عندما رأيت لأول مرة بطاقة شحن رصيد الهاتف، كان ذلك قبل انهيار النظام، عبر أشخاص كانوا يعيشون في دول أخرى. كانت تلك البطاقة مثل ورقة قوية تُسمى ورق عاجي، تحتوي على أرقام وتعليمات لكيفية تعبئة الرصيد. بعد انهيار النظام في عام 2003، بدأت ألاحظ هذه البطاقات في بعض المسلسلات الخليجية. لكن بعد فترة، بدأت الحكومة العراقية في استخدام النظام الإلكتروني، ولكنه لم يكن ناجحًا كما يجب. تم تطبيق هذا النظام أولاً على المتقاعدين في الحكومة، ومع أن الفكرة كانت جديدة على العراقيين، إلا أنهم واجهوا العديد من المشاكل، مثل توقف البرنامج فجأة أو انقطاع الإنترنت. وكانت المشكلة الأكبر أن بصمات الأصابع لكبار السن لم تكن تتطابق مع البيانات المخزنة، مما سبب مشاكل صعبًة بالنسبة لهم.
بعد الانتهاء من التعامل مع المتقاعدين من القطاعين العسكري والمدني، بدأ النظام يعمل مع فئات أخرى مثل الصحفيين والإعلاميين الذين حصلوا على مساعدات من الحكومة. للحصول على هذه المساعدات، كان عليهم الحصول على بطاقة دفع إلكتروني ودفع ثمن إصدارها، على الرغم من أنها كانت تُستخدم مرة واحدة فقط. بعد ذلك، تم توسيع الاستخدام ليشمل باقي موظفي الدولة، وكان الهدف منها دفع الرواتب، فضلاً عن المعاملات الأخرى مثل القروض والبيع والشراء وتحويل الأموال. ثم شمل النظام جميع المواطنين، سواء كانوا موظفين في القطاع العام أو الخاص، وسُمي الدفع الإلكتروني مثل البطاقات المستخدمة في محطات الوقود. لم يعد هناك أي دفع نقدي في مؤسسات الحكومة. الهدف هو مكافحة الفساد الإداري والمالي، لكن الحكومة لم تأخذ في الاعتبار وضع الناس ، إذا لم يكن لديك بطاقة للدفع عند تعبئة الوقود، فإن العامل في المحطة لديه بطاقة خاصة، مما يجعلك تدفع نقدًا بينما هو يستخدم بطاقته لأخذ عمولة صغيرة. وهذا يعني أن هناك فسادًا لا يزال موجودًا. إذا كنت بحاجة إلى بطاقة ولا تملك واحدة، فسوف يهتم صاحب المحطة فقط ببيع الوقود لك. وإذا احتجت إلى إجراء معاملة معينة، سيتعين عليك الذهاب إلى مكتب صيرفة للحصول على بطاقة مع تأكيد الهوية، ثم العودة للدفع. لماذا؟ لأنك بحاجة لإكمال معاملتك، وهذا يعني أن الفساد لا يزال موجودًا بطرق جديدة.
لذا، إذا كنا منصفين، فإن فكرة المشروع ليست سيئة، لأنه يقدم أسلوبًا حديثًا مثل ذلك في دول كثيرة. كان من المفترض أن يساعد الدفع الإلكتروني في سداد الفواتير أو التسوق عبر الإنترنت باستخدام بطاقات ائتمان أو خصم أو حسابات مصرفية. وهذا يوفر سهولة في التعامل وسرعة في التنفيذ، لأنه يسمح بالدفع من أي مكان وفي أي وقت، كما يوفر أمانًا بتشفير البيانات. وهذا يسهل إجراء المعاملات وتتبع النفقات بسهولة.
لكن هناك تحديات كبيرة تواجه المواطن العراقي، مثل القرصنة والنصب، بالإضافة إلى الرسوم التي تجعل الدفع أغلى. المشكلة الأكبر هي أن بعض طرق الدفع الإلكتروني قد لا تعمل على جميع الأجهزة أو الأنظمة. وهذا يتطلب من الأشخاص الحصول على أكثر من بطاقة دفع إلكتروني، مما يقلل من الثقة في هذا النظام. بعض المواطنين تعرضوا للاحتيال، مثل شخص تقدم للحصول على قرض ولم يحصل عليه، بسبب مشكلة بسيطة تتعلق بكلمة ضغط على البرنامج، بينما كانت بعض المكاتب يمكن أن تساعده على الحصول على القرض لكن بشروط غير واضحة.
تعرض بعض الأشخاص لسرقة حساباتهم، وهذا ظهر على شاشات التلفزيون، مما وضع الحكومة في موقف محرج. كانت الحلول غير فعالة، وبدت السرقة كأنها أمر طبيعي. تأخير الرواتب بحجة توقف البرنامج أو التأخير المتعمد يعني أن الأموال تبقى بيد الدولة، مما يؤدي إلى وجود مشاكل بسبب تداولها من قبل الآخرين.

في آخر زيارة لي للمؤسسة التي أعمل بها، كان يجب علي دفع 1000 دينار فقط كرسوم بسيطة، لكن قضيت ساعتين في صف طويل أمام نافذتين فقط، مع العديد من الرجال والنساء والطلاب في مكان غير مناسب لمواطن يحمل معرفة. على الرغم من أن المشروع يهدف لتسهيل الأمور، يبقى السؤال عن مدى نجاحه وكيفية قياس ذلك، وهذا يتعلق بكل مواطن يمتلك بطاقة الدفع الإلكتروني.