23 ديسمبر، 2024 1:42 م

الخطوط العامة لسياسة ترامب الخارجية

الخطوط العامة لسياسة ترامب الخارجية

(هذه المقالة: ليست مقالة رأي.. بل هي خطوط عامة ومؤشرات مستندة على وثائق وتوجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقادة الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين) ..
عملية صنع القرار الخارجي :
ـ ابتداءً نقول : اتخاذ قرارات السياسة الخارجية تمثل عملية معقدة.. ونتاج تفاعل أربعة أطراف أمريكية.. هي: وول ستريت (شارع المال والمصارف).. ودائرة المخابرات المركزية.. ووزارة الدفاع.. ووزارة الخارجية ..
ـ لن يمر قرار هذه الحكومة المصغرة إلا عبر (مجلس الأمن القومي) في مرحلته الثانية في صنع القرار السياسي الخارجي الأمريكي.. يتكون هذا المجلس من مجموعة الأفراد القياديين الذين يشكلون عصب السياسة الخارجية الأمريكية.. ويتكون من الرئيس الأمريكي رئيساً.. وعضوية كل من : نائب الرئيس.. ووزير الخارجية.. ووزير الدفاع.. ورئيس هيئة الأركان المشتركة.. ومدير المخابرات المركزية.. وعدد من المستشارين الآخرين من اختيار الرئيس: مثل: مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي.. ومستشار الرئيس للسياسة الخارجية.. ونائب وزير الخارجية.. ورئيس هيئة موظفي البيت الأبيض.. وسكرتير هيئة موظفي البيت الأبيض..
ـ القرار النهائي الخارجي يختاره الرئيس الأمريكي وأجهزته من بين عدة خيارات تقدم إليه في المرحلة النهائية من عملية معقدةٍ تتشكل في ثناياها السياسة الأمريكية.. إذ تساهم مجالسُ مهمةٌ في تخطيط السياسة الأمريكية.. مثل: مجلس العلاقات الخارجية.. ومؤسسة بروكنجز للأبحاث.. ولجنة التنمية الاقتصادية.. ومؤسسة راند للأبحاث.. ومعهد هيدسون للأبحاث.. وأدوات المخابرات المركزية.. ودوائر مكتب التحقيقات الفيدرالي.. وتضم تلك المجالسُ شخصياتٍ في قمة السلطة تمثل: الحكومة.. والشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية متعددة الأنشطة.. والبنوك.. والمؤسسات الصحفية.. ورجال القانون.. والشخصيات الإعلامية التي تعد الرأي العام داخل وخارج الولايات المتحدة لإحداث التغيير المطلوب ..
ـ مرحلة الترويج والتشريع : حيث تأخذ اللجان الخاصة التي يشكلها الرئيس لتقدِّم دعمًا إضافيًّا في تقرير ما انتهتْ إليه معاهدُ الأبحاث ومجموعات التخطيط.. لتبدأ عملية الطرح على الشارع الأمريكي في شكل عينات من المجتمع.. ثم تظهر تلك المخططات في شكلها التشريعي على هيئة قوانين ولوائحَ.. تتضح معها مظاهرُ التعددية السياسية الذي تتباهى بها نظريةُ السياسة الأمريكية ..
مما تقدم فان الرئيس الأميركي والأجهزة التي تساعده في اتخاذ القرار هو صاحب القرار النهائي.. وكل المؤسسات الأخرى تضع أمامه خيارات توضح فيه السلبيات والايجابيات لكل خيار ..
سمات شخصية ترامب وتأثيراته في إدارة الحكم والسياسة الخارجية :
ـ إذن فسمات شخصية الرئيس وتوجهاته.. وتركيبة الفريق المتعاون تفرض حدوداً في إمكانية إجراء تغيرات جذرية في إدارة الحكم.. وفي السياستين الداخلية والخارجية للبلاد..
ـ فدونالد ترامب شخصية استثنائية عما سبقوه في الرئاسة الأمريكية ..
ـ فهو لم يكن من الطبقة السياسية التقليدية.. ولم ينل إجماع الحزب الجمهوري ..
ـ واستثنائي في خطابه الصريح والجريء.. والخارج عن المألوف ..
ـ وهو ليس شخصية أيديولوجية.. بل شخصية براغماتيه .. (1) ..
ـ وبهذا الخطاب والسلوك كشف زيف مراكز الاستطلاع والدراسات وتبعيتها ..
فشخصية الرئيس الجديد سيكون قوي الشخصية والإرادة في فرض آرائه.. وتتجسد قوة شخصيته إضافة الى ما تقدم في إصراره بلا هوادة أمام الاستمرار في سباق الترشيح وخوض المسابقة الى نهاية المطاف.. ولم تثنيه كل استطلاعات الرأي العام بفوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية بفارق كبير.. ولم يظهر استطلاع واحد بفوزه في الانتخابات.. وحتى موقف العديد من قادة الجمهوريين برفضه.. كل ذلك يؤكد قوة شخصيته وقناعته في أرائه وإصراره على تحقيقها ..
قد يجري بعض تعديلات على أطروحاته الانتخابية.. لأسباب عملية.. لكنه سيسير في الخط الذي اختطه لنفسه.. وقد يواجه صعوبات كبيرة.. لكن ما يعزز قوته سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ ..
الخطوط العامة في السياسة الخارجية لترامب :
أولاً : سياسته تجاه داعش :
ـ تبنى ترامب سياسة إزاء تنظيم داعش تنظيم .. فلا خيار سوى هزيمة داعش ..
ـ بإرسال ثلاثين ألف جندي أمريكي الى سوريا والعراق للقضاء على هذا التنظيم ..
ـ وبوجوب وجود الجيش الأمريكي بالمناطق الآمنة لاستيعاب اللاجئين والنازحين..
ـ وضرورة أن تساعد القوات الأمريكية في مساعدة دول الخليج ..
ـ التعاون الدول لقطع تمويله وتوسيع المعلومات الاستخباراتية والحرب الإلكترونية:
ـ لتعطيل دعايته وجهوده تجنيد أعضاء جدد.. ضرورة هزيمة إيديولوجية الإرهاب :
ـ الوهابي المتطرف الذي ترعاه السعودية مثلما حققت أمريكا فوزا في الحرب الباردة..
ثانياً : الشرق الأوسط :
ـ يتبنى ترامب سياسة مختلفة إزاء الشرق الأوسط الرئيس الحالي باراك أوباما..
ـ لا يقتصر هذا الاختلاف بين سياسات الجمهوريين والديمقراطيين في الحكم ..
ـ فترامب يرى أن بلاده سبب حدوث الفوضى في الشرق الأوسط بغزوها للعراق..
ـ بتدخل إدارة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون عسكريا ..
ـ في ليبيا للإطاحة بالقذافي كان أسوا خطأ.. والإطاحة بمبارك في مصر ..
ـ واعتبر أن السعي لتغيير النظام في سوريا سببا في تقويض استقرار العالم …
ـ سيواجه ترامب الرئيس الجديد كل هذه الملفات الهامة في الشرق الأوسط ..
ـ من يؤدي إلى تغيير كبير في خريطة المنطقة والتحالفات وتوازنات القوى فيها..
ـ تعزيز الدور المصري والإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط ..
ـ انتهاء ألازمة اليمنية والبحرينية وتعزيز الدور الأمريكي فيهما..
ـ تعزيز القواعد والأساطيل العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج..
ـ في مقابل دفع دول الخليج العربي الأموال لأمريكا لحمايتها ..
ـ تعزيز السلم في لبنان.. ودعم حكومة لبنان وميشيل عون ..
ـ دعم المعارضة الديمقراطية في داخل إيران بشكل قوي ..
ـ دعم الاستقرار في المغرب العربي وتعزيز الدور الأمريكي فيها..
ثالثاً : العراق :
1ـ توعد دونالد ترامب بإنهاء داعش في العراق خلال 100 يوم ..
ـ ويبدو إن كل الخطوط مفتوحة أمامه ومنها إرسال قوات أمريكية ..
ـ تعزيز الاستقرار ودعم إقامة حكومة عراقية صديقة لأمريكا ..
ـ ليس في قاموس ترامب تقسيم العراق بل بوحدته للسيطرة عليه..
