18 ديسمبر، 2024 6:26 م

الدمج بين الديمقراطية والديكتاتورية في العراق بعد عام 2003

الدمج بين الديمقراطية والديكتاتورية في العراق بعد عام 2003

من المعروف ان العراق مرَ بظروف تكاد تكون غريبة في التاريخ المعاصر وهي الاغرب في تاريخ العراق .حيث نرى مرور العراق في منعطف من الويلات والحروب على مدى (66) عاماً .حيث نرى قيام الجمهورية العراقية في عام (1958) .كان النظام الجمهوري هو السائد و النظام الرئاسي هو النظام المتبع في العراق .مروراً بنظام الحكم في زمن صدام حسين و الذي شهد حالات من القتل و الجرائم اللاإنسانية من تعذيب و قتل مبرح .ومن الجدير بالذكر ان دخول العراق في حرب مع ايران و التي استمرت ثمان سنوات .ومن ثم الحرب مع دولة الكويت عام 1991 .و التي انهكت الكثير من قدرات العراق الاقتصادية و السياسة سواء كان على المستوى المحلي والاقليمي والدولي من خلال فرض العقوبات الامريكية على العراق و التي ادت الى فرض حصار اقتصادي على العراق و كانت له اثاراً سلبية على العراق و لاسيما في المجال الاقتصادي .وصولاً الى اسقاط النظام في عام 2003 .حيث شهدَ العراق حالة من التحول من النظام الديكتاتوري الى النظام الديمقراطي وهي حالة تكاد تكون الاولى في تاريخ جمهورية العراق بعد الاحتلال الامريكي لعام 2003.اذ نجد تأسيس افكار جديدة في خلاص العراق من نظام الحكم البائد .وتحول اسس الدولة العراقية الى عدة مسميات منها اقامة النظام البرلماني و التأكيد على تعدد الاحزاب تحت مسميات متخلفة .ومنها الدينية و المدنية و الكردية و اخرى كثيرة .و لكن شهد العراق حالة تكاد تكون الاغرب في اثارة الفتن الطائفية والقومية .و الاغرب من ذلك كله جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية .و لعلَ اكثر تلكَ الصراعات هي الصراع الامريكي الايراني في العراق .اذ نجد كلتا الدولتين تحاول الهيمنة على الاخرى بطرق مختلفة .على حساب مصلحة الشعب العراقي هذا من جانب .و من جانب اخر زرعت الهيمنة الايرانية عملاء لها في كافة ربوع العراق .عملت على تحطيم موارد العراق من الزراعة والصناعة والتجارة و غيرها الكثير .و الادهى من ذلك هو استخدام مبدأ سيطرة الدين على الدولة .تحت مسميات واهية في سبيل الحصول على مصالحها الشخصية .و تم اتخاذ مبدأ الديمقراطية في العراق .والتي تقام على اساس الانتخابات .و تم اجراء خمس دورات انتخابية تحت مبادئ متعددة الآراء منها اتخاذ مبدأ المحاصصة و التوافقية .متخذة الفساد ونهب خيرات البلاد شعاراً لها بحجج واهية .تجدر الاشارة الى ان الية الانتخاب في العراق شٌكلت على انتخاب (325) نائباً في مجلس النواب العراقي على وفق ترشيح الشعب العراقي لها في المراكز الانتخابية في كافة انحاء العراق .من خلال صندوق الانتخابات في المراكز الانتخابية .حيث نجد مفوضية مستقلة للانتخابات في عموم العراق .حيث تم استخدام نظام الدائرة الواحدة في انتخابات (2005) والعمل على تخصيص مبالغ مالية هائلة من موازنة العراق .الا انها اتخذت مسارات عدة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية التي يتخذها البعض كمحور في اجراء الانتخابات .من خلال ترشيح اسماء في الاحزاب السياسية المهيمنة في البلاد وفق مصالح خاصة على حساب بث روح الفساد في العراق من خلال محاولة الابعاد اهل الخبرة والكفاءة عن الانتخابات و اتخاذ مبدأ التوافقية والفساد في تغيير نظام الانتخابات من خلال استخدام القوانين التي تخدم المصالح الشخصية هذا من جانب .و من جانب اخر نجد مبدأ تضارب الرؤى و العمل على خلط الرؤى او ما يسمى بخلط الاوراق من خلال اتخاذ قرارات متباينة الافكار او بالأحرى قد نرى تصريحات لصالح العراق في حين نجد العمل عكس هذه التصريحات. وهنا نجدد تكرار الاسماء المرشحة لصالح الكتل والاحزاب السياسية و التي تم ترشيحها على اساس المصالح الشخصية دون الاخذ بنظر الاعتبار مبدأ النزاهة و الكفاءة و تراجع البنى التحتية وعلى مدى اكثر من 20 عاماً. هنا تجدر الاشارة الى تكرار سيناريو الدكتاتورية مع الابتعاد عن محور الديمقراطية فاين هي روح الوطنية بعد عام 2003 ؟