23 ديسمبر، 2024 5:05 ص

الدكة العشائرية.. ارهاب اجتماعي

الدكة العشائرية.. ارهاب اجتماعي

يسهم القانون بترصين قوة الدولة وترسيخ القيم الحضارية في المجتمع، فإن هو وهن وهنت مفاصل البلاد، بميادينها كافة.. المعرفية والجمالية والامنية والاجتماعية.

والانفلات الذي فت في عضد المجتمع، بعد 2003، سواء أكان بفعل مستفيد او لعجز خسران؛ بالنتيجة يصب بصالح قوى تعاظم شأنها إنتفاخا أجوف جراء ضعف إحكام قبضة القانون العاجز عن بسط سطوته؛ وتداخل إرادات شظت القرار الرسمي عامدة وهمشت الدولة لصالح أفراد وفئات، أسفرت عن ظهور بدع.. لا مسؤولة.. شرعا ولا قانونا، وأقصت ثوابت قيمية، من شأنها ترسيخ أصول الدولة وتقويم بنائها الحضاري، الذي يضخ في المجتمع نفحة تنويرية ترتقي به وتضفي عليه هالات الرفاه والامن والجدية في العمل والتألق.

و”الدكة العشائرية” إنموذج لتقليد شاع جراء شغف المتطفلين على صفات “الشيخ” و”الكليط” و”جبير عمامه” و”زين الزلم” من خلال الاعتداء على الابرياء، مستقوين بعشائر.. بعضها ينشد الباطل سبيلا في الحوار، وسواها لا يعنى بمن يزعل من الحق، لا يريد رضاه بالباطل.

هذا النفر المستهتر بالسلم الاجتماعي، ينفس عن نزوع الى شرعنة الرغبة المبيتة والاستعداد الفطري للجريمة، يغلفه بالالتزام العشائري، منتهجا فعلا منفلتا في المجتمع، وليس إلتزاما عشائريا؛ لان العشيرة جزء مفصلي من المجتمع، يجب ان تدجن لأنسنة إنتماء الفرد الواعي الى مجتمع يرتبط بسلسلة عرقية.. تتوزع بين فروع واغصان.

ولهذا أشد على يد مجلس القضاء الاعلى، لإسهامه في عد “الدكة العشائرية” والاجراءات الجرمية المترتبة عليها ضمن قانون الارهاب؛ لأنها نوع من ارهاب، يسهم بزعزعة استقرار البلد.. بل يحطم مصداته المنتصبة وقاءً من الارهاب السياسي والديني اللذين شاعا في العراق هذه الحقبة.

تمكن مجلس القضاء الاعلى من تطبيق قانون يعتبر “الدكة” إرهابا، بالتعاون مع قيادة عمليات بغداد، التي طلبت بألا يكفَّل الجاني، بدلالة قانون “التهديد” فـ “الدكة” شروع ارهابي بالقتل، وكثيرا ما أسفر عن قتل فعلي، لاطفال او نساء او رجال.

وهنا يتساوى المجرم والبريء، فحين تزهق روح خارج نصوص القانون وتعاليم الدين، نكون قد ولغنا بشريعة الغاب.. البقاء للاقوى، ولا يحاسب الجاني عليه؛ إن إرتكب جريمة إستحق عنها عقابا؟ ام لا؟ لأن ولي الدم غير مخول بالقتل؛ قانونا، ومن دون التحرك في إطار القانون، نتيه عن مدينيتنا.. شائهين إقترابا من الهمجية!

والقاضي فايق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى.. زميلي في كلية القانون.. جامعة بغداد، تولد الستينيات، يشتغل بصمت، من دون إستعراضات إعلامية ولا مراءاة دعائية “وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” لذلك تنصب رئيسا لمجلس القضاء الاعلى، ولم يعرف احد؛ حفاظا على حياديته من الضغوطات التي تعمد الى تحريف القول عن مواضعه!