23 ديسمبر، 2024 1:46 ص

الدكتور قصي السهيل . التعليم العالي مرآة الشعوب فلاتكسروها

الدكتور قصي السهيل . التعليم العالي مرآة الشعوب فلاتكسروها

تأخرت كثيرا عن كتابة هذا المقال وكنت أريد كتابته قبل أكثر من شهر لكنني أنتظرت كي أرى ما الذي يجري بعد أن شرع معالي الدكتور قصي السهيل وزير التعليم العالي والبحث العلمي في أجراء التغييرات بين أدارات الوزارة والمؤسسات الأكاديمية المرتبطة بها . ومن خلال تجربتي التي أمتدت لأكثر من 7 سنوات وأنا أدير ملف الأعلام في أحدى الجامعات العراقية معاصراً لوزارات الدكتور طاهر البكاء والعالم الجليل الدكتور سامي المظفر والدكتور عبد ذياب العجيلي ومن ثم علي الأديب لثلاثة أشهر فقط أستطيع أن أشخص مواقع خلل كبيرة كانت سببا في أنهيار منظومة التعليم العالي في العراق .

للأسف الشديد تلك الأنهيارات في التعليم العالي بدأت مع الولاية الثانية للسيد المالكي . وبالرغم من أن الأنهيارات كانت في كل قطاعات الحياة لكنها ضمن التعليم العالي كانت أشد وأبلغ كون هذا القطاع يعد مرآة الشعوب وهو القطاع الذي يعكس تطور البلدان . وكلما تطور هذا القطاع في بلد ما أنعكس هذا التطور على الحياة العامة في ذلك البلد ولهذا نجد أن الدول التي تحترم نفسها تولي هذا القطاع أهتماماً وأحتراما خاصاً وهي تعرف ان كل مخرجات التطور ماهي ألا نتاج البحوث والدراسات التي تخرج الى النور من المؤسسات الأكاديمية جامعات وأكاديميات ومعاهد حتى اذا وصلنا الى حجم الأهتمام بقطاع التعليم العالي في البلدان المتقدمة نجد أن تلك البلدان ليس فيها وزارات للتعليم العالي وأن تعاملها مع الجامعات يشبه تعاملها مع القضاء بأستقلالية تامة وبالمقابل فان الجامعات تتعامل مع المجتمعات مثلما تتعامل مع الأمانة لديها فتتصدى لكل مرافق الحياة . فهي تخترع الأدوية وتطور الزراعة والنقل وتسهم في ازدهار الأقتصاد وتعطي الحلول للمشاكل المجتمعية .

في العراق وبألم كبير أقول ان عقارب الساعة تسير عكس اتجاهها وكان لنا أمل في أن تجري عملية احياء لقطاع التعليم العالي خاصة بعد ان تسلم الدكتور السهيل الوزارة كونه ابن الجامعات وهو يحمل لقب علمي مهم وعلى هذا كتبت مقالاً سابقاً كنت قد أشدت بأجراءات السهيل ونتيجة لهذا المقال تعرضت للعديد من الأنتقادات .

اليوم عاد شعورنا بالأحباط من جديد وكنا نتأمل أن يحصل أهتمام في أستقلالية الجامعات لتعود مثلما كانت وأن نسمع بأن الخلل الكبير الذي حصل خلال السنوات العشر الماضي سيجري أصلاحه ولكن يبدوا ان الواقع السياسي المرير في العراق قد أخذ مأخذه وأن الوزارة سوف تبقى مكبلة بسياسات لن تسمح بتطورها وأن الهرولة وراء هذا الحزب وذاك السياسي من اجل التوسل للتوسط في الحصول على منصب جارية على قدم وساق .

المأساة الكبرى أن نسمع بألقاب علمية تتوسل المناصب من شخصيات جاءت بالصدفة مع ان المنصب حمل كبير لمن يفهم خاصة في مثل هذا الوقت حيث يتم التكليف مع عدم وجود مقومات النجاح لكننا نجد الكثير الكثير وقد تركو أبحاثهم وطلبتهم وأنشغلوا بأعداد ملفات شخصية أملاً في أقناع هذا الحزب أو ذاك ليكون وسيط لترشيح تلك الألقاب التي تناست أن الجامعات ينبغي ان تكون مستقلة وأن توسيط حزب ما يعد جريمة بحق التعليم .

رسالتي من خلال هذا المقال الى الدكتور قصي السهيل وزير التعليم العالي على ان المدة الماضية كانت تشبه المهزلة فهي مدة ابتعدت عن الأبداع وسادها القلق في الأوساط العلمية والأكاديمية اتمنى مخلصا ان تكون هنالك رسالة الى كل الجامعات والأكاديميات والمعاهد أن يكون العمل بأستقلالية تامة وأبعاد كل المظاهر السياسية منها وأن طالب الولاية لايولى وأن يكون الأهتمام بالبحوث والدراسات أهم من المناصب وأنت توجه رسالة شديدة اللهجة لكل الأحزاب والشخصيات المحسوبة عليها وتحذيرها من مغبة التدخل في الجامعات وسير عملها وأن موضوعة التغيير يجب ان يكون نحو الأفضل وليس من اجل التغيير فقط أرضاءاً للمحسوبية والمنسوبية والمحاصصة القذرة التي جعلت العراق يتجه نحو الهاوية …

والله من وراء القصد