المنطقة العربية بين كفي كماشة , الغربية منها ذات أسنان نووية والشرقية ذات مخالب طائفية , والشرقية ترفع والغربية تكبس , ودول المنطقة منقوصة السيادة وملعوب بها “شاطي باطي”.
تمزقها التناحرات وتقطع أوصالها القوى المفترسة لها بقواعدها الجبروتية الفتاكة , وحكوماتها تفعل بما تؤمر , فالشعوب عدوها , وقيمة الإنسان لا وجود لها وحقوقه مجهولة , وإهدار دمه ما أسهله , ولا يستطيع المواطن أن ينبس ببنت شفة مطالبا بحقوقه , لأنه سيباد ويتهم بالجريمة طرف ثالث أو رابع , سرابي المواصفات وعلامته الفارقة أنه مجهول.
وكل مَن عليها طار , تغتاله مُسيّرة , أو تخطفه مجاميع مسلحة آثمة , تنهر الحكومة وترتعب منها أجهزتها الأمنية كافة , فالسلطة المطلقة للمجاميع المدججة بأسلحة من القوى التي تدّعي مناهضتها , وهي المترعرعة في أحضانها والمؤدية لطقوس طاعتها , وتأمين مصالحها.
القوة المعاصرة تكنولوجية عقلية إبتكارية , ومجتمعاتنا تغوص في الأدينة (إستخدام الدين لتبرير نوازع النفوس الأمّارة بالسوء) , وتحسب الحياة في الدين , والقوة في الدين , وما يتصل بذلك من طروحات وهذيانات وأساطير لتخدير الناس وإمتلاكهم , وحذف وجودهم من الدنيا الفانية النكراء.
مجتمعات تحلق في فضاءات مطلقة , وأخرى تندحس في مغارات التراب , وتندس في رميم الأجداث , وتحسب الأموات يحكمونها ويتدبرون أمورها , ولا يوجد فيها بشر يمت بصلة إلى مواكب الحياة.
يصنعون وينتجون , ومجتمعات أمتنا ما أبدعها في العويل والرثاء واللطم , وبمسيرات البكاء على ما ترى وتتصور وتؤمن به بأنه طريق النجاة , فالهموم تتراكم والنواكب تتعاظم , والعقول معطلة , والطامعون يتأسدون ويفرشون الطرقات بما يساهم في القبض على مصير العباد , ومصادرة حقوقهم وثرواتهم وهم السادرون السكارى بدموع الخيبات.
مجتمعات تخلخلت فهي كالعهن المنفوش , وما يجري فيها يمكن مقارنته بما جرى لدول الطوائف في الأندلس التي قضت نحبها بعد بضعة قرون , وصارت “شذر مذر” , وإستولى على مصيرها الآخرون , وهذا ربما سيحصل في المنطقة بعد أن تدور العقود وتتعاقب القرون , وستصبح دولها مأهولة بالأغراب , وأهلها مذابون في مجتمعات تآلفت فيها الأجناس البشرية كافة لتأمين مصالحها , وتأكيد سعادتها.
فهل ستبقى دول ذات هوية عربية؟!!
وهل نعرف “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”؟!!
د-صادق السامرائي