7 أبريل، 2024 7:50 ص
Search
Close this search box.

الدروس القاسية – تجربة أعادة أعمار العراق بعد الحرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب التقرير :ستيوارت دبليو بوينك
الحلقة الثانية
يقول الجنرال كولن باول وزير الخارجية (2001- 2005) :لم يكن لديَ فكرة عما كانت تخطط له قيادة المنطقة الوسطى للقوات المسلحة الأمريكية، ولم يكن لديَ أي فكرة أطلاقاًعما كان روؤساءهيئة الأركان المشتركة العسكرية يخططون له.كنت أعرف ان التوجيه السياسي الذي كانوا يتلقونه من رمسفيلد وزير الدفاع، ومجلس الأمن القومي ،ومن البيت الأبيض ، كان يحدد لديهم حوالي ثلاثة أشهر لأنشاء (الحكومة العراقية لما بعدالحرب) ولكي تصبح حكومة عاملة.

ان اصول السياسة الأمريكية لاعادة الأعمار في العراق متجدرة في سلسلة من المناقشات جرت خلال خريف 2001 عندما أمر الرئيس بوش البنتاغون بأعادة النظر في خططه لأجل خلع الدكتاتور العراقي صدام حسين.منذ البداية كان وزير الدفاع رمسفيلد يعتقد انه بعد سقوط صدام يجب نقل السلطة بسرعة الى حكومة عراقية انتقالية.لذا عكس رسميوالبنتاغون هذا الأعتقاد فتصوروا ان القوات المسلحة الأمريكية ستبدو كمحررة، وسوف تغادر العراق بعد أشهر من قلب النظام في ظل هذا السيناريو لبَينَ ان الولايات المتحدة لن تكون بحاجة لأدارة وظائف الحكومة العراقية بعد ان تكون العمليات القتالية قد توقفت (1).

وقد تطورت وجهة نظر اخرى حول تغيير النظام ،تطورت في وزارة الخارجية.لقد فكر بعض كبار الرسميين في مبنى الوزارة، فكروا ان العراق بسبب تاريخه من العنف المذهبي لن يكون من السهل أعادة تشكيله،وخلصوا الى القول ان غزو

2

العراق واستبدال نظامه الأستبدادي سوف يتطلب ألتزاما أمريكيا على نطاق واسع ينفذ طيلة عدة سنوات،وهذا الألتزام يغطي كل شيء ،من القضاء الى الىشبكة الكهربائية، الى البنية التحتية وبكلفة باهضة.

لقد كان كولن باول جريئاً في قول الحقيقة امام الرئيس بوش حين قال له:”عندما يضرب العراق فأنه مثل زجاجة البلور سوف يتحطم،ولن تكون هناك حكومة قادرة على السيطرة عليه ، وسوف تسود الفوضى المدنية ،وسوف يكون هناك 25 مليون عراقي واقفين يتطلعون الى بعضهم البعض”.

وهذا ما تحقق فعلا بعد التغيير.

لقد ادركوا جميعا بما فيهم الرئيس بوش ان المخاطر التي سوف تنجم من التغيير بدون تخطيط مُحكم سيؤدي الى الفشل في الاعداد وسوف يعرض الولايات المتحدة الامريكية الى مخاطر استثنائية. ومع ان الكونكرس سبق وان وافق على خطة تحرير العراق التي تبناها المؤتمر الوطني العراقي برئاسة الدكتور احمد الجلبي وصحيفته الرسمية (المؤتمر) الصادرة في لندن ،وجماعته الملحقة به في واشنطن ،والتي خصص الكونكرس لها 90 مليون دولار تمتع بها الجلبي واعوانه من الصحفيين و المرافقين ، دون اعداد خطة منهجية لما بعد التغيير،بل كان همهم منصب على وصولهم للسلطة دون اعتبار للثوابت الوطنية العراقية، لذا فأن الخلافات حول خطة ما بعد الحرب في العراق ظلت دون حل لتاريخ الغزو.وقد نشأت هذه التفاعلات من التخمينات المختلفة لظروف ما قبل الحرب في العراق وحول العواقب التي سوف تتبع خلع الرئيس صدام حسين.

