15 نوفمبر، 2024 9:28 ص
Search
Close this search box.

الدولة الوطنية/ الحلقة الثالثة

الدولة الوطنية/ الحلقة الثالثة

في غمرة التحولات الكبيرة و العنيفة في تأريخ الأمم ، تولد الأسئلة الشجاعة ؛ و الاسئلة هي ليست مجرد جملة إستفهامية بل أنها تعني المشاريع الاصلاحية العظيمة ، في العراق و في الحديث عن الدولة ؛ ينبغي أن يواجه أهل الاصلاح زعماء الاثنيات و الاديان و الطوائف بهذه الاسئلة ، و عليهم أن يجيبوا بشجاعة و وضوح : هل العراق وطن أم إثنية ؟ هل العراق وطن أم طائفة ؟ هل العراق وطن أم حزب ؟ على الجميع ان يتأملوا كلمة ( وطن ) ، هل العراق وطنكم أم الدين و القومية و المذهب الديني و الحزب هو وطنكم ؟ هل تأريخ و رموز و ثقافة و قوانين و مصالح الوطن هي ما تنتمون و تعملون لها ؟ أم تأريخ و رموز و ثقافة و قوانين و مصالح ايدولوجياتكم هي ما تنتمون و تعملون لها ؟
لن تنفع الاجابات الشعرية او الكلمات التي تستخدم في التجمعات الجماهيرية اجابات لهذه الاسئلة … هنالك من يرى أن العراق يواجه انسدادا سياسيا و تأريخيا خطير ؛ و هذا بالفعل ما يحدث ؛ قبل أكثر من  ثمانين سنة قال الملك فيصل الاول : في العراق لا يوجد شعب واحد و إنما شعب كردي و اخر شيعي و شعب سني ؛ و هذا الامر توسع و تعقد بشكل صنع في ابناء هذه الجغرافية التي تسمى العراق افضع الجرائم و الصراعات ، كل هذا حل لإن هنالك من لا يريد أن ينشىء وطن ، و لذلك عمل كل شيء و في كل مجال لإجهاض أي مشروع لدولة وطنية ، لإنها ستودي بدولته الاثنية او الطائفية ؛ و الاشد سوءا في هذا الموضوع أن دعاة دولة المكونات يحتالون على الناس و يخدعونهم بطرق شتى ، و يمارسون عليهم كل سبل التضليل من أجل أن لا تكشف عورة طائفيتهم ، يظن الناس أن هويتهم الدينية دوما في خطر ، وأن الاخر في الهوية هو عدوهم تأريخيا ؛ و أن النضال هو في الانتصار لرجال الطائفة ، و يربط كل طرف منهم خداعا الوطن بإيدولوجياتهم ، و يقنعون الناس أن الوطن هي القومية و الطائفة … منذ أن تأسست الدولة العراقية لم تولد ( دولة عراقية وطنية ) بالمعنى الحقيقي للدولة الوطنية ، و لذلك لم يدخل العراق على مدة قرن من الزمان في التسابق الحضاري الانساني المعاصر ، لإن الهويات الفرعية لن و لن تكون في يوم حضارة و أزدهار .
يطلب الناس في العراق الاصلاح ، و في كل مرة يفرح الكثير منهم بإجراءات إصلاحية ومن ثم ينقلبوا عليها ناقمين و محاربين ، و بلغ الامر بهم أنهم يريدون الاصلاح و لكن لن يقنعهم و لن يقنعهم شي هذا إذا ما تحقق شيء ، و أكثر من ذلك يريد الناس الاصلاح و لكنهم في الحقيقة قد لا يدركون بالتفصيل ما يريدون ، كل ما يعرفونه أنهم يريدون أن ينصلح حال حياتهم و عليه ينبغي ان يطالبوا بالاصلاح ، و كل ما قدم و يقدم لا يعدوا كونه تغييرات لا تمس مصالح الايدولوجيات ، لذلك لن يتحقق إصلاح يمكن له أن يحقق لهذا الشعب المظلوم شيء يستحق الذكر … الدولة الوطنية هي ليست دولة الدستور و القانون ؛ بل هي دولة دستور و قوانين و اعلام و تعليم و صحة وخدمات و امن و اقتصاد و سلوك وطني ، هذا هو المشروع الوطني ، أن تشرع قوانين وطنية كالتي تقدمت بها السلطة القضائية من أجل تثبيت الدولة الوطنية . 

أحدث المقالات

أحدث المقالات