22 ديسمبر، 2024 5:17 م

الدول المتعاظمة النفوذ وعالم القطبية المتعددة

الدول المتعاظمة النفوذ وعالم القطبية المتعددة

في ميادين السياسة الدولية عادة تقيم الدول علاقاتها على اساس وجود الدولة ذات الامة الواحدة – One-Nation State او على اساس الكتل الكبرى كالاتحاد الاوربي (EU ). والدولة ذات الامة الواحدة مصطلح يعني دولة غالبية نفوسها من قومية واحدة وفيها اقليات كما هو الحال مع فرنسا مثلا او المانيا . وهذا هو الحال ايضا في دول تقع معظم اراضيها ضمن القارةالاوروبية مثل تركيا وروسيا. وهناك دول في اسيا بقيت ذات امة واحد رغم اتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الاول كايران وغيرها من دول اسيا
وعادة الدولة ذات الامة الواحدة تكون مهابة ومحترمة وتخشى الدول الاخرى التجاوز عليها وعدم اثارتها كما ان هذه الدول بدأت بتعظيم قوتها ونفوذها وتطوير صناعتها وزرعتها واصبح لها شأن في العلاقات الدولية وغالبتها تعمل بنظام سياسي فيدرالي وتشهد في غالب الاحيان استقرارا سياسيا واخذت تجذب الاستثمارات الخارجية ك دول البريسك (BRISC ) التي تضم البرازيل وروسيا والهند وجنوب افريقيا والصين.
بعد الحرب العالمية الثانية مثلا سلخت بريطانيا العظمى هونك كونك من الصين ولكن وعدت في اتفاقية بينهما بارجاعها فى العقد التاسع من القرن العشرين ولكن بنظامين سياسي واقتصادي مختلفين ( One State With Two Systems ) . ووفيت بريطانيا بوعدها خشية اثارة دولة متعاظمة النفوذ مثل الصين.
وفي الحرب العالمية الاولى اتهمت تركيا بارتكاب مجازر بشعة كما تقول التقارير ضد الارمن ولكن تنفيها تركيا بقوة واصبح لتركيا الان مقومات القوة والتأثير تجعلها مهابة ومحترمة من قبل الدول الكبرى مما يجعل هذه الاخيرة التغاضي عن تركيا وعدم التطرق لهذا الامر في المحافل الدولية.
وفي الالفية الثالثة قامت روسيا الاتحادية باقتطاع القرم ا( Crimea) من اوكرانيا ضمها اليها دون اكتراث للدول الكبرى مدعية انها جزء من الدولة الروسية ولكن في الواقع قامت بذلك لاهميتها البحرية والحربية بالرغم من ادعاءات اوكرانيا بانها جزء من اراضيها.
هذه الامثلة وغيرها تثبت الى حد كبير ان الدول ذات الامة الوحدة تكون عادة مهابة محترمة ضمن حدودها وغير مقسمة او مجزئة معززة بقدراتها الذاتية على التطور والتقدم كما ان قوتها وتاثيرها في تعاظم مستمر يجعلها في مأمن من تاثيرات الدول الاقوى في عالم لم يعد احادي القطب (Unipolar) تتحكم به دولة عظمى لوجدها. عالم اصبح في هذه الالفية متعدد الاقطاب (Multipolar )
وتثبت ايضا ان الدول ذات الامة الواحدة المجزئة والمقسمة كالعرب لاتحظى بنفس الاحترام والتقدير لانها ضعيفة وضعفها ناتج عن طبيعة نفسية الفردالميال الى المصالح الذاتية والانانية والنرجسية وقصر النظر. لو كان العرب دولة قوية كتركيا او روسيا لما تجرات اي دولة مهما كانت قوتها ونفوذها باملاء اشتراطاتها عليهم متفرقين فيقضايا دولية مهمة.
قد يقول البعض ان تقسيم المغانم بعد الحروب هو الذي فرض هذا الواقع واضعف قدرة العرب على الوحدة ونقول لهذا البعض ما رايكم بتوحيد المانيا. الم يتكاتف الالمان ويصنعوا المانيا من جديد . ما سبب عدم قدرتنا كعرب بعد رحيل المستعمر على الاقل توحيد الكلمة وصناعة الدولة العربية (ِArabia ) ليس على غرار ما كانت تنادي به الانظمة العسكرية الديكتاتورية المخادعة المدعية بالوطنية.
خلاصة الكلام الامم المجزئة مهما كان سبب التجزئة تبقى عاجزة ولا تجرؤ على المطالبة بادنى حقوقها اننا كعرب امة تفتقر للبراغماتية ( Non-Pragmatist ) ونهدر الوقت والمال والجهود في الخلافات والاختلافات ونفتاخر بالتوافه .