لم يعد خافياً على احد الدور السعودي المفضوح والمكشوف والمشبوه بما يجري في الأوطان العربية من أعمال فوضى وأحداث متوترة ، وزرع الدمار والخراب فيها ، وتشجيع الانقسامات والفتن والفساد والخطاب الطائفي ، ومحاربة الأنظمة التقدمية ، وتصدير ودعم قوى الإرهاب والتطرف الأصولية والسلفية والوهابية التكفيرية ، مستغلة ضعف هذه الدول من النواحي الاقتصادية وتدهور أحوالها وأوضاعها السياسية .
ويتساوق هذا الدور ويتطابق مع المشروع الأمريكي – الصهيوني التدميري والتخريبي والتصفوي الرامي لضرب محور المقاومة ، وتصفية قوى الخير والثورة والإصلاح والتقدم والتنور ، التي تحتضن القضية الفلسطينية وترفع راياتها في جميع معاقلها ، سعياً لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الكاملة .
ومنذ بدء الأزمة السورية لعبت السعودية ، من خلال وزير خارجيتها سعود الفيصل وبوقها الإعلامي “العربية” ، دوراً تحريضيا يزيف الحقائق ويشوهها ويتعدى كل الخطوط الحمراء ، وباتت مع مشيخة قطر وسلطنة اردوغان العثمانية من اكبر مصدري السلاح وممولي الإرهاب وموردي المرتزقة إلى سورية للقتال مع المعارضة المسلحة ، وجماعات القتل والعنف وعصابات الإرهاب السلفي التكفيري .
إن سجل السعودية وتاريخها الإرهابي حافل وزاخر بالجرائم الدموية التي يندى لها جبين الإنسانية . وقد عملت طوال الوقت على احتضان جميع المنظمات الإرهابية التي لا تؤمن بحرية الفكر والحوار والاجتهاد الديني ، وتسعى لإزاحة واغتيال كل ما هو عقلاني في ثقافتنا وتراثنا العربي الإسلامي وتسييد الفكر الظلامي الارتكاسي . وأصدر علماؤها فتاوى التكفير التي تسمح بقتل كل من يخالف مذهبها الوهابي ، التي أخذت تأثيرها على الشباب السعودي والعربي . وخصصت السعودية كذلك الأموال المفتوحة الطائلة من أجل تنفيذ أجندتها السياسية وخصوصاً على الدول التي تخالفها مذهبياً ، وهي ماضية في مشروعها التدميري التخريبي والتجزيئي في المنطقة العربية تأكيداً على تبعيتها لأمريكا واحتضانها ورعايتها لقوى التطرف والإرهاب ، وإنها لا تريد الخير للوطن العربي ، وهمها المحافظة على المكانة التي حققها آل سعود في الإبقاء على الملكيات التقليدية .
لكن من الملاحظ أن النظام السعودي بدأ يشعر بالخوف والقلق وأخذ يحس بزيادة تأثير قوة حركات التأسلم السياسي والجماعات السلفية في بلاده وفي دول الخليج العربي التي طالما أنشأها وغذاها ومولها ، نتيجة لحالة التقهقر الفكري والتخلف الثقافي والفراغ السياسي ، التي يعاني منها ويعيشها الشعب المسكين والمظلوم . ولذلك جاء القرار السعودي الأخير بتوجيه ضربة قوية لهذه القوى باعتبار حركة “الإخوان المسلمين ” حركة إرهابية ، خشية على نفسه من ارتداد السهم إلى صدره .
إن التآمر السعودي ضد سورية لن يقف عند حد معين ، ولكن تعويلنا على يقظة ووعي الشعب السوري وإدراكه لهول ما يحاك من مؤامرات ودسائس خطيرة تستهدف الوطن وتمزيقه وتفتيته وتخريبه . ولن تتحقق النوايا والأهداف والأحلام السعودية في سورية الصمود والمواجهة والمقاومة ، وستتحطم هذه الآمال والأحلام على صخرة صمود سورية وشعبها وجيشها الأبي ، الذي لا ولن يقهر أبداً .