18 ديسمبر، 2024 7:18 م

الدولة والدولة العميقة والفصائل المسلحة والمليشيات والمعاضة وال لادولة ؟؟؟

الدولة والدولة العميقة والفصائل المسلحة والمليشيات والمعاضة وال لادولة ؟؟؟

إنَّ واقع تصّدع الدولة العراقية بعد عام 2003، وفشلها في عملية بناء ذاتها، وادراجها في مقدمة الدول الفاشلة، لصالح الجماعات اللادُولتية المدعومة إقليمياً، فرض تحديا هائلاً أمام التنمية في العراق ومسار بناء الدولة، وضّيَّق الخيارات أمام الناس، وما يزال يفرض تحديات كبيرة، تعَّقد من عملية البناء وتقف حجر عثرة في طرق التنمية البشرية بمختلف مجالاتها.

إنَّ التصّدع الذي فرضته تلك الجماعات طيلة الفترة الماضية على واقع الدولة، أفرز واقعين متضادين على الساحة العراقية (السياسية والاجتماعية): واقع الاحزاب والنخّب السياسية الذائبة في العملية السياسية، التي تدافع عن الوضع القائم، وواقع النخب الاجتماعية والثقافية، التي أصبحت بحكم المعارضة السياسية للنظام السياسي القائم، وطبيعة إدارته، حتى أصبح مصطلح الدولة العميقة أو الموازية، هو الوصف المناسب، الذي تُطلقهُ تلك النخَّب على دَور الجماعات المسلحة في إدارة الدولة العراقية ومؤسساتها.

بذات الوقت، هو تحدِ يشكل حافزاً لتحّريك تلك النُخّب لبناء دولة، تتجاوز الاخفاق العام لحياتنا ووجودنا، وسد الفراغ الثقافي والشلل الفكري لحياتنا الثقافية، الذي تسببت به تلك الجماعات، بمشروع سياسي–وطني، وخَلق فرّص حقيقية أمام التنمية البشرية والاقتصادية في العراق.

بهذا الاتجاه، سنحاول، أنّ نبيّن آليات تأثير الجماعات اللادُولتية على التنمية في بناء نموذجها السياسي والايديولوجي في العراق، دون الخوض في مفاهيم التنمية وتفرعاتها.

وبهذا الصدد نود أن نشير إلى أنّنا ركزنا في عنوان ورقتنا على الآليات؛ لكونها تعطينا وللقارئ الكريم، مفهوم أوسع يشمل الآليات والاشكاليات، فهي آليات تعتمدها الجماعات اللادُولتية في بناء نموذجها، وهي بذات الوقت تمثل اشكاليات حقيقية أمام ترسيخ مفهوم وقيم الدولة الحديثة، لعرقلة التنمية في العراق.

تفترض الدراسة “إنّ الجماعات اللادُولتية في العراق، اصبحت تمتلك الادوات والآليات الكافية في تهديد انموذج الدولة الحديثة، وتقويض عملية التنمية، من خلال آليات محددة”.

وسنحاول التّأكد من تلك الفرضية بطريقة علمية موثقة بالتجارب الواقعة والمصادر والمراجع ذات العلاقة، من خلال ستة محاور: ركز الأول على الطبيعة الرمادية للنظام السياسي العراقي، الذي يعطي لتلك الجماعات دينامية أكبر وأكثر حرية، وركز المحور الثاني على عرقلة الاستثمارات والتنمية الاقتصادية من خلال الابتزاز ومساومة المستثمرين، والسيطرة على منافذ الاستثمار، والتحكيم في خلافات المستثمرين، في حين ركز المحور الثالث على آلية تعويض غياب الدولة من قبل الجماعات المسلحة في تقديم بعض الخدمات التي من شأنها أن تسد الفراغ الذي خلّفه تغييب الدولة وأجهزتها، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.

