18 ديسمبر، 2024 8:18 م

الدكتاتورية منتج شعبي

الدكتاتورية منتج شعبي

يقول مارتن لوثر كينك ، لم يقتلنا الأعداء ، بل صمت أصدقائنا.

في البداية أسرد وأقول إن الأمم التى لا تتعلم من دروس التاريخ سوف تقضى على أى فرصة لها للنهوض والتقدم وستبقى دائما أسيرة للتخلف والخذلان نتيجة خلق أنظمة دكتاتورية . فى العصور القديمة كان الحكام سواء كانوا فراعنة أو أباطرة أو خلفاء أو سلاطين أو باباوات أو ملوكا أو أى مسمى آخر للحاكم مطلقى السلطة يحكمون كآلهة أو كنواب وخلفاء لله على الأرض حتى ظهرت الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى حكمت عن طريق اختيار الشعوب لحكامها على اساس من رؤى أيديولوجية وبرامج سياسية وتم تحجيم سلطة الحاكم بشبكة متناسقة من الدساتير والقوانين والمؤسسات التشريعية والقضائية وقد قطعت أوربا شوطا طويلا فى هذا المجال ووصلت إلى نظمها المعاصرة بعد ثورات كبرى وكفاح دفعت خلاله دماء الملايين من المناضلين فى سبيل الحرية حتى تكاملت نظمهم فى ديمقراطيات تقدس حرية الإنسان وتحترم حقوقه ولكن النزعة التسلطية ظلت داخل للطبيعة البشرية – لدى البعض – عالية النشاط تبرز بوجهها القبيح أحيانا فتشعل الحروب وتسبب الكوارث وقد استخدم أصحاب هذه النزعة طريقين لا ثالث لهما للوصول إلى الحكم المطلق وصناعة الدكتاتور. سلام عبود في كتابه الذي يخلق ديكتاتورًا يسأل ما إذا كانت الديكتاتورية رغبة شخصية، أو وضع اجتماعي سياسي؟ تجمع العديد من العوامل في المجتمع حتى يتم تشكيلها. وبعبارة أخرى، إنه أيضًا وضع اجتماعي سياسي ، ولكن في بعض المجتمعات ، بعضها لا. إن الديكتاتور نفسه ليس فقط المنتج الوحيد في هذه العملية، ولكن أيضًا جيش من الناس وأكثر إدانة من الديكتاتور نفسه ، السياسيون المهتمين. كتاب بائعي القلم. القضاة العابثين بالقانون. العشاق الكذبة.، رجال الدين الصامتين وأحيانًا يكونون موظفين ذوي راتب دكتاتوري. إن الأشخاص غير المستقرون والصامتين، كما. بالإضافة إلى هؤلاء المشاركين، فإن العديد من العوامل الأخرى مثل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقيات وعلم النفس والتاريخ وحتى الجغرافيا هي أيضًا سبب خلق الديكتاتورية. لذلك ، إذا أردنا منع تشكيل الديكتاتورية ، فيجب علينا تجفيف الينابيع السياسية ، بما في ذلك الديكتاتورية ، وإلا فلن ينتهي إنتاج الديكتاتورية بنهاية صدام وأسامة بن لادن وبغدادي. وطرق خلق هذا المخلوق ( الدكتاتور ) عديدة جدا منها 0 منها الأكثر شيوعا فى العصر الحديث هو الانقلاب العسكرى حيث يستغل العسكريون امتلاكهم للقوة المسلحة لقلب نظام حكم ما والحلول محله بسلطة دكتاتورية مطلقة , معتمدين على رفض الناس لفشل النظام فى تحقيق طموحاتهم ومستخدمين ما يسمى بالشرعية الثورية لإقناع الشعوب بقبول دكتاتوريته . ومنها استخدام الآلية الديمقراطية نفسها للوصول إلى الحكم عبر صناديق الانتخاب باجتذاب أصوات الناخبين ببرامج براقة طموحة أو مخاطبة عواطفهم القومية والدينية والوطنية للوصول إلى الحكم ثم الإنقلاب على الديمقراطية بإسقاط القوانين والدساتير والمؤسسات الرقابية والتشريعية والقضائية أو السيطرة عليها والتحول إلى حكم ديكتاتوري مطلق لفرد أو حزب أو جماعة تلغى غيرها وتقضى على معارضيها مثلما فعل موسولينى وحزبه الفاشى فى إيطاليا فى عشرينيات القرن الماضي هتلر وحزبه النازي في ألمانيا في ثلاثينيات نفس القرن ,.وهذه الدكتاتوريات استطاعت فى بداياتها تحقيق بعض أهداف شعوبها ولكنها انتهت إلى تدمير وخراب أوطانها ورغم هذه الدروس القاسية فما زالت دول فيما يسمى بالعالم الثالث تحاول أن تسير فى نفس الطرق المدمر سواء بالانقلاب العسكرى أو الانقلاب على الديمقراطية .