26 نوفمبر، 2024 1:24 ص
Search
Close this search box.

الخلافة في الإسلام

الخلافة في الإسلام

مثلما تعددت صور الحكم المدنية في كيفية إنتخاب الرئيس من الشعب أو من البرلمان تعددت هي الأخرى كيفية إنتخاب الخليفة أو قل تنصيبه , ربما لأن الله سبحانه وتعالى لم يحدد تلك الكيفية لأسباب تتعلق بتطورالمجتمعات وربما لله في خلقه شؤؤن , ويومها تعددت الروايات فالبعض قال حدد والبعض الآخر أعتبر هذا التحديد لا يدخل في باب الإلزام ولهذا شهدنا صور متعددة لكيفية تكوين الخليفة .
بعد موت الرسول( ص) تعثر الإتفاق على من يتولى أمور المسلمين فقد كان الناس في حيرة من أمرهم ليس في الكيفية ولكن هل حقيقة أن الرسول مات وهل يموت الرسول حاله حال الآخرين !؟. إذاً من يدير الأمر بعده. ومع تجاوز الصدمة الفاجعة إجتمع رهط من الأنصار والمهاجرين وبعد جذب ورد وصل لحد النزاع والإشتباك تمخض الوضع عن تحديد أبا بكر الصديق(رض) خليفة للمسلمين , في حالة محدودة تشبه لحد بعيد الشورى المصغرة , ولكن شورى كبار المؤمنين من المهاجرين والأنصار وبعض نفر آخر مع غياب كامل لبني عبد المطلب ولهذا شاب البيعة نوع من الرفض غير أن الخوف على بيضة
 الإسلام من التفتت بسبب نزوع بعض القبائل للردة جعل المسلمين يرتضون ما حصل في سقيفة بني ساعدة .
وعند شعور الخليفة الأول بدنو أجله وقياسا على ما شهدته بيعته أراد الرجل أن يحسم الموضوع بالوصية ,لذلك إستدعى كاتبه المفضل عثمان بن عفان وطلب منه أن يكتب ما يملي عليه , قال الخليفة أكتب من أبي بكر الصديق خليفة رسول الله محمد بن عبد الله , وهو في آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة أناب لخلافة المسلمين …
وتقطع صوته وأخذته سكرة بين الموت والحياة , ظنها عثمان أنها سكرة الموت الأخيرة . تلفت يمنة يسره وحدق بوجه الخليفة وأمتزجت جملة أفكار برأسه ربما لحديث قديم جديد حول الخليفة القادم في حالة وفاة الرجل فأكمل
… وليت عليكم عمر بن الخطاب .
وفجأة رجعت أنفاس الرجل المحتضر , وعاد لكاتبه يسأله أين وصلنا , وبين تلعثم عثمان ويقينية أبي بكر عن ما وصلا إليه في تلك اللحظات السريعة الفاصلة قال : ظنتتك قد مت فأكملت , وقرأ التكملة . رد الخليفة لقد كتبت ما في نفسي .
وهكذا صار عمر بن الخطاب (رض) الخليفة الثاني , وهو يعرف الكيفية التي أوصلته , ولما حضرته الوفاة كان لابد من رد الجميل سواء كان هو السبب أو عامل مساعد للعملية , على كل حال كانت مشاعر عثمان مع عمر فلتكن هذه المرة مشاعر عمر مع عثمان , ولكن بصيغة أخرى .
شكل الخليفة هيئة إستشارية بمفهوم اليوم من ستة من أقطاب الصحابة وطلب منهم الإتفاق على أحدهم وخلال ثلاثة أيام .
وهكذا جاء الخليفة الثالث عثمان بن عفان , غير أن الرجل لم يصمد تجاه الهيجان الذي دمر حياته نتيجة الأخطاء في تعين العمال وتجاوز الولاة وتحكم الولاء الأموي وإستشراء حالة الفلتان , فكانت حادثة قتله , وبعد صراع طويل بين المكونات إبتداء بمناقشة القتل وكيفية إنتخاب خليفة لتدبر حالة الأمة صارت بيعة علي بن ابي طالب(ع) بيعة تكاد تكون الأبرز بين البيعات السابقة قوة لأنها كانت بيعة الشعب كله , فقد توافدت القبائل من الأمصار البعيدة والقريبة ووضعت الرجل بموقف لا يحسد عليه أما الموافقة أو إنفراط حبل الأمة . وهكذا جاءت البيعة الرابعة .
وكأي خليفة جديد عنده وجهة نظر في كيفية إدارة الأمصار , كان مطلوبا منه إعادة النظر بعمال الأقاليم كضرورة مرحلية وإجراء يوفق بين المطالب المتصاعدة ومصلحة الأمة من خلال تغيير الوجوه لأنها تكاد تكون السبب في تفجر الثورة على الخليفة الثالث أو أحد أسبابها وشمل الإجراء الأمصار بضمنها عامل الشام , غير أن معاوية بن أبي سفيان الذي تولى العاملية من زمن عمر بن الخطاب , رفض إجراء الخليفة بتبديله بل تجاوز في إعلان نفسه خليفة على الشام وما حواليها .
من الناحية السياسية يعتبر الإجراء الأموي تمرد على سلطة الخليفة وبالتالي يعتير أول أنشقاق على دولة الخلافة , لأنه أسس وجود دولتين والأكثر من ذلك صارت دولة الشام دولة وراثية تداولتها بني أمية . حتى إنتهاء دولتهم .إنها عودة للقبيلة وعصبة الدم وحنين لمشيخة الماضي متشبها بما كانت عليه دولة فارس والدولة الرومانية والبيزنطية .
رغم تعدد صيغ إنتاج الخليفة بحقبة زمنية ليست طويلة بعد وفاة الرسول لكن الذين توارثوا الخلافة خاصة من الراشدين كانوا من اؤلئك الذين خصهم الله بقوله الكريم : السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم . (صدق الله العظيم )
بعد ألف وأربعمائة عام ونيف من الهجرة النبوية صار الإسلام دين أكبر من أن تحدده دولة بحدود جغرافية وصار الخيار المعاملة الحسنة , أما اليوم يظهر نكرة ليس له في الدين غير التشويه وحشر المسلمين في زاوية ضيقة أقل ما يقال عنها دموية حاقدة , ترى من فوضه كي يعلن نفسه خليفة للمسلمين , وأي جمهور بارك له الخلافة من أئمة الأمة ووفق أي صيغة دينية , هل إرغام الناس على البيعة وخيارهم بين الموافقة أوالقتل هي البيعة التي يحتاجها المسلمون لتكون لهم دولة متخلفة في وقت وصلت الدول لمستويات في إعطاء الفرد حقوقه , ثم ما هذه العبقرية التي عليها هذا
 المعتوه ليعلن خلافة لا تعرف غير الدم وإنتهاك العرض .
ربنا لا نجد ما نقوله إلا ما قاله عبد المطلب لإبرهة الأشرم عندما جاء لتهديم الكعبة وعبد المطلب يسأل عن أبله : أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه

أحدث المقالات