أما المحور الرابع فقد ركز على المؤسسة العسكرية، وجدلية العلاقة التاريخية بينها، وبين والعقل السياسي الشيعي، وركز المحور الخامس على موضوعة شيطنة الاحتجاجات الشعبية؛ لغلق أي فرضية نقاش مستقبلية من شأنها أن تغّير في المعادلة السياسية لصالح مفهوم الدولة الحديثة، في حين ركز المحور الأخير على موضوعة أدلجة المفاهيم وشرعَّنة الوجود، التي من شأنها أن تستملي المواطن العراقي، بمفاهيم سياسية – ايديولوجية…

لا يختلف المراقبون في العراق والمنطقة أن هناك توجهًا دوليًا لوضع حد لمنظومات وفواعل اللادولة non state actors ووضع نهاية لأدوات الحرب بالوكالة proxy war التي يجري جزء منها في العراق بدعم من الحرس الثوري الإيراني، وعلى ضوء ذلك، لا بد أن تحدد السلطات العراقية مع التحالف الدولي تلك الجهات ليتم ضبطها أو دمجها بالجيش والمؤسسات الأمنية وإعادة هيكلتها خاصة أن معظمها متماهٍ مع الأجهزة والمؤسسات العراقية.

لكن الأطراف القريبة من إيران تريد الإبقاء على الحشد الشعبي وميليشياته الولائية مستقلة عن أي مؤسسة أمنية وتحت سيطرة وسلطة نفوذها، وهو ما لا تقبله واشنطن ولا التوجه الدولي ولا الداعون لحصر السلاح بيد الدولة في بغداد ولا دول الجوار القلقة من تصرفاتها وتهديداتها.

الاستعداد للحرب والتغيرات التكتيكية

بدأت ملامح المواجهة الشاملة بين ميليشيات اللادولة والتحالف الدولي تتكشف، فقد بدأت 10 ميليشيات ولائية على الأقل بنقل مقارها ومخازن أسلحتها إلى أماكن جديدة وغير مكشوفة لتتجنب القصف الانتقامي الأمريكي المتكرر، فحاولت الميليشيات (حزب الله العراقي، النجباء، سيد الشهداء، الخراساني، إلخ) تخزين أسلحتها بمقار الجيش العراقي والشرطة الاتحادية لإحراج التحالف الدولي إن قصفها، لأن تلك المقار تابعة للأجهزة الأمنية الرسمية وليست خاصة بالميليشيات كما حصل في الهجوم الأمريكي الأخير على مقار كتائب حزب الله العراقي في جرف الصخر الذي أدى لسقوط 3 جنود من الجيش وضابطين في الشرطة ومدني.

إن خطورة هذه التحركات تكمن في نقل المخازن إلى المدن وقرب الأحياء السكنية لحمايتها بالمدنيين وهو أسلوب اتبعته داعش إبان سيطرتها على الموصل وتكرره الميليشيات اليوم بصورة سرية.

من جهة أخرى، قامت القوات الأمريكية والتحالف الدولي بما يمكن تسميته إعادة انتشار، فقد أفرغت قوات التحالف معسكر القائم غرب العراق، وقد يتكرر ذات الفعل في معسكر القيارة جنوب الموصل ومعسكرk1 في كركوك لعدم امتلاكهما للبنى التحتية الكاملة لصد هجمات الميليشيات المتكررة، علمًا أنها معسكرات سبق أن غادرتها القوات المشتركة وعادت إليها مع تغير الظروف الأمنية.

“عُصبة الثائرين”.. فصيل جديد

فصيل جديد أعلن عن نفسه وتبنى الهجمات على القوات الأمريكية في قاعدة التاجي والمنطقة الخضراء بالتزامن مع تهديدات فصائل وميليشيات ولائية قريبة من إيران لم تتبن أي عملية لكنها باركتها وأيدتها. الفصيل يدمج في أسلوبه وعملياته وخطاباته بين المجاميع السنية قبل عام 2011 والميليشيات الشيعية الولائية من أجل تضييع المسؤولية.

 

من جهة أخرى، حاولت هذه الميليشيات عبر وسائلها الإعلامية مصادرة جهود الفصائل السنية وعرض أرشيف مقاطع سجلت في فترة الاحتلال على أنها عمليات تابعة لها تستهدف فيها القوات الأمريكية في محاولة لتضييع الجهة التي تقف خلفها، لكن الجهود الأمريكية على ما يبدو من خلال متابعة التحقيقات ودراسة الفصائل ووجود القبضة الأمنية والتعاون العراقي والرقابة الجوية ستحد من فاعليتها واستمرارها بصورة خفية.

