يعتبر مفهوم ( الدولة ) من المفاهيم الحديثة و هو من طروحات الحداثة ، و على الرغم من الاستعمالات التأريخية لهذا المصطلح إلا أن الدولة بمعناها كيان وطني هو من إنجازات الحداثة في العالم الغربي ، و بهذا الحال فهي منجز معرفي نظري و اجرائي ، و ليست إيدولوجية أو عصبة كما كانت الدول تقام في التأريخ ، و على ذلك تتحرك الدولة الحديثة عبر مؤسسات موضوعة وفق رؤى و استراتيجيات علمية و إلا فلا يمكن تسميتها دولة ، و حيث ان الدولة تقوم على أساس ( المعرفة ) ، فهي بذلك تولي للتعليم اولوية قصوى ؛ لإنها تدرك أنها لن تحقق وجودها إلا عن طريق متعلمين مقتدرين في كل مرافقها و نواحيها ، و صار بذلك قياس مدى تقدم و تطور الدول عبر تطور وتقدم التعليم فيها … لا حاجة لنا و نحن نتحدث عن الدولة الوطنية في العراق إثبات مدى السوء الذي عانته المؤسسات التعليمية في العراق في ظل حكم النظام البعثي السابق ، و كيف أن مؤسسات الدولة في ظل النظام الديكتاتوري كانت تدار بطريقة سيطرة مجموعة من المتنفذين ، و عندما حدث التغيير دخل التعليم للأسف في أنفاق المحاصصة الاثنية و الطائفية و ظلت المؤسسات العلمية تعاني ما تعانيه المؤسسات الأٌخرى و بهذا عانت جميع المؤسسات الأخرى من مشاكل بنيوية تتمثل بطبيعة اقتدار العاملين فيها و على المستويات كافة تغيب الرؤى الواضحة و الاستراتيجية في أغلب مؤسسات الدولة العراقية ، بل ما هو أكثر من ذلك تغيب حتى الرؤى الأنية للكثير من المشاكل التي تنشىء بسبب الفعاليات و النشاطات اليومية في الأعمال ، و تتجسد ردود الأفعال كهوية للأعمال و المشاريع على الأغلب ، و هذه واحدة من أكبر المشكلات التي يواجهها مشروع إقامة دولة عراقية وطنية ، و من هنا لا بد لأي مشروع إصلاحي و تغييري إذا لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية تطوير التعليم فلا يمكن أن يكون متكاملا ، و في هذا السياق يمكن للسلطة القضائية أن تفتخر بإنها أستطاعت و بشكل ممتاز في الحفاظ على الاصول العلمية في اعداد القضاة بشكل يمكنهم من أداء مهامهم ، فضلا عن عن نجاح هذه السلطة في وضع استراتيجات واقعية حققت نتائجها بشكل ملفت ، فعدد القضاة مثلا زاد بأكثر من الف قاضي عنه في العام الفين و ثلاثة ، فضلا عن تقدم مناهج الدراسة و اليات التعليم في المعهد القضائي .