عندما دخلت أمريكا للعراق في عام 2003 فإنها عرضت خمسة مليون دولار لكل من يريد إفتتاح محطة فضائية, مما شجع على إنبثاق العديد من المحطات الفضائية، و بديهي كل من هذه الفضائيات تروج لمبادئ صاحبها و تظهره بالقديس و تطعن بالآخرين و هذا ترسخ للشعب بأن الجميع حرامية. و أصبح الشعب لا يرى غير هؤلاء على أرض الساحة السياسية. و من نتائج هذا التهريج الإعلامي أن 80% من الشعب العراقي لم يشتركوا في إنتخابات 2018 البرلمانية بحجة أن الجميع حرامية، و هذا التصرف سمح للطبقة السياسية المخضرمة البقاء في السلطة بفضل أتباعهم الذين أعادوا إنتخابهم أو بالحقيقة بيع أصواتهم لهم مقابل بطانية أو للحفاظ على الراتب المرتبط بوجودهم. و من نتائج التهريج الإعلامي أن الذين قاطعوا الإنتخابات تحت شعار “كلهم حرامية” كانوا يتداولون مقولة بأن مقاطعة الإنتخابات بنسبة أكبر من 40% ستجعلها غير صحيحة حسب القانون الدولي، و هذا يجعل الأمم المتحدة تأتي بالقوات الدولية لتسيطر على العراق و تزيح هذه الطبقة السياسية عن السلطة و تنصب حكومة طوارئ لحكم البلاد و إعادة الأموال المسروقة و إعمار العراق. و لكن بعد مرور سنتين من هذا التهريج لم يحدث أي شيء مما كان يقال بل حدث الأسوأ، حيث أصبحت الرواتب توفر بالإقتراض و يتأخر في توزيعها. لا يوجد قانون دولي لقياس صحة الإنتخابات و ليس للأمم المتحدة السلطة للتدخل في إنتخابات الدول و إزاحة سياسييها من السلطة و تنصيب حكومات طوارئ بدلاً عنها، فهذه كلها تهريجات ناتجة من تهريجات الفضائيات.