هذا من جانب .ومن جانب اخر تم كتابة دستور العراق في عام 2005 من قبل كتل و احزاب ذات نفوذ سياسي و لكن مع شديد الاسف اصبح محتويات الدستور مجرد نص مكتوب او بالأحرى كلاماً على الورق فقط .فتجد اغلب المواد لا يعمل بها ومنها عدم اقرار قانون النفط والغاز .و هذا القانون اصبح حديثً الساعة الى يومنا هذا و منها اقليم كردستان .اضافة الى وجود اتفاقات تسري خلف الكواليس من الاحزاب السياسية حول بنود الموازنة .فنجد تكرار هذا السيناريو طوال العقدين الماضين .حيث نجد دخول العراق في صراعات داخلية مقابل تعطيل قدرات الشعب العراقي .وبالمقابل نرى حالات غريبة الا وهي عدم الاتفاق على بنود الموازنة وتأجيلها لسنة اخرى نتيجة لوجود صراعات وانقسامات داخل المكونات السياسية وتجد هذه الصراعات تكون داخل المكون و الحزب الواحد في سبيل المصالح الشخصية في اغلب الاحيان .وتعطيل الكثير من المشاريع الخدمية والاستثمارية اضافة الى شل حركة السوق العراقية وتأخير رواتب الموظفين سواء كانت في الحكومة الاتحادية ام حكومة اقليم كردستان .وهنا نجد تكرار هذه الحالة في عام 2019 متزامناً مع ازمة انتشار فيروس كورونا العالمية والتي انهكت الكثير من الاقتصاد العراقي وارتفاع مستوى غلاء المعيشية في عموم العراق .في حين نرى فساد الطبقة السياسية اصبح واضحاً كوضوح الشمس .ولذلك نرى الشعب العراقي يسير نحو مصير مجهول فلذلك يعمل على التنديد بالظلم و المطالبة بالحقوق المسلوبة منهم عن طريق التظاهرات والاحتجاجات .و نجد تظاهرات تشرين هي الشاهد الحي على كل هذا الفساد و الظلم المستشري في العراق .و لكن وجدنا الرد الهجومي من كافة الاحزاب على المتظاهرين . و لعل دماء الشهداء و الجرحى هي اكبر الجرائم التي ارتكبها الطغاة بحق الابرياء .اذ نجد تكرار سيناريو النظام البائد من خلال كتم الحريات للشعب العراقي .والقتل والتعذيب المبرح للشعب العراقي .الذي طالب بأبسط حقوقه في العيش الكريم من توفير البنى التحتية للعراق .و الابتعاد عن المحاصصة و نشر الخدمات للمواطن العراقي .و تم الاجماع على تشكيل حكومة توافقية من قبل شخص مستقل .ولكن تجده مكبل الايدي من خلال سيطرة الاحزاب والقوى السياسية عليه .من الجدير بالذكر ان السيد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد طرح البرنامج الحكومي للحكومة في سبيل ايجاد حل امثل للبلاد للخلاص من هيمنة الفساد المالي و الاداري و هذا البرنامج الحكومي يطرح في كل دورة انتخابية .الا انها لم تطبق و دعا الى مبدأ التنازل اكثر من مرة .ولكن كلامه ذهبَ في مهب الريح . فهنا السؤال يطرح نفسه اين هي ملامح الديمقراطية في العراق بعد 2003؟ .في ظل عدم وجود ارادة وطنية مع وجود انتهاك صريح لمبادئ حقوق الانسان العراقي .مع الاستمرار بالعمل لنهب خيرات العراق لصالح احزاب و كتل عميلة لدول اخرى .و انهاك الموازنة السنوية مقابل الحصول على صفقات للصالح الشخصي. ومع تأخر اقرار الموازنة لعامين متتالين . نجد تجدد دعوة الشعب العراقي الى الانتخابات المبكرة .و حصلت الانتخابات في العاشر من تشرين الاول من عام 2021 .ولكن بعد فوز التيار الصدري و خسارة الاطار التنسيقي للصدارة في الانتخابات .جعلت القوى السياسية تدخل في انسداد سياسي كبير جداً .والوصول الى ازمة سياسية تكاد تكون هي الاولى منذ عام 2003 .حيث وصف البعض الانتخابات بالمزورة .ومن ثم الدخول في ازمة الثلث المعطل في تشكيل رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس الوزراء .من الجدير بالذكر صعود عدد من المستقلين الى مجلس النواب حال دون المشاركة في الحكومة. من خلال تصريحات اكثر النواب المستقلين .و هنا نجد حالة غريبة جداً الا وهي انخراط بعض النواب المستقلين في صفوف الاحزاب السياسية مقابل دفع مبالغ طائلة من الاموال للانخراط في الاحزاب السياسية والتي تتسم بالمحاصصة والتوافقية .وهنا قد يتساءل البعض اين هي مبادئ ثورة تشرين و الذي ضحى بها الكثيرين من ابناء الشعب العراقي .في سبيل التغيير للوجوه و الكتل السياسية ؟ اليس هذا

هو الفساد السياسي بحد ذاته .

