23 ديسمبر، 2024 5:40 ص

الخيمة والمنطقة

الخيمة والمنطقة

تشكل مشاركة السيد مقتدى الصدر أتباعه الاعتصام مرحلة متقدمة بعد مراحل المطالبات و التظاهرات و الاعتصامات ، للضغط على الكتل السياسية و الحكومة لاعتماد ما طرحه من رؤية إصلاحية أُعدت من قبل لجنة من الأكاديميين و الخبراء في مجالات مختلفة من المعرفة و العمل … خطوات الصدر اتسمت بمستوى عالي من التنظيم و السلمية راعت حتى عدم إزعاج السكان الذين يقطنون منطقة الصالحية المجاورة لمكان الاعتصام و عدم التسبب في قطع الشوارع ، فوتت على كل من أراد أن يجرم هذهِ الفعاليات الاحتجاجية أو يروج لتأثيرها على الأمن و التنظيم العام ، و بالفعل نجحت الجماهير الصدرية و من يشاركهم اعتصامهم إلى ألان بتحقيق الرؤية السلمية و التنظيمية للصدر .
ليس على أحد أن يبحث عن إجابة لسؤال طرحه إجتماع الرئاسات و الكتل السياسية ، و هو : ما هي مطالب المعتصمين ؟ فبكل بساطة ؛ إنّهمْ يُطالبون بما يطالب بهِ السيد مقتدى الصدر ، إلا أن السؤال الأهم هو : هل ما يطالب بهِ السيد الصدر أمر ممكن ؟ و هل ينفع من الناحية الإجرائية أن تكون الرؤية الصدرية مطالب للمعتصمين ؟
بغض النظر عن رؤية الأطراف السياسية الأخرى لرؤية و اعتصام الصدريين من آجل الإصلاح ، التي تشكل كل ما نسمعه من الآخرين تجاه الاعتصامات الاستثنائية التي تقام على مقربة من ثلاث بوابات للمنطقة الخضراء ، يبدو و بشكل جلي أن تحقيق ورقة الصدر الإصلاحية أشبه بالمستحيل في ظل هذه الكتل السياسية التي تشكل السلطتين التشريعية و التنفيذية ، فكل ما يرد من أخبار الخلاف حول فقط التغيير الوزاري ؛ يُدلل بشكل واضح أن إصلاحا جوهريا كالذي يطلبه الصدر أشبه بِمن يطلب البحر في صحراء ، و على الرغم من أن ورقة الصدر تناولت موضوع التشريعات والتعيينات على أساس الكفاءة و المهنية ؛ إلا أن الأجدى أن يستعمل ضغط الجماهير بشكل متتالي لمطالب توضع في سلم أولويات ؛ تبدأ بإعادة كتابة قانون إنتخابات مناسب ؛ و إعادة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، و إلا لا يمكن الوثوق بالكتل السياسية بإنها هي من تتولى إجراء الإصلاحات من غير ضغط .
ممارسة الضغط بالطرق السلمية المنظمة هو الأسلوب الافضل في تحقيق الاصلاحات ، هذه حقيقة أثبتتها التجارب ؛ إلا أن أخطارا تواجه هذا الاسلوب تتمثل في محاولة الكثير من المنتفعين و المغرضين و عبر أساليب شتى لسلب سلمية و تنظيم الاعتصامات ، أبرز هذه الاساليب هو الشائعات ؛ و هنالك أمر آخر هي عمليات الاستغراق في قراءة حيثيات تفرزها وسائل الضغط الشعبي ، فالاعتصام : هو وسيلة من آجل تحقيق الإصلاح ؛ و الإصلاح هو مجموعة التشريعات و الإجراءات التي ينبغي أن تكون واضحة بشكلٍ كبير ، و لا يوجد شيء آخر ، أمام ما يسعى أو يفكر به البعض لرفع مستوى زعامة أو إضعاف و تسقيط زعامات ، فهذا سيشكل مشكلة بنيوية في ذات وسائل الضغط ، و لا يمكن في هذا السياق إنكار ما تروج له أطراف عدة ، فهنالك من يرى أن الصدر يسعى لإن يخلق من نفسه زعامة إصلاحية ، و يضع الاخرين جميعهم في خانة المخربين ، أو أن يرى البعض أن الدكتور العبادي هو الآخر يفعل مثل ذلك عبر إستثمار المطالب الاصلاحية لضرب كل المنافسين الكبار و وضعهم في خانة الفشل و السوء ، و هذا ما جعل الكثير من الاطراف تعترض على إجراءات العبادي التغييرية ، و تطالب بشموله بالتغيير ؛ و هنا لا بد من عملية فصل واقعية بين ( الإصلاح ) و ( الأنا الإصلاحية ) ، و إلا وكما هو حاصل سيضيع الإصلاح و كل الجهود المبذولة من أجله ، وسط صراع الذوات