30 مايو، 2024 5:24 م
Search
Close this search box.

الدرهم الساحر

Facebook
Twitter
LinkedIn

وقع بيدي كتاب (من الثورة العربية الكبرى الى العراق الحديث)
وهو ذكريات أمير اللواء الركن المتقاعد ابراهيم الراوي .
ولأني شديد الولع بكتب الذكريات، بدأتُ أقلّب صفحاته فوجدته في ص192 ، يسرد بعض مواقفه يوم كان مديراً عاماً للتجنيد .
قال :
(كان الشيخ ابراهيم الراوي – رئيس الطريقة الرفاعية– يبعث اليّ بشفاعات كثيرة ، معتقداً ان شفاعته ستأخذ مجراها ، ولو كانت القضايا خلاف القانون ، على اساس ان سماحته شيخ الرّاوية وأنا راوي .
وانا مع تقديري للشيخ الجليل صرتُ لاأفتح مكاتيبه (…) بل استمع من الشخص شكواه ، فان كانت ضمن القانون ساعدتُه بحلّها ،
وان كانت لا ، فان الوساطة لاتحل ولا تربط (…) ، اذ على كل موظف في الدولة ان يسهّل الأمور ، ويمشيها وفقا لقوانين الدولة .
وهو كأجير شأنُه شأن الحّداد أو النجّار أو البنّاء يؤدي واجبه لقاء أجر معروف ويتصرف تصرفاً عادلاً ف(عدل ساعة خيرٌ من عبادة ستين سنة )
وهنا لابد من وفقه نقول فيها :
ان مسألة اللجوء الى كبار الشخصيات، والتماسها التدخل لحل المشكلات والقضايا المتعلقة بملف فلان أو فلان، قضية قديمة جديدة .
وكثيراً ما يستجيب الكبار لدواعٍ انسانية واجتماعية، فيكتبون ما يُطلب منهم

لأصدقائهم من ذوي المناصب الرسمية ، لا لتعطيل القوانين وظلم الآخرين، ولكن للضغوط التي تُمارس عليهم ولايستطيعون دفعها وكتابات الكبار لاترّد غالباً ، احتراماً لمقاماتهم واجلالاً لمكانتهم ….
وهكذا يتقدم فريق من المواطنين تدعمه الوساطات المقبولة ، على فريق آخر من المواطنين المستضعفين، الذين ليس لهم أواصر صلة بالكبار، ليكتبوا لهم، ومن ثم يواجهون النتائج المرّة ويلوكون حسراتهم …
ان الوساطات تُكرّس المحسوبية والمنسوبية، وتميّز بين الغني والفقير، ضاربةً عَرْضَ الجدار بالمسلمات الكبرى من وجوب تساوي المواطنين بالحقوق والواجبات أمام القانون .
ومن هنا فهي علامة مرض وليست علامة عافية .
وصاحب الكتاب – ابراهيم الراوي- وهو يُسرد هذه القضية ، يشير الى تَمَسُكِهِ (بالضوابط) لا (بالروابط)، في مقام أدائه لواجبه الوظيفي ، وهو ما يجب ان يتمسك به الآخرون أيضاً .
انه يعتبر الموظف كالأجير ، لن يستحق أجرته مالم يؤد عمله كاملاً غير منقوص وفق ما أراده القانون .
وليت الموظفين اليوم ينطلقون من هذا المبدأ ، ليعاملوا المواطنين جميعاً على قدم المساواة ، بحيث لايُقّدم أحدهم على الآخر بسبب دفعه للأموال أو الاستعانة بجهة نافذة أو الاستناد الى توصية بعض الكبار ..!!
ان توصيات الكبار لم تعد سحرية الآثار ، كما كانت من قبل .
ان الذي لايُرّد بحال من الاحوال ، هو الأوراق الخضراء أو الحمراء

وقديماً قيل :
اذا كنت في حاجة مرسلاً
                         وأنت بها كَلِفٌ مُغْرَمُ
فارسل حكيما ولا تُوصِهِ
                          وذاك الحكيمُ هو الدرهمُ
وعلى القانون والعدل السلام ..!!

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب