22 ديسمبر، 2024 10:16 ص

الدبلوماسية الكوردية نجاح باهر في ادارة الملفات الشائكة

الدبلوماسية الكوردية نجاح باهر في ادارة الملفات الشائكة

منذ ان وجدت الخليقة، برزت الدبلوماسية والعلاقات كضرورة للتكامل والتنمية واستمرار الحياة سواء على مستوى الفرد او بين الشعوب والأمم او بين الدول ككيانات سياسية حيث انطلقت العلاقات مع قيام المدينة مثل المدن الفينيقية والمصرية واليونانية وبمرور الزمن اتخذت العلاقات والدبلوماسية ابعاداً مختلفة سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، ثقافية او علاقات صداقة بين المجاميع البشرية التي تتشكل منها القوميات والشعوب والأمم.
يعد المؤرخ الأمريكي (باري بوزان) التفاعل بين المدن السومرية القديمة والعلاقات فيما بينها اول نظام دولي مكتمل التطورلكن تأريخ العلاقات الدولية بشكل عام يعود لمعاهدة وستفاليا الموقعة في عام 1648 والذي يعد نقطة انطلاق الدبلوماسية و العلاقات في تطوير نظام الدولة الحديث.
الشعب الكوردي الذي يمتد تأريخه الى الاف السنين قبل الميلاد، سعى لبناء علاقات صداقة وتعاون مع شعوب المنطقة والعالم في مراحل تأريخية مختلفة وفقاً لمقتضيات الظروف الموضوعية والذاتية والمصالح المشتركة، وكان ومايزال يعتقد اعتقادا راسخا ان الحوار والدبلوماسية هو السبيل الانجع لحل وحسم اية خلافات او صراعات سواء بين التجمعات البشرية او بين منظومة الدول لأستتباب الأمن والاستقرار والعيش في ظروف طبيعية بعيدة عن الخصومة والعداء.
الجمعيات والمنظمات والاحزاب الكوردية التي تشكلت خلال اكثر من عقد حاولت بناء علاقات متوازنة مع دول وشعوب المنطقة والعالم بناء على المصالح المشتركة في المجالات المختلفة وبالأخص السياسية والثقافية والاجتماعية كضرورة للعمل والتعاون والتنمية والاستفادة من التجارب والخبرات بغية تطويرالمجتمع الكوردستاني وضمان حقوقه ومصالحه.
لو نظرنا لكيان اقليم كوردستان الذي انشأ في بداية تسعينيات القرن الماضي بعد عقود من النضال والتضحيات، سعى منذ انشائه لبناء علاقات وثيقة مع الدول

المحيطة لطمئنتها على ان الهدف من أنشاء هذا الكيان هو ترسيخ الأمن والاستقراروبناء علاقات اخوية وصداقة بين شعوب المنطقة والعالم وبذل كل ما بوسعه من جهود وامكانيات دبلوماسية وقوى ناعمة لطمئنة هذه الدول وبالاخص التي تقاسمت ارض كوردستان بناء على معاهدة دولية ظالمة.
الدول المستقلة ذات السيادة المعترف بحدودها الدولية والمستقرة سياسيا وامنيا،تمتلك منظومة دبلوماسية تتمثل بوزارات الخارجية لأدارة الملفات المختلفة التي تخص سياستها الخارجية من دون ضغوط تذكر من هذا الطرف او ذاك ، لكن اقليم كوردستان بسبب جغرافيته المعقدة والحاق اجزاء من ارض وشعب كوردستان بدول الجوار يضيف عبئا كبيرا على منظومته الدبلوماسية.
نجحت الدبلوماسية الكوردية منذ انشاء كيان اقليم كوردستان ببناء شبكة علاقات متزنة ومهمة مع العالم الخارجي في جميع المجالات ، من ضمنها دول الجوار مع وجود صراعات سياسية ومشاكل امنية واقتصادية وتضارب المصالح بين دول المنطقة بعضها مع بعض من جانب والقوى العالمية من جانب اخر، لذلك للدبلوماسية الكوردية لا تعمل في بيئة طبيعية كما تعمل منظومات الدول المستقلة، وعليها قبل اتخاذ اي موقف او قرار ان تاخذ مصالح الدول الكبرى والدول المحيطة بنظر الاعتبار.
اليوم الاقليم رغم امتلاكه علاقات وثيقة مع كل من ايران وتركيا،يحتضن اعداد كبيرة من قوى المعارضة الكوردية من شرق كوردستان فضلا على منح اللجوء لأعداد من السياسيين الكورد الاتراك سواء الذين لجئو الى اراضيها نظرا للظروف السياسية في تركيا او من كوادر حزب العمال الكوردستاني الذين يرفضون مواقف وسلوك وسياسات قيادة حزبهم، وهذا بدوره يستدعي الحكمة والعقلانية للدبلوماسية الكوردية لأستمرار العلاقات مع الدولتين.
ان امتلاك منظومة دبلوماسية قادرة على ضمان مصالح الاقليم وشعبه ومصالح الاضداد في المنطقة بحاجة الى سياسة عقلانية وحكمة فاشقة وكياسة في التعامل مع الملفات الشائكة واعتقد ان حكومة الاقليم الاقليم والدبلوماسية الكوردية حققت نجاحات تفوق التصورللحفاظ على كيان الاقليم وعدم وقوع اية ثغرات في منظومة علاقاتها الدبلوماسية، وما تزاحم قادة الدول على زيارة اربيل وعقد المؤتمرات الحساسة فيها الا دليل على ان اربيل اصبحت محطة دبلوماسية لاتقل عن عواصم المنطقة ان لم تفوقها.

لذلك ليس من المبالغة اذا قلنا ان سياسة وحنكة قادة الاقليم ومنظومته الدبلوماسية نجحت في ادارة الملفات الاقليمية والدولية افضل بكثير من المنظومة الدبلوماسية لدول المنطقة رغم انها دول مستقلة معترف بها دوليا و تمتلك أمكانيات هائلة ولها مساحة كبيرة للعمل والمناورة في التعامل مع القضايا قياسا بأقليم كوردستان الذي مايزال جزءا من العراق الاتحادي ويواجه تحديات محلية واقليمية جمة.