جاء قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني باختيار السيد نيجرفان برزاني لرئاسة إقليم كردستان على أن يتولي السيد مسرور برزاني رئاسة حكومة الإقليم، ليمثل انطلاقة جديدة نحو تمكين الشباب من تولى مقاليد الأمور بالإقليم، فيما يمكن وصفه بمرحلة حكم أحفاد الجبل.
هذا التحول فى توزيع المناصب بالإقليم، يفتح الباب للحديث عن الحاجة لدستور جديد يحدد مهام وصلاحيات وطبيعة العلاقة بين رئاسة الإقليم ورئاسة الوزراء، بصورة تجعل من الرئاستين مصدر قوة للإقليم.
الحاجة إلى الدستور، تأتي من كون السيد نيجرفان يتولى رئاسة الإقليم بعد فترة من تجميد المنصب عقب أزمة الاستفتاء، ورفض الزعيم مسعود برزاني تولى فترة رئاسية جديدة، ونقل معظم صلاحيات رئاسة الإقليم لرئاسة الوزراء بموافقة من البرلمان، وهو ما يتطلب إعادة تلك الصلاحيات لرئاسة الإقليم بعد ترشيح نيجرفان لتولي المنصب.
استطاع السيد نيجرفان خلال فترة توليه رئاسة الوزراء، إعادة هندسة علاقات الإقليم الداخلية والخارجية، ويمكن القول بأن الرجل استطاع تحقيق نهضة وطفرة كبيرة فى اقتصاد كردستان بصورة تجعله أحد أهم الساسة والزعماء الكرد خلال الفترة الأخيرة.
نجاحات نيجرفان كرئيس وزراء، تجعله قادرا على تحقيق نجاحات أكثر كرئيس للإقليم، بشرط أن تتوفر له الصلاحيات التنفيذية والإدارية ما يمكنه من استكمال النهضة التي بدأها بالإقليم، وتبني سياسة انفتاح خارجية على دول الجوار ودول الشرق الأوسط بشكل عام، وفق سياسة واستراتيجية تعتمد بشكل كبير على تنويع تحالفات الإقليم الخارجية ما يجعل الإقليم غير خاضع لأي ابتزاز من أى حليف أو دولة جوار.
يحتاج الرئيس المرتقب لإقليم كردستان لصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة، وهذا لن يأتي دون انتخابات رئاسية مباشرة يشارك فيها عموم شعب كردستان دون استثناء، ليكون الرئيس معبرا عن كل سكان الإقليم وأحزابه، ما يمنحه ثقلا إقليميا ودوليا، ينعكس بالضرورة على قوة الإقليم فى أى مفاوضات مع الحكومة الاتحادية ببغداد أو غيرها من دول الجوار.
حالة القبول الشعبي التي يتمتع بها نيجرفان برزاني داخل أنحاء كردستان، فضلا عن الدعم الدولي والإقليمي الذي يحظى به نتيجة سياسته المنفتحة على جميع التيارات والقوميات، وغياب نعرات التعصب والطائفية فى خطاباته وأيديولوجياته وتوجهاته السياسية، كفيلة بجعله زعيما استثنائيا ليس فى تاريخ إقليم كردستان فحسب، بل فى تاريخ المنطقة بأكملها، ما يؤهل رئيس إقليم كردستان المحتمل، للعب دور أكبر يتخطي حدود العراق، حيث يتوقع له أن يلعب دورا كبيرا فى مساعدة القوى الدولية فى حل أزمات المنطقة، وإعادة السلام لتلك المنطقة التي لا تنطفئ نيرانها من العالم.
ويبقي الدستور هو أول مسمار فى تأسيس دولة كردستان التى لابد أن تولد قوية، ولن يتحقق ذلك دون دستور واضح وصريح يحدد شكل العلاقة بين المؤسسات والرئاسات المختلفة، دستور يستكمل منظومة الإصلاح السياسي والاقتصادي والقانوني، ويعمل على ترسيخ منظومة العدل والإصلاح، ويضع الأسس والقواعد الرئيسية للدولة التي يحلم بها الجميع والتي يحتاج إعلانها لمقومات كبيرة يجب البدء فى تجهيزها من الآن.