23 ديسمبر، 2024 4:23 م

الخوف من الفوضى الخوف من الفوضى

الخوف من الفوضى الخوف من الفوضى

قبل ايام التقى السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي بعدد من الاعلاميين والصحفيين ولم أر من بينهم ( نقيب الصحفيين )  وكان استدعائهم كما بثتهُ قناة العراقية اللقاء ليس في تبادل الرؤى حول ما يجري في بلاد من غليان جماهيري ومطالب شعبية حقيقية لم ير مثلها المجتمع العراقي سوى في عام 1948 عندما خرج الشعب ينادي بإلغاء معادة بورتسمورث مع بريطانيا ، ومن شواهدها قصيدة الجواهري العظيم ( أخي جعفر ) والتي كُتبت بحق اخيه جعفر الذي استشهد في هذه التظاهرات . وكنا ننتظر جواهري آخر ليكتب قصيدة رثاء تحمل صورتها الملحمية في شهيد تظاهرات مدينة القرنة هو ( منتظر الحلفي ).

أعاد السيد رئيس الوزراء ذات وتيرة الكلام ونفس صبغة الخطاب ولكن مع تبديل في العبارات وبذات النبرة في كل خطاباته الستة منذ اندلاع الغضب الجماهيري وإلى اليوم .

وبعيدا عما قدمه ( العبادي ) الى جماهيره واغلبه لم يقترب من المناداة الحقيقة للفقراء والمهمشين والمثقفين والعاطلين عن العمل والمنهوب نفطهم وتمرهم وماءهم كما غي الاهوار وهذا ربما في ظروف ووضع كهذا خارج عن ارادته ، فأن التسجيل لم يظهر ممن كنا وما زلنا نعتقد أن المرايا العاكسة للضمير والدمعة المحتجة اي رد فعل أزاء الكثير من التساؤلات التي تسكن نبض الناس وهم يرون بأم اعينهم أن شيئا لم يتغير بمستوى الطموح وأن عليه أن يلجا للخيارات الدستورية الهائلة التي يملكها ليسانده الشعب لا أن يحاول ان يقرب الامر من التحريض على صنع شيء من فوضى الارتباك الذي يمكن ان يتحول الى فوضى الحس الثوري حين يلمح للناس بالخروج بحشد مليوني للمطالبة بأسقاط البرلمان والنظام الرئاسي والسياسي معا وبالتالي يكون هو المفوض بحكم هذه المطالبة المليونية بإلغاء الدستور والبرلمان والتهيئة لخلق البديل القائد للمرحلة الجديدة ( برلمان ورئاسة وكادر اداري جديد لكامل مؤسسات النظام الجديد )

في ظل هكذا اوضاع تسود فيها ومازالت روح الكتلة والطائفية والمذهبية والاسلام السياسي يبدو ان تحولات بهذا الحجم هو ليس انتحارا سياسيا فقط بل دعوة وتهيئة لجرنا الى هوة الفوضى الخلاقة حيث ستتوالد صراعات لا تحصى ونقاد الى حروب ومذابح وتهديم لم يشهد لها العراق مثيلا وكان الاجدر برئيس الوزراء أن يتخذ قرارات تدريجية تتناغم مع المزاج المجتمعي الذي افرزته تغيرات بعد 2003 والذي تم بناءه على الكثير من المبادئ والمرتكزات الخاطئة التي صنعها بول بريمر وادامها وابقت شرعتنها الوزارات التي اتت من بعده والتي من حصيلتها صورة هذا الفساد والنهب الهائل للثروة الوطنية للبلد والتي ترينا ان اغلب سوبرمانات هذا الفساد هم اصلا منتمين الى الاحزاب التي تحكم العراق ومن قادتها او كادرها المتقدم .

اظن ان رئيس الوزراء يعاني من انعكاسات الضغط الجماهيري فرمى الكرة في السلة التي هناك ، وربما هو معذور ، فالرجل ليس لديه عصى موسى ، والتخويل الذي تم منحه اليه من قبل المرجعية والبرلمان يعاني من ضغوطات وعدم رضى المقربين له في الحزب والشركاء في التحالف الشيعي والسني والكثير من سكنة المنطقة ( البنفسجية ) لهذا ذهب الى خيار ان يطلب من الشعب ( لو أراد ) أن يخرج ويطالب بإلغاء الدستور والبرلمان وهو ( رئيس الوزراء ) سينفذ.

صمت جميع الجالسون ولم يعقبوا على هذا المنعطف الخطير ، على الاقل أننا لم نسمع من عقب علنا في التقرير الاخباري ، وهذا في تقديري هو بعض من الصمت وقصور في فهم الاستعجال الذي تمناه رئيس الوزراء وكان بمقدوره ان يبدأ في الاصلاحات من خلال حل الهياكل الادنى والحلقات الفارغة في الشبكة العنكبوتية لهذا النظام ( التعبان ) واهمها مجالس المحافظات  .

عموما ، حتى لانخلق الفوضى ، علينا أن نسير باتجاهين هما ( القرار المنتج والفعل الحكيم )……!