لقد اعتمدت الشخصيات التالية في خطة الاعمار لما بعد الحرب وهي تضم 57 شخصية حكومية أمريكية بارزة كان في مقدمتهم:

الجنرال جون أبي زيد قائد القيادة الوسطى ، والسفير بول بريمر ، ونائب الرئيس تشيني ، وجون كارنر، والسفير زلماي خليل زاد ، والسفيرجونغروبونتي، وكولن

3

باول وزير الخارجية الذي مُررَت عليه اكذوبة الحاويات لاسلحة الدمار الشامل، وعميدهم المتحمس لاحتلال الوطن العراقي وتدميره، د.بول وولفويتز الذي استوحى اراؤه من مقربيه العراقيين في واشنطن الذين أوهموه بنظريات الخطأ في أحتلال الوطن العراقي مقابل المصالح الشخصية والحصول على الحضية في سلطة الدولة دون المسئولية الوطنية والخوف لما قد يحصل للبلدين ما بعد الحرب ،لذا فهم المسئولون اليوم امام المحاسبة التاريخية.

أما الدوائر التي كلفت بالاشراف والتنفيذ على اعادة الاعمار كانت ما يقرب من تسعين مؤسسة حكومية ومستقلة في مقدمتها دوائر وزارة الدفاع والعدل والخارجية ، وصندوق النقد الدولي ،ومكتب اعادة الاعمار والمساعدات، ومكتب ادارة البرامج، ومكتب اعادة تأهيل الطاقة الكهربائية، ومعهد السلام الامريكي، ومنظمات تسويق النفط العراقي، ومكتب المفتش العام واعضاء مجلس الحكم العراقي ، ومن كلف بمهات مختلفة زادت على العشرات.

ان غالبية هذه المؤسسات كان يعمل فيها من المغتربين العراقيين الامريكان الكثير ،لكن الملاحظ ان كل هذه المكاتب كانت تصب في عقل مخترعيها دون مصلحة العراق والولايات المتحدة الامريكية ، وكانت قاصرة الخبرة في التوصيف الأستراتيجي من التغيير. ومجلس الحكم العراقي ومن تبعه من المعارضة العراقية كانوا لا يبالون ولا يعترضون على كل تدميرمستقبلي للوطن العراقي،كون ان أملهم تحقيق المصالح الشخصية دون الوطنية (العرب والأكراد ومن كل الأقليات الأخرى). وهذا ما تحقق فعلاً.

.ويقول السفير بريمر في كتابه ( سنتان في بغداد): ان كل اعضاء مجلس الحكم كانوا لايحضرون حتى المناقشات التي تخص مصير الوطن العراقي بعد التغييرواذا حضروا فهم يحضرون من اجل تثبيت امتيازتهم الشخصية والاستحواذ على الاموال العراقية بالباطل ولا غير. أنظر:

1)-الدروس القاسية – المقابلة مع كولن باول .

4

من يتابع التقرير لهذا المسئول الأمريكي الكبيرالمحنك، يلاحظ ان لعبة التغيير قد دارت بين اشخاص لا يملكون ذرة علم واحدة عن تاريخ العراق وجغرافيته وتنوعاته البشرية عند العراقيين ، لذا بنوا تخميناتهم على ما سمي بمعارضة العراق الخالية من اية خطة في الدراية والتغيير.وما درت القيادة الامريكية ان هذه المغامرة قد تؤدي بتاريخ وسمعة واقتصاد الولايات المتحدة الى الجحيم – وهذا ما حصل فعلاً-،ناهيك من ان دول الجواروخاصة الكويت قد دخلت في هذا المطب االكبير مدفوعين بالثأر القديم .

لكنهم لم يدركوا ان المشاكل المستقبلية عليهم ستكون أضخم مما يتصورون. والعرب عاطفيون دوما يمتازون بقصر النظر في التقدير.علما ان من حق العراق اليوم ان يقيم الدعوى دوليا على من سمح للقوات بالعبورمن اراضيه بأعتباره عدوانا على العراق(أنظر قرارات الامم المتحدة الخاصة بالعدوان على الدول الأخرى) . لكن اين لنا من المخلصين الشجعان العارفين ؟ بعد ان دمر هوشيار زيباري ولجان التفاوض حقوق الوطن والعراقيين.