ويبدو بحسب المراقبين الأمنيين أن هذا الفصيل سيعتمد على إطلاق الصواريخ محدودة التأثير والقنص والتفخيخ والاختراق والاغتيال من أجل استفزاز القوات الأجنبية وليس هدفه قتل عدد كبير من القوات الأجنبية، فالموقف ليس جهاديًا إنما سياسيًا ويتوافق مع المواقف الإيرانية وميليشياتها الولائية.

تكتيك “المنصات المتحركة”

بدأت الميليشيات الولائية كالفصيل الجديد “عُصبة الثائرين” تستخدم الشاحنات المتحركة وإخفاء منصات إطلاق الصواريخ من على ظهرها مع كثافة إطلاق صواريخ الكاتيوشا التي لا تستطيع التقنيات الحديثة – إن وجدت – التعامل معها أو صدها لصغر حجمها وكثرة عددها، وقد ربط مؤقت إطلاق – لنصف ساعة – في الشاحنة التي استهدفت قاعدة التاجي في المرة الأخيرة من أصل 3 هجمات خلال أسبوع، ليُتيح لها الهرب والحيلولة دون القبض عليهم، خاصة أنهم يهاجمون من مناطق خاضعة لسيطرة الجيش العراقي لتوريطه بدلًا عنهم وخلق رأي عام مناهض للوجود الأجنبي إذا رد على أي هجوم وأوقع عراقيين.

إن أسلوب حرب العصابات “اضرب واهرب” وحرب الشوارع الذي كانت تستخدمه الفصائل السنية نجح نجاحًا كبيرًا آنذاك في تحقيق ضربات في حرب الاستنزاف ضد الوجود الامريكي قبل 2011، لكن اليوم التعاون العراقي والجهد الاستخباري والبُعد السياسي وليس الجهادي في الهجمات سيحد منها وقد ينهيها في فترة ليست بالطويلة.

التحقيقات المشتركة

بعد الهجمات المتكررة على قاعدة التاجي العسكرية من الميليشيات الولائية (3 هجمات خلال أسبوع) بدأت قوات التحالف تتعامل مع القوات المشتركة والحكومة العراقية بصرامة لتتبع الفاعلين، ولم ترد على هجوم التاجي الأخير وأفسحت المجال أمام التحقيقات لتأخذ مجراها كاختبار حسن النوايا، خاصة أنه لم يُوقع ضحايا إلا 3 جرحى من قوات التحالف.

وقد شاركت في التحقيقات مديرية الاستخبارات العسكرية وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز المخابرات العراقي، وطالب التحالف بغداد بالاطلاع على نتائج التحقيق بعد تيقن التحالف أن منصات إطلاق الصواريخ التي انطلقت من منطقة (المبزل) عبرت 3 حواجز عسكرية تابعة للجيش العراقي وهو ما أدى لاعتقال لواء قريب من ئاسة الوزراء العراقية سهل دخول الشاحنة وحاول حذف محتوى الكاميرات الخاصة بالحواجز التي مرت من خلالها الميليشيات ومنصات الصواريخ.

الدولة أمام اختبار صعب

من خلال الضغط الأمريكي والمجتمع الدولي بقواه الفاعلة اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا كالبنك الدولي والأمم المتحدة والتحالف الدولي، بدأت السلطات والقوى الفاعلة في استشعار القلق من رسائل التهديد الصريح والمبطن بضرورة تقديم شيء لتحسين الوضع في البلاد والجدية بوضح حد لمنظومات اللادولة والفساد الذي تستغله إيران للتمكن من الدولة وقراراتها، لأن تجاهل تلك الرسائل سيضع العراق باختبار صعب، إما باستمرار الدعم الدولي أو البدأ بإجراءات مؤذية للعراق في فترة عصيبة، مع تزايد الحديث عن فشل الدولة في أداء مهامها وسيطرة المسلحين على قرارها السيادي وعدم الجدية في محاربة الفساد ووضع حد لعوامل اللادولة.

صاغت الولايات المتحدة عرفًا جديدًا في التعامل مع الميليشيات والحكومة العراقية، وهو أن أي هجوم ضد القواعد المشتركة يسقط فيه جنود من التحالف الدولي، فإنها ستقوم برد أكبر منه كإجراء انتقامي، من جهة أخرى، ترغب بالتأكيد للسلطات العراقية أنه في حالة عدم التعاون في كشف الجناة وعدم التوصل لنتائج مرضية للتحالف، ستأخذ إجراءات العسكرية ضد الميليشيات حتى لو أدى ذلك لخرق السيادة العراقية ومقتل منتسبين ومدنيين عراقيين كأضرار عرضية.

