عندما تسقط الدولة يتبعثر المجتمع , وحالما يسقط نظام الحكم فيها فأنها تحافظ على قوامها وتعيد ترتيب أوضاعها , فيتماسك الشعب حولها , والفرق بين الحالتين كبير والأمثلة واضحة.
سقوط الدولة , يتسبب بالفوضى والصراعات الداخلية , وظهور العصابات والتجمعات الإستحواذية والأحزاب ويعم الفساد , ولن تستعيد الدولة قوتها إلا بعد زمن طويل وتضحيات مريرة.
الدول القوية تعرف ذلك , وتتصرف إزاء الشعوب وفقا لمعارفها المتراكمة عبر الحروب , والتفاعلات الإستحواذية على مصائر الآخرين وإستلاب ثرواتهم.
ولهذا فالدول الثرية يكون لإسقاط الدولة فيها أولوية على إسقاط النظام , لكي تتمكن من تمزيقها وتحويلها إلى كينونات متناحرة تعتمد عليها , لكي تبقى وتنال الثراء وتسمح للطامعين بإستلاب كل شيئ , لأن مصير الكينونات المتناحرة مرهون بها.
والسلوك في جوهره إقتصادي التوجهات , لأن الإقتصاد عماد القوة والهيمنة والإقتدار العالمي , ولا توجد دولة قوية دون إقتصاد قوي , وقدرات عسكرية متميزة.
فالمجتمعات التي سقطت فيها الدولة , لن تتمكن من الحياة الحرة الكريمة , وستكون مرهونة بالتبعية , وخانعة لمفترسيها , ومعتمدة في معيشتها على ما يردها منهم , ويربطون ما يعطونها بإملاءات صعبة , تذعن لها وتستكين , لأن حبل الجوع يلتف حول عنقها.
فليس غريبا القول بأن الحروب نشاطات إقتصادية , لتوفير الإستثمارات للشركات الكبيرة في الدول المنتصرة , والتي ستضع المهزومين تحت وصايتها , وتلزمهم بما تريده منهم , إلى حين إرتخاء قبضتها.
“فرّق تسد” عاهة سلوكية فاعلة في مجتمعاتنا منذ بداية القرن العشرين , وربما منذ منتصف القرن التاسع عشر , ومتكررة في واقعنا.
ولا تزال الحالة تمضي على ذات السكة , ففي هذا الزمن أشارت الأقلام للكثير من الإحتمالات والأحداث والتطورات , وهي تأتي كماكتبوا عنها , ولا قدرة على منع ما سيحصل.
فهل هي الإستسلامية والقدرية؟
هل هي اللامبالاة والنكران؟
من الصعب تفسير هذا السلوك المتكرر في مجتمعاتنا عبر الأجيال , فلماذا لا نكون كباقي المجتمعات التي تعد العدة للتحديات وتواجهها بقدراتها المتفاعلة.
فإسقاط الدولة من بنود قانون ” فرّق تسد”!!