اليوم حان وقت الحساب في هدر الاموال وتبديل خارطة العراق الاساسية بخارطة ناقصة والتلاعب بالثوابت الوطنية،وتتحمل وزارة الخارجية العراقية واحمد الجلبي وجريدته المؤتمر بالذات ومجلس النواب وزر هذا التجاوز .

لا احد ينكران العراق قبل الاحتلال كان يمر بمرحلة توقف حضاري نشأ عن فساد الحكم ودكتاتورية الرئيس صدام حسين،وفساد الحكم دوما يرجع الى قيام الدولة على الاساس غير السليم الذي ينبغي ان تقوم عليه نظم الحكم.وهذه الحالة التي مرَ بها الوطن العراقي كان يجب ان تدرس دراسة عالية التخطيط من قبل المُغييرين ،لا ان تعتمد على شلة من المعارضين النفعيين ،كانت أرائهم ما هي الا تصورات وتأملات لا حقيقة علمية يمكن ان يبنى عليها هكذا مشروع كبير.

هذا التوجه الذي أضر بالولايات المتحدة الامريكية ، ومن وقع عليه الأحتلال،لذا بعد حلول النكبة أنكبت كل الجهات الباطلة على الوطن طعنا ونهبا

5

وفرارا من المصير.بعد ان اقاموا عملهم على اساس غير مقبول فأنقطعت الصلة بينهم وبين المواطنين،فاصبحوا اليوم كالشجرة التي ماتت جذورها فهي تجف شيئا فشيئا حتى تموت ،واليوم يلاقون المصير رغم تعنتهم ومقاومتهم الشرسة لأمال الوطنيين..

ان كل ادعياء الوطنية من الشيعة والسُنة والأكراد والاقليات الاخرى الحاكمين اليوم والذين يدعون الوطنية كانوا من المشتركين في هذه الجريمة وقبضوا الثمن مقدما واليوم يتنكرون؟ يجب ان يقدموا لاستجواب محكمة التاريخ لما اقترفت ايديهم في تدمير الوطن العراقي وكل العواقب التي حلت بالوطن والشعب دون تقدير،وأضرت بالولايات المتحدة الامريكية المسئولة مسئولية تاريخية لالقاء القبض عليهم وتقديمهم لمحكمة التاريخ واعادة وطن العراقيين لأصحابه الشرعيين ؟ .

تعليق شخصي :

———————-

أبتداءً ان من لا يعتز بوطنه ليس من حقه حكمه والاستبداد فيه ، فقبلهم المغول وكل سلاطين العثمانيين والفرس والأنكليز ومن رافقهم قد أستبدوا بالوطن ،لكن مصيرهم دوما كان الخذلان والفشل الأكيد.

ان من جاء بعد 2003 كانت غالبيتهم لا يعترفون بالوطن ولا بالشعب ولا بكل العراق ولا هم منه ،وانهم أوهموا الولايات المتحدة بألادعاء بالوطنية وهم منها براء ، بدليل انهم نهبوا الملايين من المال العام وهربوا حيث يستقرون اليوم اذلاء في بلدان الاخرين تلاحقهم اللعنة الابدية من اعضاء مجلس الحكم والوزراء والنواب والمستشارينوكل من اشترك في ادارة التغيير. اما الباقون فهم على مسرتهم من السائرين.

كان على من اشترك من العراقيين في توصيف الحالة العراقية قبل التغييرفي 2003 ان يعرف الحقائق الثابتة المسيرة للتاريخ والعثور على قواعد تحكم سير الحوادث

6

بعد وقوعها ومعرفة اسباب التخلص من مخلفات النظام السابق بعد التغيير،فلا عذر للخطأ في مصير الوطن والمواطنين،وذلك بفتح باب التفكير والمناقشة في اتجاه سليم وتوجيه الفرضيات الفكرية الى قضايا جديرة بأن توضع موضع التأمل والبحث لوضع برنامج محكم بعد التغيير وقبل الدخول في مغامرة التغيير. قبل ان يصلوا بالوطن الى مرحلة اللا عودة كما هم اليوم محاصرون ولا يعرفون المصير.

