صار موضوع الدولة المدنية مطلباً شعبياً ولا يقتصر على جهة سياسية او حزب برغم ان هذا البعض يعادي هذا المفهوم او هذا النوع من نظام الدولة شأنه شأن العلمانية بادعاء معاداتهما للدين وهذا خطأ يفترض تصحيحه سواء من يطلقه عمداً سيئو النية او من ينساق بحسن نية متاثرأ بالدعايات والاقاويل التي لاتستند الى براهين يطلقها عمداً الاسلاميون تجار الدين من هم سيء النية .. ولن نشغل القاريء الكريم بتعاريف الدولة المدنية وتميزها نسبياً عن العلمانية بل سندخل في صلب موضوعنا لنحاول الاجابة عن سؤال يشغل بال الكثيرون وهو لماذا الدولة المدنية ؟
ومع ان هنالك ضبابية في طبيعة ونوع الحكم في عراق ما بعد الاحتلال ، فلا هو حكم اسلامي مطلق ولا هو مدني او علماني ، لكنه ظاهرياً وشكلياً خاضع لهيمنة احزاب اسلاموية اساءت للدين ، وهذا ما يدفعنا وبعد سنوات عجاف تأكد فيها الفشل الذريع لهذه الاحزاب وتوجهاتها المحاصصاتية النفعية والانانية الضيقة لتسليط الضوء على الحاجة الى الدولة المدنية ليس لانها تعني العدل والمساواة ، وهذا بحد ذاته يكفي لخيارها ، لكنها بمفهوم اوسع اي الدولة المدنية تؤسس لاحقاً لمجتمع متماسك قاعدته المواطنة بعيداً عن التعصب الديني او المذهبي او القومي الضيق ، وبالتالي منح الكفاءات العلمية بمختلف الاختصاصات فرصة بناء الوطن ونهضته ..
ولان الدولة المدنية نقيض الانغلاق فانها حتماً ستشجع انفتاح العقل ورفض الجهل والتضليل وهو ما يخشاه ادعياء الدين المتسلطين والمحتكرين للسلطات لانه سيضع حد لممارساتهم التدميرية للعراق سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وانقاذ العراق منهم ..
ولايمكن تجاهل الدور الفاعل والكبير للمتظاهرين الشباب منذ انطلاقتهم الاولى في 2011 لتتصاعد وتتحول الى انتفاضة شعبية سلمية في تشرين 2019 في انضاج الوعي باهمية الدولة المدنية وضرورتها ,, تجارب العالم اثبتت اهمية الدولة المدنية وتجربة الحكم في العراق منذ الاحتلال الى اليوم تمنحنا اكثر من دليل على ان لاسبيل للنهضة وعودة العراق معافى اذا استمرت الاحزاب الاسلاموية في هيمنتها على مقدرات الوطن .. وليس هنالك من يمكن تجاهل ما تحملناه من مواطنين من الاسلامويين المحرفين للدين .
لماذ دولة مدنية سؤال تجيب عليه نسب الفقر والبطالة والمرض والامية وصرخات ودموع الثكالى من امهات الشهداء والمغدورين وملايين الايتام .. سؤال نجد اجابته في المدارس الطينية وسوء التربية والتعليم والحرمان من ابسط الخدمات .. الدولة المدنية لاتحتاج الى تنظير بل هي الضرورة للتغيير ..