18 ديسمبر، 2024 9:13 م

الدم العراقي في ذمة الخلود  

الدم العراقي في ذمة الخلود  

تاريخ الدم العراقي حافل بالعطاء فقد روّى هذه الأرض على مر العصور ، حيث لاتمُر حقبة من الزمن إلا ويكون الدم العراقي حاضراً فيها ، ويكاد يكون مصدر الحياة لهذه الأرض ، حيث جرى فيها مجرى دجلة والفرات. 
منذ آلاف السنين والعراق غريق في بحر دماءه وحتى تاريخنا الحديث، وما حروب الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي عنّا ببعيد والتي تزامنت مع موجة وحشية 
من الإعدامات والتصفيات الجسدية بشتّى طرق القتل ، حيث تفنّنَت السلطة الحاكمة وابدعت في تسجيل أعلى نسبة ضحايا لإشباع رغباتها في تصفية الإنسان العراقي، وماتلاها من حصار وتجويع وموت ذريع. 
ثم جاءت حرب إسقاط النظام وماتبعها من مآسي وويلات أدت إلى دخول العراق في دوامة الأزمات والمآزق التي تمخضت عن ولادة الإرهاب ، الذي ارتكب أبشع الجرائم من قتل وتهجير واغتيالات وتفجير ، لم تقتصر على الإنسان فقط بل شملت حتى التأريخ  والآثار  .
فكانت سنوات حافلة بالطائفية المذهبية والاثنية والفرقة والتناحر والمناكفات .
تبلورت عن ذلك صور إرهابية متعددة كانت داعش آخِر تجسيد للعنف والخلاف المذهبي الذي تجلّى عن الاختلاف السياسي .وهنا أما أن يبقى البلد رهينة الصراعات وتصفية الحسابات وتكفير الآخر وعدم الإعتراف بمشروعية وجوده كشريك حقيقي له حقوق وعليه واجبات ، وسيتمخض عن هذا الوضع ولادات جديدة قد يكون التقسيم آخرها ، وبذلك ينتهي وجود بلد إسمه العراق .حيث سيذوب المقسم في المحيط الإقليمي كلٌّ حسب انتماءه ، وحتى في هذه الحالة قد لايسلم الشعب من حروب محتملة ستسعى في ايقادها دول المنطقة حسب ماتقتضيه مصالحها. 
وأما أن يصحو العراق من غفلته ويلملم شتاته ويضمد جراحاته لكي يكون قوياً معافى وأن يدرك أن نسيج مكوناته لايمكن أن ينفلت بأي صورة من الصور ، وهذا لن يتم إلا بالحوار وتقبل الآخر وتجاوز العقبات من أجل النهوض بدور كبير في المنطقة، ويكون ذلك بابرام العهود والمواثيق برعاية دولية واممية ونبذ وإقصاء ومحاسبة كل من تسبب بإراقة وامتهان الدم العراقي ، وإغلاق منابع جداول الدماء. لكي يتمكن الجميع من العيش بسلام وأمان.