أكدت الأحداث التي مرت وتمر في منطقة الشرق الأوسط أن الإدارة الأمريكية أطلقت العنان لإيران في التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية لتحقيق مصالح مشتركة بين الطرفين هدفها الهيمنة على مقدراتها وثرواتها النفطية وتامين امن إسرائيل ، بتقسيمها الى دويلات وطوائف قومية وعرقية واثنيه ،مع دعم التيارالاسلامي السياسي (تونس وليبيا ومصر والعراق)،لإحداث قتال داخلي بين طوائف وقوميات ومذاهب هذه الدول أي إشعال الحرب الأهلية الطائفية فيها،وكانت ايران في مقدمة من أيقظ خلاياه النائمة في هذه الدول ودول الخليج العربي تمهيدا لتصدير ثورتها إليها، وإقامة ما يسمى ب(الهلال الشيعي)،وأظهرت أحداث اليمن والبحرين والعراق صحة هذا التوجه الخطير ،والذي أفضى الى إعلان حكام طهران الوقوف مع نظام بشار الأسد وتسيير رحلات يومية لطائرات إيرانية محملة بالأسلحة والعتاد والصواريخ وألوية الحرس الثوري وفيلق القدس الى سورية لقمع ثورة الشعب السوري ،إضافة الى الإيعاز لحزب الله اللبناني بالمشاركة معه في هذه المعركة لإنقاذ النظام هناك الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط الحتمي ،وأعلنها صراحة حسن نصر الله (أن نظام بشار الأسد هو من زوده بالسلاح والصواريخ وغيرها وعلينا الدفاع عن هذا النظام حتى النهاية ولا نسمح بسقوطه أبدا)،وآخر هذه التصريحات هو تصريح ممثل خامنئي المدعو صالحي حين قال( إن ايران لا تسمح بكسر محور المقاومة)،إذن المعركة أصبحت واضحة الأطراف والأهداف على الأرض السورية(ايران تزود نظام بشار الأسد بالجيش والصواريخ والعتاد والإعلام والميليشيات العراقية الموالية لها وكذلك عناصر ودعم حزب الله)،وهو نفس الدور الذي لعبته مع القوات الأمريكية في العراق منذ بدء الاحتلال الجبان على العراق،هذا هو التخادم السياسي بعينه ،تخادم المصالح والمواقف وتبادل الأدوار القذرة لإضعاف المنطقة العربية ،ونهب ثرواتها وتقسيم دولها طائفيا وإذلال شعوبها،فيما تلعب القوى الأخرى الغربية والعربية دورا آخر لا يقل خطورة منه تماشيا وخضوعا للقطب الأوحد أمريكا ،هذه المصالح المتبادلة بين أمريكا وإيران جعل المنطقة كلها على فوهة بركان دموي ماض وقادم فالدماء العراقية والليبية التي أراقتها الإدارات الأمريكية والغربية والملايين التي هجرتها الحرب هي ثمن الديمقراطية الأمريكية المزيفة التي أرادت أمريكا باسم الفوضى الخلاقة فرضها بالقوة على الشعب العربي العراقي والليبي، والآن تسفك الدماء السورية كالمطر بإشراف أمريكا وإيران وبسلاحهما ،دون أن يسمحوا للشعب العربي السوري بأخذ دوره الوطني في تقرير مصيره بيده وبدماء أبنائه الزكية ،فالتدخل الأمريكي –الإيراني في سورية ليس لإنقاذ الشعب من نظامه ،وإنما لإشعال الحرب الأهلية هناك كما أشعلوها في العراق وذهب مئات الآلاف ضحايا من أبنائه البررة،وأحيلكم الى تصريحات المعارضة السورية بالأمس عندما اشتكت من عدم صدقية الدعم الأمريكي لها، وتخليه عنها في مواجهة دموية النظام السوري والحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله ،التي استخدمت كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا والطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة ضدها ،وتدمير مدن سورية بأكملها ومحوها من الأرض،وقتل وتهجير مئات الآلاف من أبنائها الى دول الجوار،فالهدف الأمريكي والإيراني يختلف عن هدف الشعب السوري ،فأمريكا وإيران تريدان تفتيت وتقسيم سورية (تصريح إسرائيلي أن سورية يمكن أن تقسم الى ثلاثة أقسام سنية وشيعية علوية وكردية)،فيما يريد الشعب السوري التخلص من نظام الأسد الاستبدادي والدكتاتوري،اذن المشروع الإيراني ألصفوي هو مشروع كوني واضح المعالم والأهداف (مشروع ديني قومي صفوي توسعي)،فيما المشروع الأمريكي ( تقسيمي وتفتيتي طائفي وعرقي وقومي)،وهذان المشروعان هما من اخطر المشاريع التي تواجه المنطقة العربية والشرق الأوسط ،وينذران بحرب عالمية ثالثة لا محالة تشترك فيها قوى عظمى هي روسيا والصين وإيران والغرب وأمريكا كتحالفات متضادة لتضاد مصالحا في الشرق الأوسط، الأوضاع تزداد تعقيدا وتوترا ،مع ظهور تهديدات جوفاء لا قيمة لها من إسرائيل لضرب المفاعلات النووية الإيراني وتدمير برنامج ايران النووي العسكري ،هذه التهديدات مضى عليها أكثر من سنة دون أن تنفذها إسرائيل ،بالرغم من الحشود العسكرية الأمريكية والبوارج الحربية والغواصات وارتال الجنود التي ملأت مياه الخليج العربي ضجيجا وجعجعة واستفزازات فارغة،ولكن هل نشهد في نهاية المطاف عملا عسكريا تنفذ فيه وعودها إسرائيل بمعزل عن إدارة اوباما وبتسهيلات أمريكية وغطاء أمريكي مباشر ،هذا السيناريو غير محتمل في المدى المنظور ،لسبب بسيط هو أن الأمر إذا لم يحسم في سورية وتقص أجنحة ايران (السورية وحزب الله) ،فان التهديدات ستظل قائمة أمريكيا وإسرائيليا ،فالدور الإيراني في سورية له وجهان هما،لإبعاد الضربة الأمريكية –الإسرائيلية المحتملة لها بسبب برنامجها النووي العسكري والمال هذا البرنامج الخطير على مستقبل الشرق الأوسط والعالم ،وتنفيذ مشروعها الكوني المشار له أنفا ،هذا هو الوجه البشع للدور الإيراني في سوريا والمنطقة العربية ،فهل ينتبه العرب ويتعظوا……………