فهل من خان وغدر وسرق وخرب يستحق ان يعود اليوم رئيسا للوزراء مثل عماد الخرسان الذي سرق المال ، وخرب الادارة ، وعين الف مستشار ومستشاروهمي دون رادع من ضمير يعود ليتسلم ادارة الوطن من جديد.اذا فكرت الادارة الامريكية فيه يعني هي تقصد تخريب الوطن وبتعمد على العراقيين.هذا الأفاك يجب ان يقدم لمحكمة التاريخ؟

لقد كان الخونة من المرافقين يتعاملون مع دولة كبيرة قليلة الخبرة بتاريخ العراقيين بعد ان اعتمدت عليهم .وهذا لم يكن في حسبانهم ابدا ولا تجد منهم من وصل ثقافياً واستراتيجياً الى مثل هذا التصور،لذا كان قبولهم بشهادات التزوير للمناصب الكبرى تحت علمهم وبصرهم بعد التغيير دون اعتراض من احد خوفا من أنكشاف امرهم في مسئولية التغيير وللامساك بالدولة دون الأخرين ووضع الخطط الاستراتيجية مع ايران لتصفية كل الكفاءات العراقية والضباط والطيارين لتكون ايران هي اللاعب الاوحد بعد انسحاب الامريكان من العراق- لأن غالبيتهم منها- وهذا ما حصل فعلا اليوم ،عندما اختصروا كل جيش العراق بقاسم سليماني العميل وابو مهدي المهندس والعامري العميل…؟

ان قادة الولايات المتحدة اليوم مسئولون امام التاريخ بضرورة كشف هؤلاء الذين تسببوا في هذه الكارثة العالمية لشعب اصيل ،بجلب كل هؤلاء واغلبهم في امريوتقديمهم لمحكمة التاريخ كما فعلوا مع الالمان بعد الحرب العالمية الثانية واعادوا بناء المانيا من جديد.

7

اعتقد ان الحل للمشكلة المتفاقمة اليوم تكمن في ألغاء الدستور والتوقف بالعملية السياسية الحالية التي اوصلتنا الى هذا المأزق المعقد الكبير.وتكليف لجنة عليا من الفقهاء الدستوريين لوضع مسودة دستور جديد قائم على التوجهات الوطنية لا الطائفية والغاء الكيانات والاحزاب تمهيدا لوضع يعيد التعايش السلمي بين المواطنين.

وتحديد حقوق الأقليات والأكراد منهم وفق النسبة السكانية بعد ان تمتع الاكراد بكل الحقوق دون واجبات وحصلوا على 17% من الميزانية العامة ورئاسة الدولة وهم ليسوا بهذه النسبة مستغلين عدم قيام التعداد السكاني في البلاد.

واستقلال القضاء بعد ان اصبح مسيساً لصالح المتنفذين، وفصل المذهبية عن الدولة تمهيدا لفصل الدين عن السياسة،والاعتراف بكل القوميات بحقوقها السياسية دون انفراد بعضها بالكثير تمهيدا لأخراج داعش الاجرام من عراق العراقيين الذي سلموه لها بدون حرب ، ومعالجة الواقع معالجة حقيقية تستبعد منها كل مافيات الفساد الحالية التي أوغلت في الاجرام نحو العراقيين،لان غالبيتهم اجانب ولا ينتمون للوطن ابدا.

ان هذا الدور يقع وطنيا وتاريخيا واخلاقيا على الولايات المتحدة الامريكية راعية التغيير.

ان المعالجات الترقيعية في بلاد نالها هذا القدر من التمزق والدمار على حد قول الخبراء السياسيين لن يجدي فيها الاصلاح المتأخر ابداً..

وتقديم كل من اساء لمحكمة التاريخ دون اعتبارات تذكر فالعراقيون كلهم متساوون في الحقوق والواجبات امام القانون .

نتمنى للوطن ان يجتاز المحنة قبل ان يتحول الوطن الى تدمير.

2

8

)-انظر تقرير المفتش العام في وزارة التعليم العالي السيد عبد المجيد الراوي الذي يقدرها بعشرة ألاف شهادة جامعية مزورة،اغلبها عند من استلموا المناصب العليا في الدولة ووزارة الخارجية والمنظمات الدولية والامم المتحدة .

بالاضافة الى ادخال المئات من الضباط برتب عالية جدا وهم لا ينتمون للجيش لا من قريب ولا من بعيد.

الى الحلقة الثالثه

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب