23 ديسمبر، 2024 9:48 ص

التصعيد المستمر بين قطبي النزاع الرئيسي للسنوات القليلة الماضية السعودية و ايران في منطقة الشرق الاوسط ,اصبح النزاع الاهم و الاخطر بدلا عن الصراع الفلسطيني(العربي) -الاسرائيلي .هذا الصراع الجديد و الذي بدأ يتضخم و يطفو للسطح و كأنه جبل جليدي عملاق ,يخفي مخاطر عظيمة لم تتبين بعد قد تصيب المنطقة كلها و تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على حياة الناس فيها .من بوادر هذه المخاطر هو ما حصل من صدع جليل بين علاقات الاشقاء و الذي تطور بين ليلة و ضحاها الى ما يشبه الحرب .كما يبدو ان دولة قطر تريد ان تنتهج خطا ثالثا موازيا للخطين السعودي و الايراني ,لا يتقاطع مع اي منهما ,بحيث تبقى فيه قطر على مسافة واحدة من كليهما.السعودية تظن بأن سياسة قطر يجب ان تكون امتدادا لسياستها و انها الاخ الاكبر في علاقتها بقطر و علاقتها بدول الخليج العربي الاخرى . و ان خروج اي دولة خليجية في سياساتها و خاصة الخارجية عن فلك و مدارات السياسة السعودية سوف يقابل بعقوبة سعودية تتفق حدّتها مع عمق هذا الشرخ .الموقف القطري كما يبدو لصانعي السياسة السعودية و كانه شرخ عميق في موقف الاخ الاصغر قطر اتجاه السعودية الاخ الاكبر , و لابد من صنع ردّة فعل كبيرة توازي هذا الشرخ العميق .السعودية لا تريد ان تصبح قطر عمان اخرى على حدودها الشرقية و خاصة لان قطر اصبحت في السنوات الاخيرة الماضية قوة لا يستهان بها اعلاميا و سياسيا و اقتصاديا , و لها ميادينها و وسائلها الطويلة الباع في ايصال رسالتها و رسالة مواقفها من الامور محليا ,اقليميا و عالميا .اي ان ابتعاد قطر و لو قليلا عن فلك السياسة السعودية قد يدفع الكويت مثلا لانتهاج نفس المسار و هذا ما لا تريده السعودية ,لانها تعتبر كل دول الخليج امتدادا لها و لسياساتها داخلية كانت ام خارجية.
قطر ستدفع سعرا معينا الان و لكن هذا السعر سوف يتضاعف مرات عديدة ان استمرت كدول الخليج الاخرى تدور في نفس مدارات السعودية .لذلك فأن خطوة قطر الان اعتبرها خطوة حكيمة ستجني منه قطر الكثير مستقبلا.الخط الثالث و تحديد مساره الموازي لطرفي النزاع هو الحل الامثل ,لقطر و عمان و الكويت و العراق بعد تعافيه و شفائه.على حكام و قادة قطر الحكماء مساعدة العراق و بقوة لانتشاله عمّا وضع نفسه فيه .العراق القوي سيمثل امتداد مهم لدور قطر في المنطقة و سيعطي زخم قوي للابتعاد عن مدارات السياسة الايرانية و التي ربطته في فلكها .العراق المعافى سيكون ركيزة مهمة جدا في صنع و ديمومة هذا الخط الثالث.في هذا الوقت الصعيب على قطر و اهلها ,يجب على شعوب المنطقة و خاصة الواعية منها الوقوف و بقوة مع قطر و اهلها لاجل صنع هذا الخط الثالث ,و ان ارادت السعودية او ايران التصعيد اكثر فعليهما مواجهة احدها الاخر في ساحة المواجهة و بشكل مباشر بدلا من استمرارهما بأشعال فتيل الحرب في بلدان و شعوب لا ناقة لها و لا جمل في هذا الصراع البغيض على الحكم.فهذا الصراع ليس صراع ديني او ايديلوجي كما يصوره المتصارعان و انما هو صراع على الحكم و صراع على من يجني اكثر في الهيمنة على المنطقة كلها .الشعب العراقي و بعيدا حتى عن حكومته قد يلعب دور رئيس واضح و مهم في بلورة هذا الخط عن طريق دعم قطر.
الخط الثالث هو الحل الامثل في المنطقة للابتعاد عن مخاطر تعنت و رعونة الخطين الاخرين ..