23 ديسمبر، 2024 8:57 ص

الدبّ الروسيّ اللاعب الجديد في الشرق الأوسط

الدبّ الروسيّ اللاعب الجديد في الشرق الأوسط

في خطواتٍ متسارعة وجريئة اقتحم الدبّ الروسيّ منطقة الشرق الأوسط من زاويةٍ لم يتوقّعها أحد، وبدأ يُنافس الدول التي كانت قد استثمرت طويلاً في هذه المنطقة وأوّلها الولايات المتحدّة الأمريكية.

للوهلة الأولى وبنظرةٍ سطحية يرى المتتبّع للأحداث قرارَ الروس على أنّه رهانٌ على فرس خاسر، فهم قرّروا الوقوف مع إيران والعراق وسوريا بالتحديد لدعم نظام بشار الأسد وتشكيل تحالفٍ رباعيّ، وما هي إلّا أيّام معدودات حتى أصبحت الأمور تطبيقية على أرض الواقع، وقد عدّها أهل الاختصاص تحدّياً واضحاً للغول الأمريكي، حيث وصف الرئيس باراك أوباما نظام الأسد في خطابه الأخير في ذكرى تأسيس جمعية الأمم المتحدة، إنّ بشار الأسد دكتاتور يجب الإطاحة به، وإنّ إيران هي راعية للإرهاب، وإنّ العراق يحتاج لسنوات للقضاء على داعش.

فيما جاء خطاب فلاديمير بوتن بشكلٍ مغاير، وقد أكّد أنّ بشار هو الحاكم الشرعي، وأنّ إيران هي الدولة الأقوى في الشرق الأوسط، وداعش تحتاج لأشهر للقضاء عليها.

القوّات الروسية في غضون أيامٍ معدودات جاءت ونفّذت غارات جوية في سوريا، وحسب ما أُعلِنَ أنّها كانت ضربات موجعة، كما أعلنت عن إرسال مستشارين عسكريّين إلى العراق، ووعدت بوصول تقديم السلاح للقوّات العراقية.

في ظلّ هذه التطوّرات يمكن أن نستخلص مقارنة بين الموقف الروسيّ والأمريكي.

1-  بعد أن اجتاحت عصابات داعش محافظة الموصل وقبل صدور الفتوى أوقفت أمريكا صفقات السلاح ومن ضمنها طائرات الـ(F16) علماً أنّ العراق كان قد دفع مبالغ من تلك الصفقات، في حين أنّ روسيا سارعت بتسليم العراق طائرات السيخوي وراجمات الصواريخ والمروحيات.

2-  بعد تحقيق الانتصارات من قبل قوّات الحشد الشعبيّ وفكّ الحصار عن آمرلي وانكسار العدوّ، دون سابقة تذكر شكّلت أمريكا تحالفاً دوليّاً بقيادتها لمحاربة التنظيم كما زعمت، وأعلن قادتها أنّ الحرب تحتاج إلى سنوات!!! وميزانية تقدّر بـ(500) مليار دولار!!! وها قد مضى أكثر من سنةٍ على تشكيل هذا التحالف دون تحقيق نتائج تذكر.

في حين إنّ الموقف الروسيّ أبدى جدّيةً حقيقيةً في مواقفة ولم يطلب أموالاً أو تعهّدات، بل اكتفى بإعلانه عن مساعدة العراق وسوريا والقضاء على تنظيم داعش وإحلال الأمن في المنطقة.

كما لا ننسى أنّ أنظمة الخليج غير متوافقة مع الروس ولا توجد أيّ قنوات تواصل بينهم، والطرف الأوّل الذي يعدّ الحليف الاستراتيجي لأمريكا، دَعَمَ بكلّ ما أوتي من قوّةٍ تنظيمَ داعش في العراق وسوريا للإطاحة بالنظام السوري والنيل من الشعب العراقيّ، واليوم يُهاجم اليمن للضغط على إيران وإفقادها نفوذها في المنطقة، فماذا إن قُلِبَت الطاولة واستطاع العراق تخطّي الأزمة والقضاء على داعش، وبشار الأسد استعاد زمام الأمور؟ كلّ هذا بدعمٍ إيرانيّ روسيّ. كيف ستكون الخارطة الجديدة للشرق الأوسط؟.

هل سيقبل الأمريكان بهذه الخارطة ويتقبّلون الهزيمة؟ أم ستكون هناك ردّة فعل لاستعادة زمام المبادرة؟

وهل سيكون العراق وسوريا ساحة صراعٍ روسيّ أمريكيّ؟

ننتظر ما تحمله الأيام القادمة…