23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

الدور الحكومي المطلوب للنهوض بالقطاع الخاص

الدور الحكومي المطلوب للنهوض بالقطاع الخاص

السياسات الخاطئة والتفرد باتخاذ القرارات وضعف الهيئات الإستشارية لأصحاب القرار وافتقارها الى كفاءات إقتصادية ومالية والاعتماد على مستشارين معظهم فرضتهم لعبة المحاصصة الطائفية المقيتة التي زرعها المحتل عند دخوله للبلد, كل ذلك أسقط إقتصادنا في الهوّة السحيقة التي نعيشها اليوم برغم توفر الكم الهائل من الموارد الطبيعية والمالية ومقومات النجاح والإزدهار المتيسرة له.

من أهم مقومات نجاح أي اقتصاد متحول الى نظام (اقتصاد السوق الحر) هو دعم القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً للقطاع العام وعدم اعتباره منافساً ونداً , والتجارب الاقتصادية الناجحة في العالم تثبت ذلك وما الاقتصاد الصيني العملاق إلا خير دليل على صحة ذلك.

المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة الراهنة التي يمر بها اقتصادنا أن تتخذ إجرارات جادة للتعشيق بين القطاع الخاص والعام واستثمار قدراته وإمكانياته لتحقيق تنمية مستدامة وهذا يتطلب العمل على احتضانه وتقديم كافة أنواع الدعم لنجاحه, وهذا يتطلب إصدار تعليمات الى وزارات ومؤسسات الدولة للقيام باحتضان شركات القطاع الخاص وتقديم كافة التسهيلات المختلفة لها والاستفادة من خبراتها المتنوعة في النهوض بالواقع الإقتصادي عن طريق منحه العقود الصغيرة والمتوسطة والقيام بعقد شراكات حقيقية مع المؤسسات الحكومية والمنشئات الصناعية لإعادة تأهيلها والقيام بإعادة الحياة لكافة المصانع والمعامل الحكومية المتوقفة التي لاتحتاج الا لخطط سليمة لنفض الغبار عنها وإعادة الحياة لها لكي نخفف عن ميزانية الدولة أعباء رواتب منتسبيها والذين أصبحوا عبئاً ثقيلاً على الحكومة برغم خبراتهم وكفائاتهم الممتازة في مختلف الإختصاصات والذين أصبحوا ضحية سوء التخطيط وضعف السياسات المتعاقبة على البلد.

ان دعم القطاع الخاص وجعله شريكاً حقيقياً سيوفر على الدولة والقطاع العام جهوداً في مختلف المجالات الإقتصادية وسيوفر على الحكومة أعباء كبيرة وسيساهم في التقليل من نسب البطالة في المجتمع لأن هذا القطاع سيوفر الآلاف من فرص العمل الشريفة لشبابنا العاطل وسيضمن حمايتهم من الوقوع في شراك و براثن الإرهاب, وهذه الخطوة تحتاج لتحقيق مبدأ المساواة بين شركات القطاع العام وشركات القطاع الخاص وخاصة في منح العقود والمناقصات الحكومية, لأن الذي يجري الآن على أرض الواقع هو ان التوجيهات الصادرة الى جميع وزارات الدولة بإعطاء الأسبقية في إحالة العقود والمشاريع والمناقصات الحكومية الى شركات القطاع العام وخاصة التي تعمل بمبدأ التمويل الذاتي مع استثناء عروضها من مبدأ السعر الأوطأ في المنافسة مع العطاءات الأخرى ,وهذا الإجراء سيكون صحيحاً لو ان هذه الشركات تعمل بشكل حقيقي وتستثمر إمكاناتها الفنية والصناعية ولكن الحقيقة التي يعرفها الجميع بأن جميع شركات التمويل الذاتي متوقفة فنياً بشكل تام والذي يحصل على أرض الواقع بأنها تحصل على هذه العقود لصالحها وتباشر الى

التعاقد بشكل سري مع شركات القطاع الخاص لتنفيذ هذه العقود وبهامش ربحي بسيط جداً تقبل به شركات القطاع الخاص مضطرةً لتمشية أمورها نتيجة للركود الإقتصادي الموجود في البلد, وهذه العملية لايمكن تسميتها إلا بالبطالة المقنّعة التي تضر بالإقتصاد العراقي وتساعد على استمرار شركات التمويل الذاتي بالمراوحة في مكانها ومصانعها مستمرة في توقفها وتبقى كوادرها الفنية مستهلكة وليست منتجة.وهذا يجعل من شركات التمويل الذاتي تعمل عمل السمسار الذي لايهمه سوى جني الأرباح ضارباً بالصالح العام للمؤسسات والمعامل الصناعية عرض الحائط.

القضية تحتاج الى إجراءات حقيقية من قبل حكومة السيد العبادي لإنهاء هذه الحالة السلبية والعمل بشكل سليم للنهوض بواقع القطاع الخاص وتوفير كافة التسهيلات اللازمة لمنحه دوراً حقيقياً للنهوض بالإقتصاد العراقي المتردي والمساهمة في إعادة إعمار البلد وتجاوز المحنة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.