ـ ولن يمانع في استقلال إقليم كردستان شرط موافقة حكومة بغداد..
ـ وأكد ترامب لرئيس الوزراء العراقي ألعبادي: (انتم شركاء أساسيون لنا :
ـ وستجدون دعما قويا وراسخا.. العراق سيكون محرك المنطقة وأساسها)..
رابعاً : سوريا :
ـ أعلن ترامب صراحة أن أولويته القضاء على داعش في سوريا ..
سوريا :
ـ أكد إنه ما يجب التركيز عليه بشكل أكبر هو داعش وليس سوريا..
ـ مؤكداً إن التدخل الأمريكي في الصراع السوري له عواقب وخيمة على بلاده..
ـ ورفض ترامب السياسة الأمريكية الحالية.. لم تعد في حرب مع سوريا فقط..
ـ بل أصبحت تحارب سوريا وأوروبا وإيران.. مشيرا على أن روسيا بلد نووي..
ـ وقال عن الأسد بالنسبة له يمثل مسألة ثانوية مقارنة بتنظيم داعش ..
ـ وليس القضاء على الرئيس السوري بشار الأسد ..
ـ ورفض الحديث عن “المعارضة المعتدلة”.. بقوله: من هم هؤلاء؟
ـ أكد إن إيران التي تزداد نفوذاً.. بسببنا.. والواقفة في صف سوريا ..
ـ فإذا هاجمت أمريكا الأسد فهذا يعني “في النهاية إننا نقاتل روسيا..
ـ ورفض شجب الحملة العسكرية الروسية في سوريا ..
ـ وشدد ترامب على أن موسكو تقاتل ضد “الجهاديين” ..
خامساً : إيران:
ـ إعادة النظر في اتفاقية البرنامج النووي الإيراني وتعديل بعض بنوده ..
ـ ومجلس النواب الأمريكي الجديد يصوت على بتمديد للعقوبات 10 سنوات
ـ لغاية العام 2026 على إيران.. حول برامجها الخاصة بتجارب الصواريخ :
ـ ودعم ألإرهاب.. إضافة الى منع بيع طائرات مدنية لإيران أيضاً ..
ـ العمل على تحجيم الدور الإيراني في العراق والمنطقة ..
ـ إيجاد المبررات لاتخاذ خطوات لحصار الاقتصاد الإيراني ..
ـ وقد يغض الطرف من ضرب إسرائيل لمفاعلات إيران النووية الإيرانية..
سادساً : دول الخليج العربية :
ـ ستكون دول الخليج العربية بقرة حلوب في سياسة ترامب الدولية ..
ـ فحمايتها الأمريكية بالقواعد والأساطيل ستكون بدفع أجور الحماية..
ـ فلم يعد النفط سلعة إستراتيجية لأمريكا.. فأسعاره ستستمر متدنية ..
ـ وستستمر الاستكشافات الحديثة للنفط والغاز ليغطيا معظم دول العالم..
ـ وتعد ترامب بتأمين الاستقلال الكامل بمجال الطاقة بدلاً من استيراد الخامِ ..
ـ موقف ترامب هذا يأتي في وقت تواجه السعودية ضغوطاً اقتصادية منذ عامين..
ـ مؤكداً إنهاء حرب اليمن التي تقودها السعودية التي تسعى للسيطرة على نفط :
ـ اليمن وثرواته الطبيعية.. وليس أي شيء آخر.. مهددة بذلك السلم في المنطقة..
ـ وتبقى علاقة أمريكا قوية مع دول الخليج ضمن توجهات الجمهوريين ..
سابعاً : إسرائيل :
ـ أكد ترامب ضمان التفوق العسكري لإسرائيل.. والمساعدات العسكرية الأمريكية:
ـ البالغة 38 مليار دولار خلال 10 سنوات غير كافية خاصة بعد التحديات الكبيرة..
ـ التي تواجهها إسرائيل مثل الملف النووي الإيراني وتنظيم داعش الإرهابي ..
ـ مؤكداً إن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب أبدية …
ـ وسينهي التعامل مع الإسرائيليين كمواطنين من الدرجة الثانية ووقف التعامل مع :
ـ اليهود كمواطنين من الدرجة الثانية.. ووقف التحريض ضد اليهود..
