18 ديسمبر، 2024 8:00 م

الدول العربية ومعضلة السيادة!!

الدول العربية ومعضلة السيادة!!

هل أن الدول العربية ذات سيادة؟!!
سؤال يستحق الإمعان والتأمل والبحث والتقييم العلمي الرصين , لكي تكون الإجابة صحيحة وواضحة على أسئلة عديدة تتشعب من الإجابة عليه.
تُرى هل أن الدول العربية قد تمتعت بسيادة وحرية تقرير المصير منذ نشأتها وحتى اليوم؟!!
هل أنها ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى ذاقت طعم السيادة؟!!
تساؤولات لا تنتهي , والعرب أغمضوا عيونهم عن الإجابة , وتمنطقوا بالنكران والفنتازيا وأمعنوا في أوهام التأريخ , ووضعوا لوجودهم ألف عنوان وعنوان باهت , وما جمهورياتهم ودولهم إلا كارتونية الطباع والهوى والبنيان.
فما هي السيادة؟
بإختصار شديد تعني حرية تقرير المصير , أي أن الشعب يحكم ويقرر مصير دولته أو وطنه بمعزل عن تأثيرات القوى الأخرى , التي تسعى لتأكيد مصالحها والإستحواذ على مصير الآخرين وإستعبادهم , فالسيادة نقيض العبودية والتبعية والإعتماد على الغير للبقاء والتواصل المهين.
ووفقا لهذا التعريف البسيط الواضح علينا أن نعاين ونقايس دولنا ونقيّم درجة سيادتها !!
وقبل الخوض في الموضوع يتأكد غياب السيادة بصورة عامة بما آلت إليه أحوال الناس في الدول العربية , وما قامت به الحكومات من سلوكيات لاتتفق وبديهيات التفاعل السيادي الصحيح , ففي الدول العربية الغنية هناك المزيد من الفقر والحرمان , وفي جميعها يتأكد الظلم وغياب قيمة الإنسان , والحرمان من أبسط الحاجات الأساسية التي تقرها لائحة حقوق الإنسان.
وعندما نعود إلى أية دولة عربية نجدها تعتمد على غيرها في تسليحها وبناء قوتها العسكرية , التي جميعها وبلا إستثناء تستعمل الأسلحة المستوردة من الدول القوية , كما أن طعامها مُستوْرَد , وأنظمتها وأحزابها محكومة بالتبعية لدول أخرى , ويتحقق تمويلها وفقا لإرادة المصالح وتوجهات البرامج والمشاريع.
فالدول العربية بأنظمتها السياسية على مدى وجودها لم تتصرف بسيادة كاملة , والكثير منها معدوم السيادة وأنظمتها تنفذ أجندات أسيادها , ولهذا تكررت الإنقلابات والتفاعلات الدامية , لأن كل مُستعبَد بقوة حالما ينتهي دوره يتم محق أثره ليأتي غيره وتتكرر اللعبة , ويبقى الشعب في عناء , ويأس وإحباط وتقهقر مرير.
فما يخدم الآخرين يكون ويتطور وما يخدم الشعب يُحارب ويُدمر!!
ومن هنا فأن القول بأن الدول العربية ذات سيادة فيه نظر , ومن الأصوب القول بأنها محميات أو دول تحت الإنتداب الغير مباشر , ولا يمكنها أن تفعل ما تقوم به دولة ذات سيادة في العالم , وعندما نقارن أية دولة عربية مع دولة كوريا الشمالية – على سبيل المثال – يتبين لنا الفرق الشاسع ما بين الحالتين ويبدو لنا معنى السيادة بوضوح مبين.
وهذه الحقيقة المغيبة هي علة العلل ومنها تتوالد التداعيات وتتنامى في الواقع العربي , الذي عليه أن يواجه الحقائق المريرة التي هو فيها , ويبتعد عن الخداعات والأضاليل ويتوهم بالسيادة والقدرة المطلقة على تقرير المصير , فأي مصير قرر العرب وأي هدف حقق العرب؟!!
إنهم يعيشون في دول بلا سيادة حقيقية , ويتأسدون على بعضهم بأسلحةٍ يستوردونها من الآخرين!!!
فتنبهوا واستفيقوا ياعرب!!
“تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ…..فقد طمى الخطبُ حتى غاصتِ الرُّكبُ”
وبعد عقودٍ وعقود لا بد من الإعتذار من المرحوم إبراهيم اليازجي فقد ماتت يقظة العرب ووجب القول:
“تماحقوا واستجيروا أيّها العربُ…فقد طمى الذلُ حتى غاصت الركب”!!!