17 نوفمبر، 2024 9:26 م
Search
Close this search box.

الدرس الايراني

يوم امس السبت ( 3 / حزيران / 2013 ) نقلت التلفزة الايرانية حفل تسلم الرئيس الايراني الجديد الشيخ الدكتور حسن روحاني لمنصبه رئيسا لايران ولاربع سنوات قادمة , الرئيس الايراني الجديد فاز في انتخابات حزيران الماضي وبفارق كبير عن اقرب منافسيه وسط اقبال شعبي قل ان شهدتها انتخابات الرئاسة الايرانية على الرغم من محاولات جهات دولية واقليمية ومحلية بذلت لصرف الشعب الايراني عن التوجه للانتخابات , ويكفي لصحة الهجمة الممنهجة والمنظمة التي تعرض لها الشعب الايراني لصرفه عن واجبه الوطني تجاه ايران اعتذار وزير الخارجية الكندي (جون بيرد) في رسالة مفتوحة وجهها للشعب الإيراني عن تصريح سابق وصف فيه مشاركة الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية بأنها “لا معنى” لها بسبب “عدم حرية الأجواء السياسية في ايران” حسب تعبيره.
    اجواء الاحتفالية اتسمت بمظهر البساطة , اذ ظهر قائد الثورة السيد الخامنئي جالسا على كرسي بسيط وفي قاعة بسيطة في اثاثها , ويجلس على الارض الى جواره كبار قادة ايران , فيما افترش الارض امامه كبار قادة القوات المسلحة الايرانية واعضاء الحكومة الايرانية , ان مظهر البساطة في هكذا اجواء تشير بما لا جدال فيه الى مشاركة هذا القائد لفقراء شعبه الذين ربما تذهب نفوسهم حسرات لو شاهدوا بهرجة النظام وانفاقه بينما هم يعيشون عيش الكفاف , الاحتفالية جرت في مقر القائد وهو رجل عرفه شعبه قبل العالم ببساطة عيشه وزهده فيما بين يديه من ثروات ايران , ولا سبب وراء هذا الزهد سوى انه يعيش الموقع والمنصب رسالة وليس وظيفة .
    في خطابه , كشف الرئيس روحاني عن مفهوم جديد ومصطلح جديد سيدخل عالم السياسة والديبلوماسية وهو ما سماه ” التوافق البناء” , وتقوم سياسة التوافق البناء على الانسجام مع العالم بما يحقق المصالح المشتركة لجميع الاطراف , وهو مفهوم سيكون بالضد من التوافق لتحقيق مصالح منفردة تؤدي الى مصادرة حقوق الدول والشعوب كما يظهر من سياسة ” الناتو ” في كثير من توافقاته . وفي خطابه ايضا اشاد روحاني بسلفه الرئيس نجاد وشكر حكومته على ما بذلته من اجل ايران واشاعة الاجواء المناسبة للانتخابات منوها بثقل المسؤولية التي يتصدى لها لاربع سنوات قادمة , وفي خطابه توجه الى الله تعالى بان يوفقه لان يكون خادما للشعب الايراني .
     ان الدرس الايراني , هو هذا الانتقال السلس السلمي للسطة , فعلى الرغم مما مرت به ايران منذ عام 1979 عام انتصار الثورة لم تتعطل انتخابات الرئاسة ولم تتلكأ عملية الانتقال السلمي للسلطة من السلف الى الخلف مع ان ايران مصنفة من دول العالم الثالث ومن دول منطقة الشرق الاوسط التي لا يتخلى رؤساؤها وملوكها عن السلطة الا بجحفل يقوده ملك الموت ” عزرائيل ” او بجحفل يقوده ضابط مغامر .
        ومن الدرس ايضا , ان ما تشيعه العلمانية ضد الاسلام السياسي وهو مفهوم استوردوه من الغرب ليس اكثر من حرب نفسية واعلامية , ففوز رجل دين بثقة شعبه لرئاسة بلده يؤكد ان الاسلام السياسي بخير ويمتلك ثقة عظيمة بنفسه اذا احسن القائمون عليه التصرف واحسنوا الشعور بالمسؤولية واظهروا الاعتدال والابوة لجميع شرائح المجتمع , وليس بالنموذج الذي اظهره الرئيس مرسي في اقصائه غير الاخوان ثم طيّف الدولة دون اعتبار لمكونات الشعب المصري الاخرى , ان قوة الاسلام السياسي في تسنم من يحمل لقب حجة الاسلام للرئاسة في ايران تاتي ثمرة لخطاب واقعي وعقلائي , وهذا ما اشار اليه الشيخ رفسنجاني الذي ينتمي الرئيس روحاني الى مدرسته السياسية خلال استقباله الرئيس الجديد قائلا : أن شعارات الاعتدال والعقلانية التي رفعها حسن روحاني في حملته الانتخابية ستسهم في تعزيز وتقوية الانسجام والوحدة الداخلية في ايران، مشيراً الى أن هذا سيسهم في حل العديد من المشكلات الداخلية خاصة الاقتصادية وسيؤدي الى تعامل بناء مع دول العالم” .
       ومن الدرس الايراني أن رئيساً آخر في إيران سينضم إلى لائحة الرؤساء السابقين هو محمود أحمدي نجاد المحبب لدى القواعد الشعبية وسيعود إلى جامعته ليدرس فيها ، تماماً كما كان قبل أن يصبح رئيساً ، نجاد «مردم يار» أو رجل الشعب، سيعود إلى صفوف الشعب  بعد ان قدم كشفا الى السلطة القضائية بذمته المالية وكل ما فيها انه خلال ثمان سنوات من الرئاسة اضاف اربع غرف الى بيته القديم بالاقتراض من صندوق الرئاسة وبمساعدة زوجته وابنائه وبعض الاصدقاء , والبيت مساحته (175) مترا مربعا .
       انا احلم بمثل هذه التجربة في بلدي العراق الحبيب , وانت هل تحلم معي بمثلها للعراق ؟ وهل ترى لاحلامنا فرصة للتحقق ؟ .

أحدث المقالات