رغم اني لست ضليعاً في عالم السياسة واحاول دوما الابتعاد عن دهاليزها التي كانت ولاتزال هي من تحكم المسار في طبيعة العلاقات بين الاحزاب والتيارات من ناحية تقاسم الغنائم وتنسيق المصالح بما يخدم الاهداف العليا للقوى المتنفذة منها لكن ما لفت انتباهي كثيرا قرار زعيم تحالف القرار العراقي خميس الخنجر بالانسحاب من السباق الانتخابي قبل 40 يوما على انطلاقه..
القرار ..راه البعض بانه انسحاب من سباق انتخابي قد يكشف محدودية القاعدة الجماهيرية للخنجر والبعض الاخر رأى بان تأكيد على حجم الخلافات العميقة بين اقطاب تحالف القرار لكني ارى الموضوع برمته من زاوية اخرى تمثل راي مستقل بعيدا عن اي ضغوط سياسية او تأثرا بحملات الكراهية التي دأبت عليها منابر اعلامية متنفذة منذ 2010 وحتى يومنا هذا..
الخنجر رجل ثري وعلاقاته الدولية فريدة من نوعها ويملك كاريزما جعلت منه رجلا مؤثرا في الشأن العراقي رغم انه لا يملك اي منصب حكومي وكل بياناته ولقاءاته تحظى بمتابعة كبيرة من قبل كل الاطراف وخاصة اعدائه اذن لماذا قرر الخنجر ترك السباق الانتخابي فجأة ؟
من خلال متابعتي لكل الاحداث السياسية المحلية العراقية ارى في الخنجر شخصية غير مالوفة من خلال نظرياته وقراءاته للواقع العراقي العام و جراته المطلقة في طرح القضايا الشائكة بشكل واضح بدون خوف او تردد رغم ان الكثير من طروحاته خلقت له جيوشا من الاعداء من كل الاطياف السياسية ومنها السنية ايضا فهو لم يتردد يوما في كشف جرائم الميلشيات واول من حذر من خطورة داعش الارهابي ودعا الى احتواء انتفاضة المدن الغربية كونها جاءت بمطالب عادلة وحذر من خطورة التهميش والاقصاء السياسي .
الخنجر يملك علاقات وثيقة بالمحيط العربي والاقليمي والدولي وحتى ايران له موقف واضح من تدخلاتها اذا هو رجل غير مألوف بالفعل كون اغلب رجال الاعمال يعتبر مصلحته وثروته فوق كل اعتبار ويمكن ان يتخذ اي موقف من اجل زيادة ارصدته المالية في البنوك الا الخنجر لم يكن كذلك فلقد رأيت بأم عيني مشاريع كبرى في اقليم كردستان انتشلت عشرات الاف من الطلبة من الضياع ناهيك عن مساعدات بملايين الدولارات تصرف شهريا للعوائل النازحة ولولا تلك المساعدات لكان الوضع مرعب وكارثي”.
الخنجر من وجهة نظري لا تهمه المناصب واني مؤمن بان الكثير من القوى قدمت له ما لا يرفض لكنه ببساطة لم يفكر يوما ب الامر فهو يعتبر مساعدة الناس واصلاح العملية السياسية ومكافحة الفساد واعادة النازحين هي امور اكثر اهمية من شغل منصب حكومي هنا او هناك يمنعه من مزواله الكثير من الانشطة والفعاليات.
الخنجر يملك قاعدة شعبية واسعة وفوزه بالانتخابات حقيقة لا جدال فيها لكن يبدو انه اراد التعبير عن رسالة مهمة في التخلي عن هوس السلطة التي لم يكن من اللهاثين وراءها يوما كما انه اعطى المجال للكفاءات الشابة بان يأخذوا ادوارهم في السباق الانتخابي..