من الناحية الاجتماعية والفلسفية والسياسية تختلف وتتوسع وتتعدد مفاهيم الدولة، واختلافها هو في توصيف معنى ونوع ومواصفات وشروط العناصر الثلاثة أعلاه، فهناك من يرى أنها ورغم وجود شعب يسكن أرضا محددة لكنها لا يمكن أن توصف بانها “دولة” إن لم تكن هناك مؤسسات تستطيع فرض القوانين والسلطة ونظم الحكم على هذا الشعب.

يميل الإنسان بطبيعته الغرائزية للتخلص من القيود التي تحدد رغباته وتوجهاته وميوله بغض النظر مقبولة كانت أو غير ذلك، لكن الإنسان “المواطن” كما يفترض يجب أن يمتلك قدرا كافيا من التحكم بنفسه ورغباتها فيلتزم بالنظم والقوانين التي تقود الحياة العامة ويحاول أن يحقق من رغباته ما يتماشى معها ويتجاوز غيرها ممن تخرج عن إطار الحياة والحقوق العامة.

هناك كم كبير من الأفراد ممن لا يستطيعون ولا يريدون أن يمنعوا أنفسهم من أي شيء يريدونه فيخالفون القوانين والنظم والحياة العامة ولا يراعون حقوق الأخرين ويكون معيارهم الوحيد رغباتهم ورؤيتهم للأمور فقط، وهؤلاء دوما ما تنتهي حياتهم خلف القضبان أو مقتولين، وإلا دمروا المحيط الذي يعيشون فيه وشوهوا نمط حياة كل من يدور في فلكهم.

تصبح الأمور أخطر إن كان من يمارس حياة وفكر “اللادولة” جهة سياسية أو متنفذة ولها أتباع ومريدون، فهم يؤسسون مفهوما جديد يدفع الناس للإعتقاد أن ما يفعله هؤلاء هو الصواب رغم خروجهم عن إطار النظام والقانون الذي يفترض أن يسودا الحياة العامة ويقلدهم كثيرون في الأفعال بحجة المساواة أو عدم الجدوى من النظام لأن من يخالفه كثيرون، وربما يقتدي بهم كثير من السذج ممن لا وعي لديهم ولا يحملون فكرا!.

المنافع الخاصة والرغبة في التسلط والمحافظة على الحكم هو هدف أمثال هؤلاء الأفراد والجهات حتى لو حاولوا أن يغلفوها بإطار فكري وإيدلوجي ويدعون أنهم إنما يدعمون الدولة ومؤسساتها في مغالطة واضحة وصريحة لا يصدقها حتى الأطفال!.

 

لا يمكن أن يؤتى الحق من حيث الباطل، ولا يمكن أن تبنى الدولة عن طريق الفوضى والخروج عن إطار القوانين العادلة ولا يعطي الفوز بالإنتخابات “حقا أو باطلا” أو وجود أتباع ومريدين وإمتلاك قوة وسلاح لترهيب الناس الحق لأي جهة بفرض الفوضى بديلا للدولة أو أن يجعل من يهدم الدولة ويخالف نظمها ممثلا للدولة.

الدول بمفهوم سياسي إداري بسيط يمكننا أن نستوعبه تمثل مجموعة من المؤسسات تؤطرها النظم والقوانين التي تسري بشكل عادل وصارم وواضح على كل مواطنيها بغض النظر عن مسمياتهم تعمل لخدمتهم وتحقيق مصالحهم ضمن “العقد الاجتماعي السياسي” المتفق عليه، ومن يخرج عن هذه النظم والقوانين ويخالفها أو يحاول فرض رؤيته المشوهة عليها فهو يهدم الدولة وليس أكثر من “غول” يحاول إبتلاع الدولة.

حكم الأحزاب الولائية والشخصيات الفاسدة حتى النخاع، ومحكومًا بسطوة عصابات وعصائب المليشيات، ظل العراق ينزف على مدى سبعة عشر عامًا فيما الكهنوت الإيراني يستنزف العراق سياسيًا واقتصاديًا وولائيًا معتبرًا هذا البلد العربي محافظةً كسروية صفوية لا يحكمها حاكم إلا تابع للمركز في طهران ومختوم بختم قم.