ـ معتبراً الصراع الإسرائيلي “حربا بلا نهاية”.. ولابد من حل :
ـ ويجب عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.. “الصفقة الأعظم ” ..
ـ فهو يريد إبرام هذه الصفقة.. لصالح البشرية جمعاء كما قال ..
ثامناً : الاتحاد الأوروبي :
ـ قابل قادة الدول الأوروبية ببرود واضح نبأ فوز ترامب للرئاسة الأمريكية:
ـ الذي يثير في اعتقاد قادة الاتحاد الأوروبي كراهية أيديولوجية وسياسية..
ـ فترامب سيضع على المحك علاقات بلاده مع بالاتحاد الأوروبي ..
ـ الاتحاد الأوربي أقر مؤخراً خطة دفاعية في ضوء انتقادات ترامب ..
ـ وترامب عبرً بضرورة مواصلة التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو ..
تاسعاً : بريطانيا :
ـ تعاون أفضل مع بريطانيا في المجالات كافة.. وقد وجه ترامب الدعوة:
ـ الى تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية لزيارة أمريكا بأقرب فرصة..
عاشراً : روسيا :
ـ شدد ترامب على تطبيع العلاقة مع روسيا بوتين.. وما يترب على:
ـ الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا.. ولم يتهم ترامب روسيا ولا..
ـ مرة واحدة بهجمات هاكرز ضد بلاده.. كما فعلت السلطات الأمريكية ..
ـ إنهاء سياسة الشد وتعزيز التعاون مع روسيا في المجالات كافة ..
أحدً عشر : الصين :
ـ انتقد ترامب سياسة أوباما في آسيا.. التي تعتبرها بكين مهددة لمصالحها..
ـ مما يفتح المجال بينهما الى تعاون اقتصادي وسياسي متعدد الأطراف..
ـ بالمقابل لوحً ترامب بشن حرب تجارية على الصين والمكسيك واليابان..
أحد عشر: اليابان.. وكوريا الجنوبية :
ـ أكد ترامب مرات عديدة أن على اليابان وكوريا الجنوبية ألاهتمام بأمنهما..
ـ على خلفية التهديد النووي المحتمل لكوريا الشمالية لهما ..
ـ بالمقابل تعهد دونالد ترامب لكوريا الجنوبية بالالتزام بالدفاع عن أمنها ..
اثنا عشر : المكسيك :
ـ اتهم المكسيك بارسال مهربي مخدرات ومجرمين ومغتصبين الى بلاده..
ـ وهدد ترامب المكسيك بعزلها عن بلاده بجدار على الحدود بينهما ..
ـ لإيقاف الهجرة الى بلاده.. وتتحمل المكسيك تكاليف بنائه ..
ـ مما سينعكس ذلك سلباً على المكسيك اقتصادياً وسياحياً ..
ـ أكد ترامب بعد فوزه بمنصب الرئاسة الأمريكية انه سيطرد ( 3 )ملايين :
ـ مهاجر.. الذين لديهم سجل إجرامي.. وأفراد عصابات.. وتجار المخدرات..
ثلاثة عشر : كوبا :
سيستخدم ترامب كل أدوات القوة الناعمة (المال ووسائل الإعلام وخلق منظمات تحت يافطة حقوق الإنسان).. لنشر مفاهيم الليبرالية والحرية في كوبا في صفوف الشعب الكوبي.. وإنهاء النظام الشيوعي المتشدد.. أو تحويله الى نظام منفتح يتعامل مع أمريكا.. هذا ما أعلنه ترامب بعيد وفاة الزعيم الشيوعي فيدل كاسترو ..
__________
1ـ براغماتية ..(ذرائعية):
براغماتية: اسم مشتق من اللفظ اليوناني :- براغما :- ومعناه العمل.. وهي مذهب فلسفي ـ سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة.. فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره.. وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة.. وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمل.. والبراغماتيون لا يعترفون بوجود أنظمة ديمقراطية مثالية.. إلا أنهم في الواقع ينادون بأيديولوجية مثالية مستترة قائمة على الحرية المطلقة.. ومعاداة كل النظريات الشمولية وأولها الماركسية ..