. اذ نجد اتخاذ مبدأ الرشوة السياسية من خلال دفع اموال ضخمة لبعض المستقلين مقابل الانتماء الى الاحزاب السياسية .وهنا نود الوقوف على الحدث الاهم في هذه الانتخابات الاخيرة .وهي الصراع بين التيار الصدري الذي دعا الى تشكيل حكومة اغلبية وطنية وبين الاطار التنسيقي الذي رفض ذلك المبدأ .و عمل بشتى الطرق على ايجاد حلول لتشكيل حكومة اغلبية وطنية مستعيناً بالتواصل مع القوى الاخرى سواء كانت الكردية او السنية .هنا تجدر الاشارة الى حالة تكاد تكون مخفية عن الانظار وهي العمل بعالم ما وراء الكواليس في السياسة كما ذُكرَ في اعلاه. حيث نرى الجدل الدائم بين القوى السياسية محاولين خلق ازمة في العراق .و من جانب اخر نرى العمل على قبول الاطراف الاقليمية من الدول الخارجية .فتراهم يعملون ليلاً ونهار على ارضاء الدول على حساب الشعب العراقي و هنا تجدر الاشارة الى امر مهم جدا وهي وجود حالة دمج الديمقراطية بالدكتاتورية في ظل وجود شبكة من القوى السياسية تعمل بروح الدكتاتورية في العراق بعد 2003 .اذ نرى اغلب القوى السياسية اتخذت من الدكتاتورية محور العملية السياسية في العراق كما ذكرنا في اعلاه.من حيث وجود مسارات مختلفة عن محور الديمقراطية .من خلال التمسك بالآراء للصالح الشخصي .واتخاذ مبدأ كتم الحريات .والعمل لصالح دول اخرى على حساب مصلحة الشعب العراقي .و من ابرز تلكَ الانتهاكات هي ثورة تشرين الاول لعام 2019 .و التي ذهبَ ضحيتها عدد كبير من الشهداء والجرحى ..مقابل ذلك نجد في عام 2022 ظهور التسريبات الصوتية و الفيديوية للبعض .والتي هزت الشارع العراقي والذي زادَ من غضبه على حال الوضع العراقي .مما ادى الى نشر الغضب الشعبي للعراقيين .وزاد من حدة الصراع بين القوى السياسية محاولين البعض منهم في تكذيب صحة التسريبات واعتبارها غير موجودة .ونتيجة لذلك قام البعض منهم برفع دعوى قضائية ضد تلك التسريبات الخطيرة .و التي اصبحت حديث الساعة .ولكن تفاجئ الجميع بصمت القضاء على تلك الدعاوى .على الرغم من عدة محاولات تدعو الى الزام الحوار لحل هذه الازمة .سواء كانت محلية من خلال رئيس الوزراء العراقي .ام من الاطراف الاخرى .والتي عملت على تقريب وجهات النظر بين اطراف القوى السياسية .و بناءاً على ذلك نجد اغلب تلكَ المحاولات قد فشلت في تقريب وجهات النطر بين القوى السياسية .و بعد صراع عسير من قبل الاحزاب والكتل السياسية تم تشكيل تحالف ادارة قوى الدولة متخذين مبدأ التوافقية والمحاصصة والتي ذكرنا في اعلاه بترشيح المهندس (محمد شياع السوداني) لمنصب رئيس الوزراء العراقي في 27 تشرين الاول من عام 2022 .من الجدير بالذكر ان المهندس (محمد شياع السوداني) يمتلك شخصية تثير الجدل في الشارع العراقي .من حيث كونه انسان مستقل عن الاطار التنسيقي . وهو يمتلك الخبرة والكفاءة في ادارة الدولة ..فقد تسلم اكثر من حقيبة وزارية هذا من جانب .و من جانب اخر عملَ على فتح العديد من الملفات الجديدة .حيث عملَ على محاربة الفساد الحكومي و محاربة اوجه نهب المال السياسي تحت مسميات عديدة .و لعلَ البرنامج الحكومي لحكومة محمد شياع السوداني كان يحمل دوافع وطنية .