مهما قال المتحذلقون الجدد والوصوليون من فلول اليمين واليسار والمتسلقون عباءة العمامة أو القطار الأمريكي الذي حمل بريمر وعصابة الدعوة وحلفاؤها الأفندية منهم، فالنتيجة هي ما يتجرعه الشعب العراقي من زقوم وسموم طوال ما يقرب من العقدين المريرين الموجعين حدّ الموت.

بقرارٍ إيراني لا جدال فيه تقرر أن يظل العراق «لا دولة» بامتياز، فمثل هذه الحالة الأقرب إلى الصوملة تمنح الطامعين مساحات لا حدود لها من السيطرة والهيمنة والتحكم عن بُعد «برموت» المليشيات بوصفها الأدوات الفاعلة والمترصدة بتحطيم أي مشروع وقطع أي خطوة نحو «الدولة» بوصفها مؤسسات وقوانين وأنظمة ضابطة لتوازنات وعلاقات وطموحات وحتى أطماع القوى المجتمعية والفاعليات السياسية من أحزاب وتنظيمات وفق منطق الدولة العصرية والدولة المدنية.

وفي المقابل، فإن منطق الانفلات والتكسب اللامشروع يفرض مسنودًا بسلطة الكهنوت استمرار اللادولة لأن مصالحه جميعها في هكذا استمرار وبقاء.

ومعظم الحكومات العراقية السابقة التي جاءت مختومةً بختم قم، كانت مع ذلك المنطق، فلم تعمل بأجندة الدولة بل تمادت لترسيخ اللادولة من جانب ومن جانب آخر اختطفت وسرقت كل ما كان يقع تحت يدها بحكم المناصب والمسؤوليات التي أسندت لها شكليًا في صفقة «شيلني واشيلك» المستمرة منذ 17 سنة حتى وصول الكاظمي الذي راهن حتى الآن على منطق الدولة مستندًا إلى الشارع العراقي في عمومه وفي جميع مكوناته وأطيافه بعد أن دفع الثمن مكلفًا وغاليًا من حياته ومن قوت يومه ومن أمنه واستقراره، ومن جوعه وتشرده الذي بلغ مبلغًا ينذر بانفجار وشيك.

واعتماد الكاظمي على الشارع والرأي العام والقاعدة المجتمعية الأوسع في العراق لن يكون الرافعة الدافعة لإنجاز مشروعه وهو مشروع الدولة، بحسب آراء وتحليلات بعض المراقبين القريبين من المشهد العراقي وتعقيداته وتشبكاته.

ويفسرون توقعاتهم تلك بأن واقعًا مجتمعيًا محكومًا، ويرزح تحت سطوة وسلطة العصابات المسلحة والمليشيات المعسكرة والمدججة بسلاحٍ ينافس السلاح الرسمي أو ما تبقى منه، لن تصمد مواجهة، ولن يصمد مشروعه وقد يلقى المشروع وصاحبه حتفه غدرًا وتفجيرًا و… الفاعل مجهول!!

أمام هكذا احتمالات وفرضيات يقف المراقب البعيد من تداعيات وحيثيات المشهد العراقي وتطوراته حائرًا في توجيه بوصلة التحليل المنطقي لمشهدٍ غير منطقي وغير محكوم بمنطق الدولة.

واللادولة شكل فوضوي مفتوح على كل الاحتمالات وعلى جميع الفرضيات الموجعة في توقعاتها، ولن نقول في تنبؤاتها، فمازال كاهن فرعون قم، يرقب ويراقب بصمت لكنه يفعل فعله ويصدر أمره بهمس مشبوه لمن يمثله ويمتثل لأوامره في بغداد والعراق من عصابات ومن عصائب وميلشيات مازالت تتحدى بوقاحة منطق الدولة وتسخر منه وتعبث به وتعيث قتلاً وذبحًا فيمن يعترض أو يعارض، وما اغتيال هشام الهاشمي ببعيد، ولعله رسالة مفخخة وملغومة بتهديدٍ واضح بأن يلاقي من يدعو لمنطق الدولة مصير هشام الهاشمي و… الفاعل مجهول!!