيام بدور ما في الحياة.
ولا تزال البشرية تحت وصايتهم , فبين فينة وأخرى , يبرز شخص ليدير دفة الحياة بإتجاهات أخرى , ويحرك بوصلة الوجود وفقا لمراميه وما إنبثق منه , وتفجر فيه.
ولا يخلو أي مجتمع من هذه الطاقات , وبكثرة البشر إزداد إنطلاقها في بعضهم.
وما العلم إلا عند علام الغيوب!!