معضلة دول الأمة أنها مبتلاة بأنظمة حكم منفصلة عن الدولة ككيان قائم بذاته وتتحدد مواصفاته العملية وفقا لآليات راسخة ومتواصلة.
فالذي يحصل أن نظام الحكم يتبدل , بمعنى أن الكراسي سيجلس عليها أناس لهم رؤيتهم المدمرة لما سبقهم , وهكذا دواليك.
فالحقيقة المغفولة أن الدولة مغيّبة والكرسي يمثل كل شيئ فيها.
وبموجب ذلك فأن الخراب والدمار عميمان , والبناء غريب , والفساد قائدٌ وطبيب , ولكل كرسي ما يريد من النهب والسلب العجيب.
فكأن أنظمة الحكم منظومة قطاع طرق , تهاجم القافلة وتستلبها وتمضي في سبيلها بعد أن فعلت ما فعلته بأصحابها.
وتلك بإختصار حكاية الحكم في بلداننا , ولهذا تميعت قيمة الدولة , وتخربت أركانها , وتماهت مع النظام الحاكم بفرديته وفئويته وتحزبيته.
فتجد العديد من مجتمعاتنا في فوضى عارمة , علنية أو خفية , فالذين لا يدركون أهمية وضرورة سلامة وصلادة الوعاء الذي هم فيه , يتناثرون ويتشظون ويتفرقون , ويتحولون إلى كرات زئبق أو بليارد.
فالأمة لن تكون إن لم تؤمن مجتمعاتها بضرورة الدولة القوية والوطن العزيز , وأن تكون من الثوابت والخطوط الحمراء التي لا يسمح بالعدوان عليها بأي عذر , فأنظمة الحكم تتبدل , والدولة والوطن كيان خالد أمين تصونه الأجيال مهما كانت توجهاتها.
فمجتمعات الدنيا لا تفرط بدولها وأوطانها , وتتنافس وتتنازع وتفعل ما تفعل ضمن الحالتين الراسختين في الوعي الجمعي.
فهل وجدتم تقدما وصلاحا دون دولة مهابة ووطن عزيز؟!!
د-صادق السامرائي