23 ديسمبر، 2024 3:47 ص

الدروس والعبر من عملية إعادة العد والفرز لمحافظة بغداد في انتخابات 2010 /ح2

الدروس والعبر من عملية إعادة العد والفرز لمحافظة بغداد في انتخابات 2010 /ح2

نستكمل في هذا المقال ما كتبناه في الحلقة السابقة عن أهمية أخذ الدروس والعبر من عملية إعادة العد والفرز لمحافظة بغداد في انتخابات مجلس النواب 2010 ، بمناسبة إقتراب عملية العد والفرز اليدوي لانتخابات مجلس النواب 2018. وعندما أكتب في هذا الشأن فانني اسرد فيه الجوانب والموضوعات التي عايشتها عن قرب عندما كنت رئيساً للجنة العد والفرز الرئيسية لعموم محطات محافظة بغداد ، وهي لجنة التخطيط للعمليات في المفوضية التي تضم عدد من المدراء العامين ومدراء الأقسام غير المرتبطة بدائرة.
ثانياً- تهيئة مركز ادخال البيانات في المفوضية
كان مركز ادخال البيانات مهيئاً للعمل بعد اجراء بعض التحضيرات البسيطة ، ذلك أن المركز جرت فيه أصلاً عملية ادخال نتائج انتخابات مجلس النواب 2010 في 7 آذار من نفس العام أي قبل شهرين من إجراء عملية العد والفرز لهذه الانتخابات التي نتحدث عنها ، فكانت المعدات الالكترونية من حواسيب وسيرفرات وسكنرات وغيرها جاهزة ، كما جرى استدعاء عدد من موظفي مركز الادخال المتعاقد معهم بمناسبة الانتخابات واستلموا اعمالهم بدون صعوبات تذكر لكونهم مدربين وممارسين للعمل في الانتخابات نفسها ، واكتملت أيضاً الجوانب الامنية لحماية المركز فضلاً عن الجوانب الادارية واللوجستية ، وبدأ المركز عمله بعد اكمال العد والفرز اليومي وبالتداخل مع العملية.
ثالثاً : التدابير الامنية
تم تعزيز الحماية لمخازن الكرخ والرصافة ، كما تم وضع خطة امنية ولوجستية لعملية نقل واسترجاع صناديق الاقتراع من المخازن الى مركز العد والفرز اليدوي في قاعتين في فندق الرشيد وبالعكس.
تم التنسيق مع مركز العمليات الوطني واللجنة الامنية العليا للانتخابات لتأمين الحماية للشاحنات الناقلة لصناديق الاقتراع البالغ عددها (11298) صندوق اقتراع و (94) رزمة تصويت خاص من مخزني الكرخ والرصافة الى مركز اعادة العد والفرز اليدوي في قاعة ثم اعادتها الى المخازن واعتبارا من 2/5/2010 ولغاية 15/5/2010. كما جرى التنسيق مع اللجنة الامنية العليا للانتخابات ومركز العمليات الوطني لتامين عجلتي اسعاف واطفاء بالقرب من مركز العد والفرز اليدوي .
رابعاً : الجوانب اللوجستية
1.تهيئة المستلزمات اللوجستية
جرى تجهيز مستلزمات هذه العملية بعد الاطلاع الميداني على احتياجات مركز العد والفرز حيث تم حصر الاحتياجات والتجهيز من مخازن مكتبي بغداد الكرخ والرصافة ومخزن المفوضية في منطقة الدباش اضافة الى مخزن المكتب الوطني.
كذلك تم طباعة الاستمارات الساندة الخاصة بالاستلام والتسليم في المخازن ومراكز اعادة العد والفرز وطباعة استمارات 501 و502 والاشراف على نقلها من المطبعة الى مركز اعادة العد والفرز.
2.تهيئة الصناديق في المخازن
كان هناك تواجد ومتابعة مستمرة من موظفي دائرة العمليات في المخازن للاشراف على عملية تهيئة صناديق الاقتراع قبل نقلها والتأكد من ملء استمارات الاستلام والتسليم 518 – أ .
3.نقل الصناديق
تم الاتفاق مع الشركة العامة للنقل البري على تهيئة 4 عجلات لكل مكتب محافظة ( بغداد الكرخ، الرصافة) لنقل صناديق الاقتراع الخاصة بمكتب بغداد الرصافة ومكتب بغداد الكرخ وبواقع 80 شاحنة للنقل والاسترجاع ، 34 شاحنة لمكتب الكرخ و46 شاحنة لمكتب الرصافة واستغرقت عملية النقل 14 يوماً ، حيث كانت تصل الشاحنات بعد الساعة 10 مساءً وتستمر عملية التفريغ الى فجر اليوم التالي. وكانت تتم عملية النقل بمرافقة امنية بالتنسيق مع قسم التنسيق الامني في المفوضية.
4.الاستلام في مركز اعادة العد
جرت عملية استلام الصناديق وفق استمارة 518- أ ومن ثم خزنها في الاماكن المخصصة للخزن في قاعتي اعادة العد والفرز(الزوراء ، والزاهر). وجرى التسليم الى فرق اعادة العد وتثبيت ارقام الصناديق واعدادها.
وبعد انتهاء العملية قامت فرق اعادة العد والفرز باجراء عملية التسليم الى فرق الترحيل التي تقوم بتجميعها وخزنها في مكان خزن صحيح وتهيئتها للنقل.
وكانت تتم عملية تسليم الصناديق وفق استمارة 518- ب الى المرافقين للصناديق من لوجستية مكاتب المحافظات وكانت عملية التحميل تتم مساءً حيث موعد استرجاع الشاحنات الى المخازن.
خامساً: وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين ووسائل الاعلام
اتاحت المفوضية الفرصة لوكلاء الكيانات السياسية والمراقبين (محليين ودوليين) ووسائل الاعلام بمراقبة ومتابعة عملية اعادة العد والفرز ومتابعة عملية تحميل صناديق الاقتراع واعادتها في المخازن، وكانت أعداد الحاضرين كبيرة ، اذ بلغ عدد وكلاء الكيانات السياسية في اليو م الاول (372) وكيلاً فيما بلغ العدد في اليوم الاخير للعملية ( 596) وكان المجموع الكلـي لهم على مدار الأيام (1212)، وبلغ عدد المراقبن المحليين في اليوم الاول (65) مراقبا وفي اليوم الاخير (29) مراقباً واصبح عددهم الاجمالي (438) مراقب محلي وأما الدوليين فبلغــوا ( 19) مراقباً في اليوم الاول و( 32) في اليوم الاخير بضمنهم ممثلين عن الجامعة العربية وسفراء وممثلي عدد من سفارات الدول العربية والاجنبية ببغداد مسجلين حضوراً بلغ (79) مراقباً دولياً على مدار الايام التي جرت فيها عملية إعادة العـد. فيما بلغ عدد الاعلاميين (54) اعلامياً في اليوم الاول و (26) اعلاميا في اليوم الاخير وانتهى عددهم الى( 380) إعلامـي دولـي ومحلـي . وبلغ اعلى عدد من الحاضرين من وكلاء الكيانات السياسية (775) وكيلاً.
وأجد من المهم جداً ان يسمح لاكبر عدد من وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين (محليين ودوليين) والاعلاميين بالحضور لمراقبة العملية القادمة وتغطية اجراءاتها من اجل اضفاء مزيد من الشفافية والمصداقية.

