19 ديسمبر، 2024 12:10 ص

الدعاية الانتخابية المسبقة … فساد ما قبل الفوز !

الدعاية الانتخابية المسبقة … فساد ما قبل الفوز !

استبقت احزاب السلطة المتنفذة والاسلامية منها بالخصوص, موعد اطلاق الدعاية الانتخابية من قبل المفوضية العليا للانتخابات في 10 نيسان الجاري, لترفع بوسترات مرشحيها الدعائية للانتخابات البرلمانية  في ارجاء البلاد, بدون ارقامها الانتخابية وتسمياتها ( كأنها متفقة مقدماً ), في تحايل واضح على قانون الانتخابات, المُعد من قبلها ولصالحها.

ففي حقيقة الامر, ان هذه القوائم المتنفذة , ليست بحاجة للجوء الى هذا الاسلوب الرخيص في التحايل الانتخابي. فهي  صاغت قانون انتخابي جائر, مفصل على قياسها وشكلت مفوضية من ممثليها, وتجاهلت قانون الاحزاب الذي ينص على الكشف عن مواردها المالية ومصادرها, ثم تجاوزت على القانون الانتخابي الذي حدد سقفاً للاموال الموظفة في الدعاية الانتخابية, ببذخ اسطوري على حملات مرشحيها ( في ظل صمت السلطات القضائية والتنفيذية عن هذه الخروقات ), اضافة الى تسخيرها لدوائر ومؤسسات حكومية لصالحها افراداً وامكانيات. ثم حيازتها لمال سياسي كبير, جنته من صفقات الفساد وسرقة المال العام وتهريب ثروات العراقيين, يمكنّها من شراء الذمم وارشاء ذوي النفوس الضعيفة, هذا غير الدعم المادي والسياسي من اطراف اقليمية ودولية تتبع لها وتمثل اجنداتها…

انها ببساطة كالمتسابق في مسابقة جري, الذي انطلق قبل اطلاق اشارة البدء, على حساب زملاءه.

لقد خرقت قانون الماراثون الانتخابي الذي يُلزم بتكافؤ الفرص لكل المشاركين بغض النظر عن حجوم هذه القوائم.

لذا فأن الدعايات الانتخابية السابقة لأوانها والتي تحمل بالاساس صور زعامات احزاب اسلامية وميليشيات, تشكل عملية فساد علنية مفضوحة, وهي تعبير عن الأثرة الانانية وروح البلطجة السياسية التي تتملك هذه القوى والمستندة على ثقة داخلية بأنها فوق القانون وان ما يجوز لها لا يجوز لغيرها… فلا تتجرأ قوائم صغيرة على القيام بهذا الخرق القانوني والا تعرضت للمسائلة القانونية الحازمة.

كما ان استباق الموعد الرسمي لأنطلاق حملة الدعاية الانتخابية, هو سرقة للوقت الانتخابي باعتباره حقاً عاماً, يُتاح خلاله للمواطن فرصة المفاضلة والترجيح الاخيرة بين المرشحين لأختيار الافضل, وكذلك مصادرة لحقوق مرشحي القوائم الانتخابية الأخرى في وقت متساوي للمنافسة الشريفة, وبهدف التأثير نفسياً على وعي المواطن وخيارات الناخب, بأبقاء اشكال وجوههم, كبضاعة جاهزة والمعروفة من تمثل, عالقة في عقل المواطن الباطن حتى يوم الانتخابات.

انها احدى وسائل التأثير على الناخب والاحتيال عليه, لأستلال صوته ان لم تنجح محاولات التزوير والتلاعب التي اتقنوا فنونها في الانتخابات البرلمانية والبلدية السابقة.

ولايمكن تعليل سبب اللجوء الى هذا التحايل, الا بقصورعقلها السياسي الفاسد وفكرها الهزيل القائم على نزعة التسلط وطمع المال وازدراء المواطن, اولاً, ثم الخشية من اصوات الاحتجاج الشعبي المتصاعدة الرافضة لها ولسياساتها المقترنة بصعود قوى جديدة تحاول ان تكون بديلاً لها.

لا احد يعرف مدى جدية تهديد المفوضية لهم برفع دعاياتهم الانتخابية, بغضون ايام, وما هي اجراءاتها العملية بالضبط ؟ وهل ستكون لها الجرأة والقدرة على انفاذ ارادتها بحرمان القوائم التي تخرق القانون الانتخابي من المشاركة في الانتخابات, بينما الكاسرون لهيبتها هم اربابها المؤسسون, ام ستكتفي بغرامات مالية هزيلة مضحكة لذر الرماد في العيون ؟

ان هذا العمل الدنيء يعطي سبباً آخرا,ً اضافة الى فشلهم وفسادهم طوال السنين الماضية لمعاقبتهم ومقاطعتهم انتخابياً, بالتصويت لمن احترم الدستور والقانون ولوائح المفوضية العليا للانتخابات والتزم بآليات الصراع الانتخابي المتكافئة من القوائم البديلة غير المتورطة في الفساد.