لا تستغرب عزيزي القارئ من العنوان , فالمرسوم أن دول المنطقة النفطية سيكون مصيرها الإفلاس والجلوس على قارعة الطرقات , ملومة محسورة متسولة متوسلة بالآخرين كي يرحموها ببضعة قروش.
وليس هذا من ضرب الخيال والتجني , وإنما واقع محتوم ونتيجة حاصلة تتحرك نحوها ما تقوم به الدول النفطية العربية خصوصا , والتي بعضها أعلن إفلاسه الذي أردته الحروب وأنضبه الفساد, والبعض الآخر على حافة الإفلاس , وأغنى دولة نفطية عربية يُقدر لها أن تعلن إفلاسها في غضون خمسة سنوات , أما الدول الباقية فأنها على حافة الإفلاس أو أخذت تلامسه , وسيحين الوقت الذي تكون فيه رهينة للذين سيقرضونها ويمتلكونها بالفوائد المترتبة على القروض.
فالدول النفطية العربية لم تقدم لشعوبها خيرا بثرواتها المركونة في البنوك الخارجية والمستثمرة في مجتمعات غير عربية , وما تحقق إستثمار عربي عربي على مدى القرن العشرين , وأن النسبة العظمى من واردات النفط قد إحترقت بصفقات الأسلحة التي تفتك بالعرب , والتي تأخذهم إلى حروب عبثية تقضي على طاقاتهم الشبابية بقسوة وتوحش فظيع.
واليوم العديد من مراكز البحوث والدراسات تتنبأ بإنحدار الدول النفطية العربية نحو الإفلاس في غضون فترة لا تتجاوز العقد الواحد , أي أنها ستعلن إفلاسها في نهاية الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , وعندها فقط ربما ستفقد الكراسي لذتها وقيمتها ويتم نقل السلطة للشعب الذي لن يجد شيئا في خزائنها , فكل ما وفره النفط قد تم تبذيره وإحراقه وحرمان البلاد والعباد من نعمته , وما تنعم جيل واحد من الأجيال العربية ببعض نعيم نفطي.
فكلما إزدادت عائدات النفط إشتدت الخطوب على العرب , ويوم بلغت ميزانية العراق ذروتها التأريخية تم إقحامه في حرب شرسة تواصلت لثمان سنوات داميات عاتيات , وعندما إزداد سعر برميل النفط وتجاوز المئة دولار , دخلت الدول العربية في دوامة التفاعلات الإتلافية الخسرانية الإستنزافية المتوالدة , حتى وصلت الأحوال إلى ما آلت عليه اليوم من تداعيات وخيمة وتفاعلات أليمة.
ولا يُعرف أن الوصول إلى حالة الإفلاس الموعودة والقادمة هو نعمة أم نقمة , ذلك أن العرب قد حوّلوا نعمة النفط إلى نقمة , ونيران تحرقهم وأسلحة ومتفجرات تبيدهم ببعضهم وتخرب ديارهم , وربما في الإفلاس نعمة لأنه سيحفز العزائم ويحث على إبتكار آليات البقاء والتحدي , والتفاعل البناء مع الحياة.
ويبدو أن العلة ليست بالنفط أو بغيره وإنما في آليات التفكير والعقلية التي تتفاعل مع الواقع والتحديات , فهي خارجة عن عصرها ومطمورة بالغابرات والضلالات والبهتان , بل أنها في محنة الأوهام والإنحرافات المعرفية والإدراكية , التي تتسبب بسلوكيات مريضة أو مخبولة فاقدة لقدرات البصيرة السليمة والحكمة الحكيمة.
ومن هنا فأن على العرب إتخاذ مستلزمات الحيطة والحذر , ومحاولة التفكير الصالح للمستقبل , والإبتعاد عن التبذير والفساد والإحجام عن منزلقات الحروب والصراعات فيما بينهم , فأغنى دولة عربية نفطية قد إنزلقت في نزيف أبهري دفاق سيجفف عروقها ويلقيها مغشيا عليها في غرف الإنعاش وموائد الإفتراس الشرس المتربص بها.
فهل سيرعوي العرب؟!
وهل سيستيقظون ويحاولون التداوي بالتي هي أحسن؟!!