18 ديسمبر، 2024 8:57 م

الدولة الكردية وطموحات غير محدودة

الدولة الكردية وطموحات غير محدودة

هل العلاقة بين القوميتين الكبريين في العراق العربية والكردية في حالة جيدة بالوقت الراهن ؟ وهل المواطنين الأكراد وخصوصاً الأجيال التي تربت في أحضان الأنفصال الكردي خلف خط عرض 32 منذعام 1991 قادرة على التعايش مع بقية المكونات العرقية العراقية وهل يمكن الحديث عن روابط وأواصر وعلاقات مشتركة وشعور بالأنتماء لبلد واحد أم ان الواقع الجيوسياسي الكردي بقيادته الحالية يفرض بقوة واقع جديد يتسم بالكراهية والحقد والعدائية والنفور حتى من أسم العراق كل ذلك تم خلال أكثر من عقد من السنين ولا يزال يتصاعد بمساعدة ودعم من قبل أنظمة دولية عظمى ومؤسسات مخابراتية ضخمة وخبراء يالشأن السايكولوجي والنفسي عملت كل هذه المنظومة مجتمعةً على اكبر عملية غسيل دماغ للمواطن الكردي وزرع وتجذير حب الأنفصال والأبتعاد عن الوطن الأم .

الواقع أن العلاقة بين العرب والأكراد لم يصفُو ماؤها ولم تكن على ما يرام على مدى قرن من الزمان وتحديداً بعد أندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى والأتفاق على تقسيم تركتها بين المملكة المتحدة وفرنسا والتي تجسدت على شكل أتفاقية بغيضة تسمى (اتفاقية سايكس بيكو) تمخض عنها تقسيمات جغرافية أدارية على أسس عرقية وقومية خلقت لدى الأكراد شعوراً بالظلم والحيف لحق بهم لأعتقادهم بأحقية قيام دولة خاصة بهم أستناداً لقاعدة حق تقرير المصيرشأنهم في ذلك شأن كل شعوب العالم لكن غياب الأرادة السياسية المستقلة وأرتباط حكومات الدول المستحدثة بأقطاب خارجية تهيمن على هذه الدول من وراء الستار أضافة لوجود تداخل عرقي وتنوع قومي في المنطقة أوجد حالة من الأحنكاك والتناحر الذي وصل الى حد الأقتتال من جانب ثاني وفي الجانب الأخير يقف الطموح اللامحدود للأكراد بقيام أمبراطورية تمتد عبر أراضي أربعة دول كبيرة ومؤثرة في الشرق الأوسط وهي العراق وأيران وتركيا وسوريا والذي يجعل الدولة المزعومة واحدة من أهم وأكبر دول المنطقة والعالم أطلقوا عليها أسم (كردستان) تمتد من سواحل محافظة أنطاليا على البحر الأبيض المتوسط نزولاً الى الأسكندرونة وجزء من الساحل السوري مروراً بالمنطقة الشمالية الشرقية لكل من سوريا والعراق مهيمنة على منابع وجزء كبير من مصب نهري دجلة والفرات مروراً بمحافظات كركوك وصلاح الدين وديالى والكوت الى منطقة العزير في محافظة العمارة ولتمتد شمالاً الى الجزء الشرقي من الهضبة التركية (محافظات غازي عنتاب وديار بكر وماردين وأرضروم ) وعبر الهضبة الأيرانية في مناطق كرمنشاه وهمدان !!.

وبالقاء نظرة سريعة وتقليب ومراجعة صفحات التاريخ لم يثبت لدينا أو نكتشف صراع حاداً أو نزاعاً مؤثراً حصل بين القوميتين أبان حكم الخلافة العثمانية عبر قرون .

بناءً على مثل هذه الطموحات التي يشوبها شيء من عدم الشرعية أنطلق الكتاب والمدونين الاكراد بكتابات تثير أستفزاز وقلق الشعوب والقوميات التي تقطن هذه المناطق لا سيما بعد التحرر من قبضة الدكتانورية في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين والرعاية التي وفرتها دول التحالف بقيادة أمريكا الراعي الرسمي العالمي لزرع الفتن والأضطرابات وبؤر التوتر في أرجاء المعمورة خدمةً لمصالحها ومصالح أسرائيل ..كتابات تتميز بالمغالطات التاريخية والمبالغة على حساب الحقيقة فقد نشر أحد الكتاب على صفحة أبرز المواقع الألكترونية موضوعاُ بعنوان (الأكراد شعب أصيل ) يقول فيه أن الكرد أسسوا الأمبراطورية الميدية في القرن السابع قبل الميلاد في هضبة الأناضول والهضبة الأيرانية وهم أبناء عم الفرس أمتد سلطانهم على كل أسيا الوسطى وأذربيجان وأفغانستان غير أن الفرس أسقطوا أمبراطوريتهم وأقاموا الأمبراطورية الفارسية وحقيقة الأمر أن الميدين ليسوا أكراداً فحسب بل هم مجموعة قبائل وطوائف متعددة سكنوا هذه الأصقاع مثل (اللور والعيلامين والكيشيين والكوتيين )وجميعهم من السكان الأصليين أضافة لقبائل نازحة من شمال شرق أسيا وعلى هذا النحو والمنوال يطرح السيد (حسن كاكي) في كتابه الموسوم (الأمبراطورية الميدية من البداية الى النهاية) والذي يرجع فيه السلالة البشرية الثانية الى كردستان التي رحل عنها من رحل وأستقر بها من أستقر ليعاد أنتشار البشرية من جديد بعد الطوفان الذي أجتاح العالم أيام النبي (نوح) عليه السلام وفناء السلالة البشرية الأولى مبيناُ أن السفينة رست على جبل الجودي أحد جبال المنطقة …ويضيف أن الحكومات والدول التي أنشأت منذ فجر التاريخ وعصر السلالات معظمها كردية ويقول ان اول ظهور لأجداد الكرد عام 5800قبل الميلاد أما مملكة ميديا فحدودها كما أوردها السيد الكاكي في كتابه على النحو التالي ( من الشرق أفغانستان ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الشمال مناطق كادوس ومن الجنوب حتى الخليج العربي وقد ضمت داخلياً ما يلي : فارس ، أرمينيا ، أشور ،عيلام ، وجزء من باكستان ، وشمال شرق سوريا)…في الوقت الذي جاءت تسمية الكرد نسبة لمنطقة (كردا) القريبة من كرمنشاه وهذه الأشارة بحد ذاتها تثير تساؤلات عديدة حول موطن الكرد الأصلي وشرعية مطالباتهم اللامحدودة بعائدية رقعة جغرافية تمتد عبر أربع دول تسكنها قوميات مختلفة .

في الختام يبدو أن مئات الملايين من البشر الذين يقطنون هذه الدول هم ليسوا سكانها الأصليين ويجب عليهم الجلاء لسواد عيون الكرد وأمبراطوريتهم المزعومة.