منذ 14 تموز عام 1958 والدماء العراقية تسيل أنهاراً والأقتصاد يتفاقم إنهياراً .والمجتمع في تفكك وتمزق. وخُلقت طبقات إجتماعية جديدة,جراء تَقْريب الحزبيين والمنتفعين من الأقارب والحواريين والمنافقين. فزادالفقراء فقراً. وإنتشرالفساد بأنواعه وأشكاله الظاهر منه والباطن بتصاعد مضطرد.والعراق كدولة بَهُتَ لونُها وبدأ بالأنهيار هيكلُها وهَزُلتْ مؤسساتها .وتقلبت ألوان حكامها وتنوعت ديكتاتورياتهم وإستهانتهم بالعلم والمعرفة والدراية بإصول الحكم .فمِنْ حكمٍ منفرد متسلط لآخر شمولي دموي. والحصيلة من سيءٍ للأسوء.
ولا أذهب بكم بعيداً في عمق التأريخ .بل في ما نحن فيه اليوم مِنْ مسلسلِ الرعب والخراب المستمر.
فمراحل الأرهاب تتدرج وتتنوع وتتصاعد وتتواصل .فمن نهاية حكم دستوري لحكمٍ عسكري ثمَّ حكمٍ دموي شموليٍ ساقنا لحروب عبثية الى القاعدة والزرقاوي والطائفية والقتل على الهوية, الى الفساد الإداري والمالي والتردي الأمني الرهيب وداعش ثمَّ التغول الكوردي وإستقوائه وتعدّيه على مكونات العراقيين الأخرى. وهيَ المرحلة التي أِعدَّها لنا اليوم مَنْ يريد لنا إستمرار دوامة العنف والقتل والتخريب .وتعطيل النمو الإقتصادي والعلمي والحضاري, من قوىً دوليةٍ وإقليمية وداخلية مرتبطة بأجنداتٍ أجنبيةٍ,وما مرحلة الصراع الكوردي مع بقية شركاء الوطن والتعامل مع بقية العراقيين بغرور وغطرسة وتعالٍ كبير وجرِّ البلاد لحربٍ أهلية إلا الحلقةَ الجديدة من المسلسل.
وجاء إجراء مجلس النواب و مجلس الوزراء متأخراً جداً عندما صدرت قرارات عدم مشروعية الأستفتاء وإقالة محافظ كركوك. ,بَعدَ أن إستفحل الأمر وسَدرَ الكورد في غيهم. وأخذوا بالتصعيد والتهديد والوعيد.وهم لم يَقْدِموا على هذا لو لم يكن لهم دعمٌ مخفي .سيظهر للعلن بعد أن تُعْلَن دولة كوردستان, وإستيلاء الكورد على أرض عراقية ليست كوردية ,وهي مشتركة بين العراقيين كافة.وهذا مسلسل شبيه بقضية إحتلال فلسطين وقيام دولة إسرائيل. التي إستولت على الضفة الغربية والجولان وهي أراضٍ محتلة وفق القوانين الدولية .وقرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
وما دفعني لهذا السرد ومعذرةً من الأطالة هو دماء الشهداء التي تسيل يومياً. وآخرها دماء شهداء الناصرية بشكل همجي ودم بارد.فماذا صنع أهل الناصرية حتى يُبادوا ويُرَّوعوا بهذا الأسلوب البربري؟أهذاجزاء من قدم التضحيات والشهداء في الموصل والرمادي وتكريت. وحرروا الأرض بكل شرف وتضحية وأعادوها لأهلها
خلاصة الكلام لقد تأكد للجميع فشل الأحزاب والكتل السياسية في إدارة الدولة وتحقيق الأمن في البلاد.وبمقدمةِ مؤسسات الدولة الفاشلة التي قامت على مبدأ المحاصصة. هي المؤسسات الأمنية التي تعوزها الأستخبارات المهنية التي ترفد الجهات المعنية بالمعلومات .لأنها غير كفوءة وغير مدربة تدريباً مناسباً.لذا بات من الواجب والمطلوب تنقية هذه الأجهزة من رأس الهرم الى القاعدة. ولا بدَّ من تخلي هذه الكتل عن الأمساك بالسلطة وترك خناق الشعب ليتنفس .ففشلهم لم يعد بحاجة لدليل ولا إثبات.
ومن المعيب بقائهم في السلطة. فقد سئمهم الشعب وبات الأستماع لهم يثير الأشمئزاز والقرف.فمَن كان منهم يتحلى بالوطنية ويقرُّ بأن الأسلام ديناً لا يرتضي الظلم ولا الفساد ولا التسلط.فعليه الأختفاء والأنزواء.وليكن هذا قبل فوات الأوان. وإستعار الغضب الشعبي باللهيب الذي يحرقهم ويحرق الشعب والبلد.
نحن بحاجة لتطهير وإعادة هيكلة القوى العسكرية عامة والأمنية خاصة وتنقيتها .وقبل هذا نحن بحاجة للتنقية و التطهير السياسي بشكل جذري.ولن يحل ببلدنا السلم المجتمعي إلا بمغادرة هذه الكتل الفاشلة الساحة السياسية وحظر كل المناصب عليهم.وليكن هذا كتغيير دم الأنسان وتطهيره من الدم الفاسد بدم نقي جديد.والى أن يتم تطهير الأجهزة الأمنية وتنقيتها وتأهيلها لا بدَّ من الأستعانة بمجلس الأمن وطلب العون من قوى دولية للمساهمة في حفظ أرواحنا وبلادنا بعد أن فشلنا فيه.ولا بدَّ من إشراك الشعب بلجان أمنية شعبية بعيدة عن هذه الأحزاب, نقيةً من دنسها .وفي مجتمعنا الكثير منهم وقسم كبيرمنهم متأهل وممارس سابقاً للمهمات الأمنية.
ولكي نتمكن من هذا لا بدَّ للشعب الحد من مظاهر التعصب العرقي. فكلنا عراقيون من الدرجة الأولى .و على الشعب لكي تلتئم وحدته ويعمه السلام أن يقلِلَ من المظاهر الطائفية قدر المستطاع .وعلى الحكومة أن تساهم بهذا بحصر العطل الرسمية بالضروري الجامع منها لا المفرق وإعتماد العطل الرسمية الذي كان معمولاً به قبل 1958 فقط.
أما إخوتنا الكورد الذين نعتز بهم فأملنا أن يُحَكِّموا العقل وأمامهم طريق التراجع مفتوح. والأفضل لهم حصر طلبهم بإنفصال المحافظات الثلاث سليمانية وأربيل ودهوك .وترك بقية الأراضي العراقية مشتركة .و هذا قابلٌ للحوار والنقاش والتفاوض مع الشعب العراقي والحكومة الأتحادية.
ويمكن للبرلمان العراقي وحكومتنا الأتحادية فك الأرتباط من طرف واحد بإقليم كوردستان بمحافظاته الثلاث لا غير.وإشراك مجلس الأمن في حسم عائدية المناطق المشتركة أو المتنازع عليها.وليذهب الكورد ويشكلوا دولتهم لنتفرغ لبناء العراق ونُبْعِد الشر عنه.فقد وصل الحال للعداء وربما سيصل لكسر العظم .وإشتعال الحرب الأهليه .وعلينا تجنب هذا فهي مكيدة للأيقاع بالعراقيين وزجهم بحرب جديدة مُهلكة.
فلا بدَّ من التنقية و التطهير ولا بدَّ من إختفاء الكتل الساسية عن الساحة .وهذا هو ثمن الدم المسال