سادساً- دعم فريق المساعدة الدولي
كان لإسداء المشورة الدائمة من قبل الفريق الدولي الى المفوضية في وضع الأسس والإجراءات العملياتية ، وكذلك في رصد ووملاحظة بعض الأخطاء وإصلاحها خلال عمليات إعادة فرز الأصوات في مركز العد عاملاً داعماً كبيراً لنجاح العملية.
وقدم فريق المساعدة الدولي كخلاصة ، التوصية التالية :
“ينبغي على المفوضية العليا بذل الجهود لتعزيز فهم الكيانات السياسية والهيئة القضائية الإنتخابية بالإجراءات الفنية للمفوضية ، والتأكد من المُداخلات الفنية الكافية عند الضرورة لتجنب الصعوبات في عدم وضوح تفسير التعليمات”. ولعل هذه الملاحظة جديرة بالاهتمام للأخذ بها في عملية العد والفرز المقبلة لانتخابات 2018.

خلاصة
لقد كشفت نتائج عملية إعادة العد والفرز والاختلافات الطفيفة في عدد الاصوات نزاهة العملية الانتخابية وحُسن التخطيط والتنفيذ العملياتي وكفاءة أداء مكاتب المحافظات إذا ما أُخذ بنظر الاعتبار أن محافظة بغداد هي الأصعب مقارنة ببقية المحافظات السبعة عشر الأخرى وهذا يكشف عن حسن إختيار وتدريب موظفي الاقتراع والمراكز الفرعية.
مع ذلك كانت هنالك مشاكل بسيطة مثل مخالفات في استخدام الختم، ووجود بعض الأختام مفقودة او مكسورة، وكشف التدقيق عدم وجود اي دليل على التلاعب بالمواد، كما كشفت عملية إعادة فرز الأصوات ان إستبعاد محطات إقتراع من النتائج والتصحيح كانت طفيفة ، في حين أدت التصحيحات الى فوز ثلاثة فائزين بمقاعد جديدة لكنها لم تؤثر على نتائج الكيانات السياسية وفقاً لما أُعلنته المفوضية في 26 آذار.

لقد أعادت تلك العملية ثقة الشارع العراقي بالمفوضية والتي ربما شوهت صورتها بعض وسائل الإعلام ، وكانت ولم تزل بحاجة إلى تسليط الضوء على جوانبها الايجابية من قبل إعلام المفوضية من اجل عكس صداها الحقيقي في وسائل الإعلام المختلفة.
في مقال جديد لاحق ، سأتحدث رأي فريق المساعدة الانتخابية الدولي في عملية اعادة العد والفرز وملاحظاته بشأنها والتي بالتاكيد ستكون مهمة للأخذ ببعض جوانبها من أجل نجاح العملية الجديدة المرتقبة.