23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

الدخول إلى المناطق المتنازع عليها عبر بوابة تشكيل الحكومة العراقية

الدخول إلى المناطق المتنازع عليها عبر بوابة تشكيل الحكومة العراقية

مُنذ الاحتلال الأمريكي للعراق والأكراد يؤدّون دورهم المُناط إليهم من قبل غيرهم عبر دعم الاستفتاء أو غيرها من السياسات الأخرى من أجل إقتضام مناطق مُتعددة القوميّات والمذاهب والأديان تحت مُسمى ”المناطق المُتنازع عليها“ وهي التسميّة التي اطلقها مُستشار بول بريمر ديفيد اوري وشبهّها أستاذ التاريخ المُعاصر في جامعة بغداد مازن عبدالسميع بالإسفين الصهيو – إسرائيلي في الجسد العراقي لكون الصراع على هذه المناطق سببّها بالدرجة الأولى النفط وليست العائديّة التاريخيّة كما يدّعي ساسة الأكراد وأقلامهم لكون أوري كان يُقدم نصائح نفطيّة لا غير لسيّده بريمر وهو العقل المُدبر للشركات النفط العملاقة ولقد تسنى له تقلّد منصب رئيس سابق لمجلس إدارة شركة شيفرون تيكساكو (Chevron Texaco) وللعلم أن هذه الشركة في السابق كانت تُسمى ستاندارد أويل كومباني أوف كاليفورنيّا استطاعت في مايو 1933 الحصول على إمتياز التننقيب عن النفط في مناطق الشرقيّة من المملكة العربية السُعوديّة ولمُدة ستّون سنة مُقابل 35 ألف جنية من الملك السعودي الراحل عبدالعزيز بن آل سعود وهي بداية التربُّع الأمريكي على عرش المنطقة بدلاً من البريطانييّن وأوري قبل تقلّده منصب مُستشار بريمر أكد في حال قيام حُكومة مشروعة في بغداد سيولّون جل اهتمامهم للحصول على امتيازات استخراج النفط العراقي وسيدعمون الحُكومة التي تؤمّن لهم هذه الامتيازات في الأمد البعيد وبناءً على توصيّاته أقدمت الإدارة الأمريكيّة على تعيين فيليب ج كارول الرئيس السابق لشركة شل (Shell) المملوكة للهولنديين والإنكليز مسؤولاً عن إستخراج النفط العراقي ومعها بدأت عقاربُ الساعةِ تعود بنا إلى الوراء وكأنّنا نعيشُ أجواء الحرب العالميّة الأولى فحل أوري محل سايكس وحل كارول محل بيكو وخلف الطاولة المُستديرة رسموا حدود الدم للمناطق التي تحوي في باطنها على أكبر مخزون نفطي وأطلقوا عليها ”مناطق مُتنازع عليها“ وبما أن التركمان يُشكّلون العمود الفقري لتلك المناطق والعائق أمام الدولة الكرديّة وجب تصفيّتهم وتجريدهم من مناطقهم وهويّتهم القوميّة عبرالمُؤمَرات والدسائس وتصفيّة رُموزِهم السياسيّة وبتالي مُحاولة جرّهم في وحل المذهبيّة والطائفيّة لتحقيق المشروع الأممّي الذي كشف النقاب عنه قائد الأسطول السادس الأمريكي الأدميرال تيموني كيتنغس. فكيتنغس قبيل إجتياح القوات الأمريكيّة للعراق شارك في مُؤتمرعمّان وأدلى وقتها بمعلومات خطيرة ومُهمة حول تُركُمان العراق ومُستقبل الدولة العراقيّة وهيكليّة نظامه السياسي للملحق العسكري التركي في أردن أميد ياليم الذي تقلّد فيما بعد منصب سكرتير وزارة الدفاع التركية قائلاً: ”أمريكا تُريد دُخول حرب العراق إلى جانب كل من تُركيا وبريطانيا وبعد إزاحة صدام حسين من السُلطة سيتم تقسيم العراق إلى ثلاثة دويلاتٍ صغيرة دولة للأكراد في الشمال ودولة للسنة في الوسط ودولة للشيعة في الجُنوب” والمُلحق العسكري التركي وصل لذروة إنفعاله ثُم انفجر بوجهه قائلاً وفي حُرقة: ”ولكن في الشمال يعيش قُرابة ثلاثة ملايين تُركُماني ماذا سيحلُ بهم في حال نشوء الدولة الكرديّة؟”. فما كان من الضابط الأمريكي الا القول: ”ان حلَّ لهم سيعيشون تحت سيادة الدولة الكرديّة وإن لم يحلّ لهم سيذهبون إلى تركيا“ وفجاءةً تعكر صفو الأجواء بعد أن أشار الضابط التركي بسُبابته للضابط الأمريكي قائلاً: “أنتم لا تريدون إنشاء دولة كرديّة بل تريدون إنشاء دولة إسرائيليّة ثانيّة!.“فسكت الضابط الأمريكي لوهلة وأكتفى بالقول :” لا أستطيع الإجابة عن السؤال!.“ ولكن الأكراد المُقترعين في استفتاء الانفصال عن الدولة العراقيّة العام الماضي وبدون تردَّد أجابوا عن السؤال بدلاً من الضابط الأمريكي قائلين:”نعم نحن إسرائيل ثانية“ وبالخط العريض تم نشره في صحيفةُ هآرتس HAARETZ“ الإسرائيليّة في عددها الصادر بتاريخ 28/9/2017 وعلى صفحتها الأولى واليوم بوجود القوات العراقيّة والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية في كركوك وغيرها هل تم معها طيّ لعبة المناطق المُتنازع عليها؟ أم نحنُ أمام لعبة أمميّة جديدة؟ سيكون للأحزاب الكردية الدور الرئيسي على خشبة مسرحها وشفرتها أو مفتاحها السحري الدخول إلى المناطق المتنازع عليها عبر بوابة تشكيل الحكومة العراقية.