23 ديسمبر، 2024 10:54 ص

تجتاح وسائل الإعلام والتواصل الإحتماعي موجة من الخطب والمواعظ والتصريحات التي يصدح بها ذوي العمائم المتنوعة , وخلاصتها أنها تهاجم الوضع القائم وتنتقد ما تقوم به الدولة , وكيف أن الفساد فيها عميم والخراب سائد والإعمار بائد.
وتجدهم يتكلمون بلغة تُظهر بأنهم مع الشعب على الحكومة , ويتناسون بأنهم هم الذين أفتوا وشجعوا الناس لإنتخاب الذين بالحكومة , بطروحات تضليلية وتخويفات وترهيبات ما أنزل الله بها من سلطان , غايتها الكرسي والحكم , ولا علاقة لها بالوطن والمواطنين.
عمائم تخدعك بدجلها وأضاليلها وتظلماتها ومقهوريتها , وكأنها تتكلم بلسان المحرومين والمنكوبين بالفساد , وبفقدان هيبة القانون والتحول إلى ضحايا وعبيد للحرمان من الحاجات , فتجدهم يكدحون من أجل لقمة يومهم , والذين يخاطبونهم يتنعمون برغد العيش والعز والثراء الفاحش.
وهذه لعبة مدبرة وآلية لإخماد الإرادة الشعبية وتدجين البشر وتحويله إلى قطيع , فالكلام ضد الدولة من قبل المعممين المستفيدين من الوضع القائم والفساد الدائم , إمتهان لحقوق الناس ومشاركة في كبح إرادتهم ومصادرة حقوقهم , لأن في خطاباتهم دعوات إستكانة وتسويغ للظلم والمعاناة , وتبرير لما يتحقق من نهب وإستحواذ على ممتلكات الناس.
وهي تحث على إستلطاف البؤس والقهر والذل والهوان , وتحسب ذلك من أصول العبادة والتبعية والإيمان بالدين الذي يتصورون , وهم يعززون الشعور بأن المجتمع فيه سادة وعبيد , وما يحق لهؤلاء لا يجوز أو يحق لغيرهم الذين عليهم الرضى بقدر الله ونصيبهم من الدنيا , وأن يكونوا من الصاغرين للأسياد الذين يسرقون وينهبون ويتنعمون ويبطشون ويظلمون بإسم الدين.
وهم بما يقومون به يساندون الفساد والخراب والدمار , وتمزيق المجتمع وترسيخ الطائفية والمذهبية والتحزبية والفئوية , ولا يتجرؤون على الإقدام على عمل ينفع الناس , وإنما عملهم الكلام الذي يخدرون به التابعين لهم , وإشاعة الأوهام والهذيانات التي تنفعهم بتجارتهم المربحة التي ترفع رايات دين , وتبيع وتشتري البشر المسكين وتزج به في جحيمات الأنين.
ولا يمكن الإقتناع بما يقولونه لأن أعمالهم تفضحهم تماما , فهم في رفاهية والذين يخاطبونهم في عسر وضنك عيش , ويحسبون أن ما هم عليه رزق من ربهم الذي به يؤمنون , وما يعانيه الناس بلاء من ربهم الذي يمتحنهم به لكي يفوزوا بجنات النعيم , وهم الفائزون بجنات الدنيا وما بعدها , لأنهم السادة الذين خصهم ربهم بالنعمة وفضلهم على الناس أجمعين.
وبإختصار إنهم دجالون ومضللون وللكراسي يبوّقون , ومنها يغنمون وبها يتنعمون , وستكشف معادنهم لو تعرضتَ لكرسي مطمئن أمين , بنعمته يتحدثون!!
فإلى متى يمررون سلعة الدين , ويتاجرون بالمساكين , ويرددون معهم اللهم آمين؟!!
فاستفق أيها البشر ولا تكونن من المغفلين!!!