كما يحتاج الجسد البشري إلى الغذاء فإن العقل يحتاج أيضاً إلى الغذاء لكنه ليس غذاء اللحوم و النباتات بل هو القراءة و الدرس لتنمية الفكر و رفد العقل بكل متطلبات العلم و المعرفة التي تواكب متغيرات العصر و تجاري مختلف الأحداث الطارئة على المجتمع خاصة و أنه يشهد ثورة علمية عملاقة تقودها العديد من المجتمعات البشرية التي أحدثت قفزة نوعية في طرق التدريس و تطور مناهج العلم و الارتقاء البعيد المدى في مناهجها العلمية و تقدم أدواتها الفكرية مما جعلها تقف عند مصافي الدول ذات التقدم العلمي و التطور الفكري وهذا كله عائد إلى القراءة و الدرس التي لها الفضل الكبير في تقدم عجلة المجتمع إلى الأمام في مختلف نواحي الحياة فضلاً عن الدور الكبير الذي لعبته الدراسة في رسم الخطوط العريضة لانفتاح الإنسان نحو آفاق الحياة و معاصرة لشتى الأمور المتعلقة بمنهج حياته و ترتبط كثيراً بثوابت معتقداته و مبادئه و قيمه النبيلة و تحاول النيل منها ، فالقراءة في حقيقتها هي غذاء صحي للروح وهواء نقي للعقل وحياة مهنية للضمير، كرمها الله تعالى بأن جعل أول كلمة نزلت على نبيه الأمي العربي القرشي الهاشمي المكي المدني الحجازي في القرآن الكريم هي اقرأ ، حتى تُبنى بمضمونها النفوس وتحيي بديمومتها الضمائر، لتعيد أمجاد حضارة إسلامية عريقة شعارها السلم والسلام وثروتها العلم والقراءة والمعرفة ، وعنوانها النبيل هو الدرس كونه روضة من رياض الجنة ، بمتعته التي فاقت كل الملذات المحسوسة ، فما زال رواده ورموزه يتصفون بالزهد والورع والتقوى ، ليكونوا بحق قادة المجتمع ودعاته ، المعول عليهم في خلاصه من براثن الأفكار المنحرفة التي أهلكت الحرث والنسل في ظل الظروف الراهنة ، التي عاث فكر داعش التيمي بالبلاد والعباد الفساد بمجمل خرافاته ووثنياته وخزعبلاته وإجرام عصابات الخوارج المارقة ، فالقراءة و الدرس هما سلاح الإنسان الواعي المثقف القادر على مواجهة الأفكار المنحرفة وكشف حقيقة أجندات التنظيمات الإرهابية الساعية إلى قتل العقل البشري و تحجيم دوره الكبير من خلال سياسة المكر و الخداع فتلمع صورتها ظاهراً و تلعب دور الثعلب الماكر في الخفاء وصولاً إلى تحقيق أهدافها القذرة بالإضافة إلى جعل الإنسان جاهلاً متخلفاً منزوياً في خانة الجهل و الظلام و التخلف الفكري و العلمي و المعرفي فلا يفقه شيئاً من الثقافة و المعرفة عن طريق عمليات غسل الدماغ بالسموم الفكرية الهدامة و نشر الآراء السقيمة البعيدة عن قيم و مبادئ ديننا الحنيف وهذا ما يحتم على الفرد المسلم بأن يتسلح بالعلم و المعرفة و الفكر الرصين حتى يتمكن من مواجهة الفكر المنحرف بالفكر الإسلامي الأصيل ولا يعتمد كلياً على لغة السلاح ولسنا هنا في معرض التقليل من أهمية الآلة العسكرية لكنها تبقى حلول ترقيعية لا جدوى منها إذا لم تقترن بالسلاح الفكري ليكونا دائماً كالسيف ذو حدين وهذا ما يجعلنا في أمن و أمان من خطر الإرهاب و نيرانه المستعرة و أدواته الفاسدة القادمة من خلف الحدود .