غريب والله ما يحصل في هذا البلد وكأنه ضيعة من ضياع هذا السياسي وتلك الكتلة السياسية، فالدولة اليوم تفصل وفق مقاسات السلطة لا ان تفصل السلطة وفق مقاسات الدولة التي حددها الدستور ، كل ش بالمقلوب فالسياسة اليوم عندنا بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب ، أذ ان المنصب يلغى ويستحدث بناءا على امزجة الساسة ، اليوم يستحدث منصب نائب رئيس الجمهورية ليملأه فلان او لإرضاء علان وغدا يستحدث منصب نائب رئيس الوزراء لإرضاء علان او لضمان سكوت فلان ،او تنشأ وزارة بكل ملاكاتها ومديرياتها العامة كي يشغلها فهمان (، وهكذا اطحينج ناعم) دون الالتفات الى التخصيصات المالية او ظروف البلد الاقتصادية او مصالح الشعب حتى العادية منها.
ان الدساتير في كل دول العالم تحدد شكل وهيكل الدولة ، والدساتير هي الوثائق الضامنة لهيبة الدولة وسيادتها ، ولما كانت الدساتير هي من يضع مقاسات محددة للدولة، فإن الخروج عن هذه المقاسات يعد مخالفة يعاقب عليها المخالف مهما كانت صفته لأن الدستور والقوانين فوق الجميع ، والعراق لوحده اليوم يغرد خارج حدود دستوره وذلك بفعل سطوة الساسة على المشهد برمته القانوني والإداري دون إعارة أي اعتبار لأي شئ او منطق ، وهكذا تعودنا أن تغيير هيكل الدولة تغييرا متلاحقا وفق أهواء ونوايا اؤلئك الساسة الجاهلين لأصول الحكم الدستوري الديمقراطي . ولقد ثبت على وجه اليقين منذ عام 2003 ان كل تلك التغييرات والتلاعبات كانت لمصالح افراد لا لمصلحة الدولة او الشعب والدليل واضح وجلي دولة فاشلة ، لا امن حقيقي ولا تقدم ملحوظ ، ومظاهر التخلف تجدها اين ما تذهب ، فالمطلوب هو أبعاد الدولة وتكويناتها عن أهواء السلطة وحصر هذه السلطة وأفعالها في محيط الدولة لا خارجا عن مقاساتها…