و لكن الملفات العالقة من البنى التحتية خيبت امال العراقيين للأسف الشديد .حيث عمدت القوى السياسية على نفس المحاور من حيث الوقوف تجاه ارادة السيد رئيس الوزراء في تنفيذ البرنامج الحكومي و لا سيما القضايا التي تتحكم بها القوى السياسية .من حيث ممارسة الضغط عليه فيما يتعلق بالفساد الاداري و المالي .علماً ان هذا الاسلوب قد اُعتمدَ في عهد الحكومات السابقة .و نجد رغم كل ذلك كانَ رئيس الوزراء .و اهم تلك المحاور هي الهيمنة على انتهاك سيادة العراق بطريقة او اخرى .من خلال استغلال النفوذ السياسي للبعض في اطار مبدأ المحاصصة والتوافقية .نود ذكر بأن العراق عانى منذ 2003 و الى الان من مبدأ تحوله الى ساحة للصراع الاقليمي .فنجد تدخل الدول الاقليمية في قضايا تخص العراق في مختلف المجالات .و لعلَ القضية الفلسطينية و هي قضية العرب جميعاً .بل اصبحت قضية العالم بأجمعه .من خلال الانتهاكات اللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق .حيث نجد استمرار الدعوات الى مبادئ التفاوض لحل القضية الفلسطينية من قبل عدة دول في العالم و الدعوة الى مبدأ الحوار و التفاوض و السعي للوصول الى هدنة من قبل كل الدول العربية و لاسيما العراق .هنا ننوه الى حالة تكاد تكون مثيرة للجدل في الآونة الاخيرة .و هي ما بعد السابع من اكتوبر من عام 2023 .و تزامنا مع حلول سنة 2024 .اتخذت الفصائل والمليشيات الايرانية وسيلة للدفاع عن غزة بشكل مباشر .من خلال ضرب القواعد الامريكية في الشرق الاوسط .و في دول عدة مثل (الحوثين في اليمن-كتائب حزب الله في لبنان-الحرس الثوري في سوريا-الفصائل في العراق) .حيث نجد استمرار ضرب الملاحة البحرية في البحر الاحمر و تعطيل التجارة البحرية في السفن الامريكية والعالمية .و تجدد تعدد السيناريو في لبنان من قبل الصراعات المستمرة بين كتائب حزب الله في لبنان واسرائيل .اضافةً الى ضرب القواعد الامريكية في سوريا. وضرب القواعد الامريكية في العراق .وهنا بدأت سلسلة الردود في الولايات المتحدة الامريكية تثير الجدل من خلال الضرب المتبادل لتلك الدول في عدة مواقع متعددة و غير معروفة المدى من خلال الضرب المبرح دون جدوى .بحجج واهية .مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم ايجاد وسائل للتفاوض و لا سيما الوصول الى طريق مسدود تجاه القضية الفلسطينية من خلال السعي الحثيث للأمم المتحدة و مجلس الامن الدولي .و لكن رغم ذلك نجد ما حدثَ في العراق في الفترة الاخيرة من الضربات الامريكية داخل المناطق السكنية سواء كانت في القائم ام في العاصمة بغداد. و انتشار الرعب بين المواطنين وضرب العجلات بطائرات مسيرة تحمل صواريخ في منطقة مزدحمة بالسكان .الذين كانت هذه الضربات عاملاً مخيفاً للغاية .هنا يتراود سؤال على الاذهان .اين هي السيادة العراقية اليوم ؟ و مع شديد الاسف نرى الاجابة مجهولة .و هنا الكلام كثير و طويل جداً قد ياخذ اياماً .الى متى نعيش و سط شعارات كاذبة وسط وطن مجهول الهوية ؟.فالى اين نمضي نحو مصير مجهول الهوية ؟ سؤال مثير للجدل دون اجابة .