22 نوفمبر، 2024 8:09 م
Search
Close this search box.

الدولة تُستعاد

لا اعلم على وجه اليقين الخبري ولا على سبيل التحليل السياسي من وراء النهج الأخير الذي بدأ يعيد الإحساس بوجود دولة واقعية على ارض العراق ، هل القرار امريكي ام محلّي من حزب معين أو كتلة معيّنة أو شخص رئيس الحكومة الجديد نفسه ،ومما لاشك فيه ان ايران ليست هي الآمرة بذلك إذ لاصالح لها فيه ، وليس البرلمان أيضا فالبرلمان نفسه منذ سنوات بل عقدين كاملين لم يطرأ عليه شيء ولم يغير من الامر شيء.
لكن الأكيد عندي ان هناك بوادر حقيقية ولأول مرة منذ 19 عاما على تفعيل الدولة -المستقلة ولو جزئيا- واستعادة دورها وربما هيبتها في القريب العاجل ، لا ادري إن كان المهندس الزراعي أكفأ عادة -في قيادة المراحل السياسية أو حمل الأمور الى الجادة- من غيره ، ولست بصدد اصدار حكم إيجابي عليه كرئيس وزراء ناجح ولكني أرى أشياء اختلفت -إيجابيا- هذه المرة بالتأكيد ولابد من الإشارة اليها والوقوف عندها جديا ،
الرجل جاء بعد إخفاقات كبيرة ومتعددة لحكومات عملت وبجهد كبير على تحطيم البلد قصدا بقرارات وبتخطيط وبتواطؤ دون شك ، من اول فوضى الجعفري مرورا بتزويرات المالكي وتأجيجه للطائفية الى ضعف العبادي الى ضبابية عبد المهدي الى آخر المصائب وأكبرها في تاريخ العراق وهي تولي رجل نصاب وكاذب محتال وجاهل لم يكمل دراسته المتوسطة لرئاسة أكبر واقدم دولة في التاريخ في مفارقة عجيبة كان القصد منها امتصاص ثورة تشرين فقط عندما كانت إيران هي اللاعب الوحيد في الساحة .
رئيس الحكومة الحالي بدأ بخطوات حقيقية وعملية لرأب ما احدثته حكومات ماقبل تشرين من صدع كبير ونهب للأموال ، و ما خرّبه النصاب الكاذبي في قلب العراق باللعب والمراوغة وتجميد القرارات الاصلاحية وتمييع الوقت ونهب الخزينة وتهريبها الى داعميه ، وإيهام الشعب والجهات المساندة بأنه سينجز الإصلاح قريبا ، وقد لطف الله بنا في آخر لحظة وأزاحه بشكل قدريّ تفاءلت انا معه كثيرا ، وإلا لكانت نُسيت دولة اسمها العراق إلى الأبد ،
فالحمدلله على شيء أحسن من لاشيء ،و”أن تبدأ مناخرا خير من ان لاتبدأ ابدا” ، خطوات الإصلاح الإقتصادي يبدو إنها على الطريق الصحيح الآن بإزاحة امير علاوي وعصابته ايضا ، وتثبيت سعر الصرف والحد -ولو شكليا او نسبيا- من تهريب النفط والدولار ، وخطوات الإصلاح الإجتماعي بدأت الدولة بأهمها واولاها وهي تفعيل قانون معاقبة المسيئين للآداب والاعراف والحياء العام النافذ اصلا منذ عام 1960 ،
والحكومة الجديدة متمثلة بشخص رئيسها لديها خطوات أصلاح المنظومة الصناعية والزراعية والكمركية وانا اصدق ذلك او على الأقل لادليل ولا إحساس عندي على تكذيبه ، وربما في قادم الأشهر ولانقول الايام ستبدأ بمحاربة الفساد الإداري والرشوة وتعيين الأقارب واحتكار الأدارات لسنوات طويلة على رجل واحد ، وأسباب أخرى نخرت جسد الدولة العراقية منذ التغيير الديموقراطي الدراماتيكي على الطريقة الهوليوودية ،
اليوم نرى باعيننا تغييرات صحيحة وإيجابية ولايجب ان نهمل أو نغض الطرف نحو التشجيع والرضا ، ونشد على أيدي الحكومة الجديدة ونحاول حماية منجزاتها من المثبطين والمخربين ، فالامر لايرضي اطرافا اقليمية ومحلية كثيرة ولايروق لهم الإصلاح ، وسوف يحاولون بكل السبل إعادتنا الى مربع الفوضى والانحطاط والتخلف والاستيراد ،
نعم قد يكون هناك قرار عالمي او اممي او دولي باستعادة دولة العراق وتامين استقرارها لاسباب سياسية او توازنات عالمية حان وقتها ، ولكنها فرصة ونحن بحاجة ماسة لها ، وايضا علينا ان تنعامل مع مانراه امامنا وهو الرجل العراقي الذي يحاول ان يدير ذلك ويوازنه رغم الضغوطات من الجارة الحالبة لثرواتنا، فمعا لدعم الحكومة ومراقبتها أيضا وتشجيعها والاخذ بيدها لاستعادة الدولة .

أحدث المقالات