18 ديسمبر، 2024 10:43 م

ما معنى الدولة العظمى:
أهي الدولة الأقوى اقتصادا؟، أم الأكثر قدرة على التحكم بالعالم؟ أو الأكثر قدرة على تدمير هذا العالم؟
سيقول المتحمسون للتفوق أن الدولة العظمى هي من تحوي هذه المعالم جميعا.
وسيقول المصلحون أن الدول العظمى هي التي ترعى السلام والتوازن في الأرض.
لقد رأينا سلوك لدول عظمى في تعاملها مع دول ضعيفة كما نرى اليوم في أوكرانيا، فان قدرة روسيا للسيطرة كما يتوقع من دولة عظمى بعرف القوة والهيمنة لم تك كما يتوهم عادة وان بضعة أيام كافية لاحتلال أوكرانيا هي مدة مطلوبة لحركة الأرتال وتمركزها، لكنها واجهت تحديات، يبدو أن الدول تحتل من داخلها وتسقط من الداخل والفرصة متعادلة بغير القوة النووية المدمرة.
مراجعة للتعريف
الحقيقة أن مفهوم الدولة العظمى ينبغي أن يعاد تعريفه بعد الأحداث التي جرت في التاريخ الحديث من القرن الواحد والعشرين، لنبعد عن التقييم أن الدولة الأعظم هي الأكثر قدرة على التدمير أو الأكثر إمكانية للسيطرة على مقدرات الأضعف منها فهذا واقعا ليس لائقا بالآدمية المتوسعة عقليا وقدرات مدنية، فحكم القوة والإمكانية على فرض الإرادة مسالة تتبع غريزة حب السيادة… ألا يرى إنسان اليوم انه بمنهج القوة حرف وظيفة منظومته العقلية الواسعة وباتت تسير وفق الغرائز والحاجات الحاكمة وليس من منهج عقلي يحرك الأمور إلى الصواب.
إن الإنسان لابد أن يرتقي ولابد أن يتوجه المفكرون لتغيير مسار العالم المتوجه إلى الانتحار من خلال تعاظم غرائز كحب السيادة والتملك، والتنافس بدل التعاون.
لابد من التعارف:
إن التنافس في عالم متباعد محتمل وان التطور التقني والتنافس على المخرجات الصناعية والأسواق والهيمنة على العالم وان قاد حروبها أناس كهتلر وموسليني أو من سبقهم في الحرب الأولى، فان المنهج لم يتغير وان الحرب الأولى التي أنتجت عصبة الأمم انتتجت الحرب الثانية التي أنتجت الأمم المتحدة، لكنها دوما تعبر عن ما يظنه الأقوياء أنها مصالح الأقوياء والنفوذ الذي لا يؤدي إلى التعارف وإنما حروب تحت الرمال نيرانها لا تلبث أن تخرج براكين كما يحصل الآن ولا ندري إن كان سيتطور الأمر إلى حرب ثالثة لتصفير مشاكل الحداثة بطريقة حرق المعطيات، لكن هذا سيبني ما يؤسس لحرب رابعة وخامسة ربما متقاربة زمنيا بحكم تقارب المسافات وتطور التقنيات وضيق السوق في نظرة أحادية لا يجري التعاون بها كما هو مطلوب لتنسيق عملية الإنتاج والتسويق والاستهلاك والربح ومعاني التفاهم التي تقودها الأن دول كوسيط لإيقاف الحروب المحتملة كما تتوسط اليوم تركيا بين أوكراني والروس، لكن القرار ليس بيد هذه الدولة التي لا تعد من الدول العظمى وفق التعريف السائد.
المشكلة الحقيقية:
المشاكل التي تواجه العالم هي مهملة منذ البدء في السلوك البشري، وضعف القيم الأخلاقية واتباع منهج السلوك في السوق ومن خلال المصلحة وما تتطلب من مجاملات أو مساعدات أو عواطف باردة سيؤدي حتما إلى فقدان التعاون وفهم المشكلة وحلها وبالتالي معالجة تلك المشاكل.
فالزيادة السكانية ليست حلها الحروب أو استمرار المناهج القديمة في فهم الدخل القومي أو الوطني ولا حتى عوامل الإنتاج، بل بطرح السؤال كيف نعالج مشاكل البشرية؟ من هنا تنشأ معاني الدولة العظمى، وكيف نقضي على فقدان التوازن في عالم ما بعد الذي يحصل الآن، فهنالك مجاعات أمام تبذير وهنالك فقر أمام مخزونات مالية أصبحت خزينا ميتا، وهنالك صناعات تحتاج الحروب والقلق لتنمو، هذا التدني في الأدمية لن يقودنا قطعا إلى المهمة الآدمية وفهم معنى الوجود والتعايش بحيث يحيا الإنسان على الأرض وليس يأتي ويخرج من الحياة وهو لا يعرف لم أتى! ولم خرج!
إن مفهوم الدولة العظمى ينبغي أن يكون الأكثر قدرة على حل مشاكل البشرية وان التنافس هو تنافس الأدمية من اجل الحلول وليس صراع البقاء أو التغلب العدمي.